تعيش جل مكاتب البريد الواقعة على مستوى ولاية الجزائر العاصمة، عشية عيد الفطر المبارك من كل سنة، اكتظاظا واسعا وطوابير تعود بنا لسنوات الثمانينات الأزمة الاقتصادية حيث باتت العائلات القاطنة بالولاية تسارع عقارب الساعة لاستخراج مبالغها المالية و أجرة الشهر '' الشهرية '' من مراكز ومكاتب البريد، في صورة نمطية صرنا ننتظر حدوثها مع اقتراب نهاية كل شهر رمضان، بغية اقتناء حاجيات ومستلزمات عيد الفطر المبارك من ملابس و أحذية وإكسسوارات '' كسوة'' و مستلزمات صنع الحلويات خصوصا وأن ما لا يقل عن أسبوعين فقط يفصلنا عن عيد الفطر المبارك. بعد أقل من أسبوعين عن حلول عيد الفطر المبارك، خرجت '' الحوار'' في جولة ميدانية إلى بعض مراكز ومكاتب بريد ولاية الجزائر، للإطلاع على الأجواء التي تعيشها هذه الأخيرة بمناسبة اقتراب موعد العيد المبارك، الذي تستعد له العائلات الجزائرية كافة والعاصمية خاصة بطريقة مميزة، على غرار باقي شعوب العالم الإسلامي. وهناك وقفت على حجم الفوضى والإكتظاظ والطوابير اللامتناهية التي تتخبط فيها مكاتب البريد بكل من الرويبة، الرغاية ، عين البنيان، براقي، برج الكيفان ..الخ، نتيجة ضيقها وعدم توفر الخدمات التقنية والضرورية بها كمقاعد الانتظار من جهة و لاستقبالها كم هائل خلال المناسبات الدينية والوطنية كرمضان والعيد من جهة أخرى. مكتب بريد واحد بالرويبة غير كافي لاستيعاب كثافة البلدية توجهنا في حدود الساعة ال 0.0 11 صباحا إلى المكتب الواحد والوحيد ببلدية الرويبة هذ البلدية التي يفوق عدد سكانها 70 نسمة، وتعتبر أهم دائرة وبلدية بولاية الجزائر لمكانتها الاقتصادية فهي تضم أكبر منطقة صناعية في الجزائر بالإضافة إلى موقعها المتميز فهي ملتقى عدة بلديات ونقطة ربط ، كما أنها تضم ملعبا بلديا كبيرا وميناء جافا وتبعد 20 كم عن الجزائر الوسطى، ومع ذلك لا تتوفر بلديتها سوى على مكتب بريد واحد وضيق، لايقدرعلى تحمل الأعداد الهائلة للمواطنين الذين يقصدونه لإستخراج سيولتهم النقدية، لاسيما خلال المناسبات كالأعياد مثل عيد الفطر المبارك الذي سيطرق أبوابنا بعد أقل من أسبوعين. أثناء وجودنا هناك التقينا مجموعة من المواطنين وكان لنا الحديث مع بعضهم، هؤلاء أعربوا لنا عن استيائهم الشديد كلما قاموا بالتوجه لهذا المكتب البريدي لاستخراج مبالغهم المالية ، وذلك نظرا لضيقه وتدني الخدمات به إن وجدت طبعا ، حيث قال الشاب إسماعيل '' أصبحت أكره الذهاب لهذا المكتب البريدي للطوابير اللامتناهية التي يشكلها المواطنون القاصدين لهذا الأخير من مختلف أنحاء البلدية، و أيضا لتدنى الخدمات به وضيق مقره'' ووافقه القول مجموعة المواطنين هناك. إكتظاظ رهيب ومعاناة بمكتب بريد الرغاية غير بعيد عن منطقة الرويبة توجهنا الى بلدية الرغاية التابعة اداريا للرويبة في حدود الساعة ال 30.12 ، هناك سجلنا ما يعيشه هذا الأخير من اكتظاظ جد رهيب للمواطنين من داخل شبابيك المكتب وصولا الى قارعة الطريق ، الواحد تلو الأخر يصطفون و كأنه في البقاع المقدسة لتأدية مناسك الحج تحت حر أشعة الشمس اللاذعة وجفاف الحلق نظرا للصيام المفروض علينا في هذا الشهر الفضيل، اقتربنا من بعضهم بصعوبة كبيرة للتحدث معهم ، نظرا للاكتظاظ والازدحام الرهيب، هؤلاء وضعهم لا يحسد عليه بتاتا سواء الذين مصطافين بداخل المكتب أو بخارجه لأنه يعانون من مشكلة واحدة الإكتظاظ وارتفاع درجات الحرارة دون وجود مكيفات أو واقيات أو كراسي لأخذ قسط من الراحة قبل حلول دورهم، إذ يسابق هؤلاء المواطنون عقارب الساعة لاستخراج مبالغ مالية، من أجل اقتناء حاجيات العيد قبل فوات الأوان. توجهنا نحوهم وكان لنا الحديث معهم، حيث أعربوا عن استيائهم الشديد والواضح من الوضعية الكارثية التي يعيشها المكتب البريدي الضيق والذي يستقطب يوميا مئات المواطنين من مختلف الأحياء، وأثناء تواجدنا اغتنموا الفرصة ليجددوا مطالبتهم للسلطات البلدية والمعنية بغية التدخل العاجل لإيجاد حل لهذه الوضعية الذي أرهقتهم كثيرا، حيث يضطر معظمهم إلى تحمل الوقوف لساعات طويلة من الزمن وسط الاكتظاظ والازدحام، بسبب ضيق المقر وكثرة عدد المتوافدين عليه وهذا ما لا يمكن احتماله. أعطاب في جهاز الكمبيوتر وعدم توفر السيولة المالية حجج حفظها المواطنون عن ظهر قلب ببريد''بدرانة'' دائما ببلديات شرق ولاية الجزائر العاصمة، وبالضبط بمنطقة برج الكيفان بحي '' بدرانة''، حيث يشتكي قاصدو مكتب البريد المتواجد بهذا الحي، من الوضعية الكارثية التي يعرفها هذا الأخير، نتيجة قلة الخدمات به وضيق المقر وعدم قدرته على استيعاب طلبات السكان الذين يتوافدون عليه من الحي والأحياء المجاورة، خاصة خلال هذه الأيام الفاصلة عن حلول عيد الفطر المبارك. إذ يعمل المكتب البريدي ''بدرانة بشباك واحد '' فقط لكشف الرصيد وسحب المبالغ المالية، ما يسبب اكتظاظا كبيرا بالمواطنين ويؤدي في أحيانا كثيرة إلى تسجيل حالات إغماء لبعض كبار السن ومرضى الربو - على حد تصريحات من التقيناهم -. وما زاد الطين بلة إلى جانب كل النقائص التي يعرفها المكتب هو حدوث عمليات السرقة، حيث يلجأ بعض اللصوص إلى اغتنام فرصة الازدحام والاكتظاظ للسطو على جيوب الناس، مثلما وقع لإحدى الشابات التي فقدت هاتفها النقال وسط الازدحام. في سياق مماثل صرح بعض المواطنين ل''الحوار'' أنهم يضطرون أحيانا للانتظار ساعات طويلة دون سحب أموالهم بسبب أعطاب في جهاز الكمبيوتر أو عدم توفر السيولة المالية، كما يفتقر المكتب للموزع الآلي عن طريق بطاقة سحب الأموال، وهو ما يدفع بالمواطنين إلى التنقل للمكاتب البريدية بالبلديات المجاورة. فوضى عارمة وضغط كبير ببريد عين البنيان من البلديات الشرقية الى الغربية، مع بلدية عين البنيان، هذه الأخيرة يعيش مكتبها البريدي ضغطا كبيرا بسبب إقبال عدد هائل من سكان أحياء البلدية عليه، بغية استخراج مبالغ مالية لمواجهة طلبات ومستلزمات عيد الفطر المبارك الذي لم يعد يفصلنا عنه سوى أسبوعين على الأقل . و يأتي هذا الضغط نتيجة ارتفاع الكثافة السكانية بالبلدية خلال السنوات الأخيرة، بسبب التوسع العمراني المذهل الذي شهدته المنطقة، ما نتج عنه ظهور أحياء جديدة آهلة بالسكان كما هو الحال بالنسبة لكل من حي'' 11 ديسمبر'' وحي ''ميناء الجميلة'' وأحياء أخرى، بالإضافة إلى عمليات الترحيل المختلفة التي كانت باتجاه المنطقة ذاتها، غير أن سكانها لم يستفيدوا من مكاتب بريدية إضافية لخدمة مصالح مواطنيها في ظروف لائقة، حيث يضطرعشرات السكان إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى مكتب البريد لاستخراج مبالغ مالية لتلبية حاجياتهم اليومية. بهذا الصدد أبدى معظم من التقتهم يومية'' الحوار'' هناك، لاسيما الطاعنون في السن ممن لا تقوى أجسادهم على تحمل الوقوف لفترات طويلة تصل في أحيان عدة إلى ساعتين إلى حين مجيء أدوارهم لاستخراج معاشاتهم أو دخلهم، عن إستيائهم الشديد من هذا الوضع الصعب الذي يعيشونه كلما توجهوا إلى مكتب البريد الوحيد على مستوى البلدية استنادا إلى تصريحات بعضهم. بريد ''بن طلحة'' ببراقي بحاجة إلى إعادة تهيئة غير بعيد كثيرا عن عين البنيان بلدية أخرى تقع في الناحية الغربية للولاية، وهي بلدية براقي، هذه الأخيرة الوضعية بها لا تقل خطورة ولا تختلف كثيرا عن سابقتها، نفس سيناريو المعاناة، الاكتظاظ، تدني الخدمات ، وهو الحال الذي يعرفه مكتب بريد '' بن طلحة'' الذي قصدناه أثناء قيامنا بهذا الروبرتاج، وهناك سجلنا شكاوي المواطنين من الطوابير اللامتناهية و الفوضى العارمة نتيجة ازدحام الزبائن وسوء التسيير به، وقد أرجع بعض المواطنين الذين وجدناهم بالمركز المذكور، السبب، الى نقص السيولة النقدية، أمام العدد الهائل والمتزايد على المصلحة الوحيدة على مستوى المنطقة، خاصة أثناء الفترات التي تدفع فيها أجور العمال والمعاشات و المناسبات الدينية كالأعياد، كما يشتكى بعض المواطنين من الأعطاب التي تصيب جهاز الحاسوب الوحيد بالمكتب، ما يؤدي إلى تعطيل مصالحهم. وتبقى المراكز البريدية ببلادنا بحاجة الى إعادة تهيئة وتأهيل وتزويد بالخدمات التقنية التكنولوجية والضرورية.