ليس هناك أصعب من حرمان الأطفال من فرحة العيد، لأنهم بالفعل فرحته بمظهرهم البهيج وملابسهم الجديدة. لكن حين يكون الطفل مريضا وقابعا وراء جدران المستشفى يصعب عليه التمتع مثل أقرانه بفرحة العيد، ولأجل رفع الغبن عن هذه الفئة من الأطفال الذين يعيشون ظروفا استثنائية قامت منظمة الهلال الأحمر للسنة الثالثة على التوالي برفع شعار مبادرة ''لعبة لكل طفل''. كان في مقدور كل طفل مريض قابع بين جدران المستشفى الاحتفال بعيد الفطر المبارك وتلقي هدية العيد، حاله حال كل الأطفال الأصحاء الذين يقضون العيد في بيوتهم بين أهاليهم ، وذلك بفضل المبادرة التي أطلقها الهلال الأحمر الجزائري لإدخال الفرحة على قلوب الأطفال المرضى لأن لا يشعروا بالوحدة والاختلاف عن نظرائهم. المبادرة التي حملت شعار ''لعبة لكل طفل'' لاقت استحسان واهتمام شريحة كبيرة من المواطنين السباقين لأعمال البر، خاصة أنها دامت طيلة شهر رمضان ونالت حظا وافرا من الدعاية الإعلامية على القنوات الإذاعية وغيرها من وسائل الإعلام المكتوبة. ودعت كل المواطنين إلى التوجه صبيحة عيد الفطر إلى أقرب مستشفى وتقديم هدية العيد للأطفال المحتجزين بين جدرانها . وأكثر من ذلك أداء الزيارة لما لها من أثر طيب على نفسية المرضى. وقد جاءت مبادرة الهلال الأحمر الجزائري ليوم العيد كتتويج للبرنامج الثري الذي شمل كل أيام الشهر الفضيل ليختتم صبيحة عيد الفطر بتقديم اللعب والهدايا للأطفال. وبالموازاة مع مبادرة الهلال الأحمر، قامت عدة جمعيات أخرى بتسطير برامج خاصة بالعيد منها جمعية ''سوق'' و''أنيس'' في إطار هدف موحد هو فك العزلة عن أطفال المستشفيات ومساعدتهم على تخطي الإحساس بالمرض وبأنهم مختلفين عن باقي الأطفال الذين لا يفوتون الاحتفال بالعيد. ''مرضى السرطان محرومون في الغالب من العيد بسبب العلاج'' مرضى السرطان، خاصة منهم المرتبطين بمواعيد العلاج الكيميائي والإشعاعي والقادمين من الولايات الداخلية، هم أكثر الفئات ارتباطا بالمستشفيات في مناسبات كهذه، حيث لا تهاون يجوز في التعامل مع حالاتهم. وبالنسبة لمن حالفهن الحظ في الإقامة بدار الأمل فالأمر أهون بكثير فالجو حميمي سواء في أيام رمضان أو عيد الفطر والنزيلات حسب تصريح للسيدة كتاب مسئولة الدار يحظين بالرعاية الكاملة و يكفي إقامتهن مع بعضهن التي تخلق بينهن جوا من الألفة التي لا تختلف عن جو العائلات الحقيقية وما زاد في توطيدها المرض المشترك والمعاناة التي تجعل قلوب المريضات على بعضهن . وتضيف السيدة كتاب: ''لا شيء كان ينقص النزيلات في رمضان الذي يودعنا على خير لنستقبل العيد في نفس الحال ولله الحمد. وللإشارة بإمكان النزيلات استقبال زيارة أهاليهم في الدار مما يدعم حالتهن النفسية ويرفع معنوياتهن إلى جانب العلاج، وبالنسبة للأمهات المريضات فإن الدار تمنحهن فرصة الالتقاء بأبنائهن في العيد، بل والاحتفاظ بالرضع منهن في الدار ممن كانوا في سن تستوجب الرعاية والتربية''. وتؤكد أيضا رئيسة الدار بأنها على يقين بان الخالة النفسية تلعب دورها بشكل كبير في تماثل مرضى السرطان للعلاج فمن المعروف طبيا بأن المعنويات العالية والمرتفعة تساهم إيجابا في محاربة السرطان وشحذ إرادة المرضى بالصبر والجلد إلى حين تخطي الأزمة، في حين أن تردي الحالة النفسية في مناسبات خاصة جدا على الفرد الجزائري بصفة عامة وعلى الأمهات بصفة خاصة مثل عيد الفطر قد يعصف بالحصانة النفسية للمرضى مما يزيد حالتهم سوءا وهو ما تحرص الدار على تجنبه قدر الإمكان. ''بسبب الفقر بعض المرضى مجبرون على البقاء في المستشفى'' ليست الحالة الصحية وحدها التي تجبر المرضى على قضاء أيام العيد بعيدا عن بيوتهم وأهاليهم، بل يتدخل الفقر في أحيان كثيرة ليزيد حالة المرضى سوءا . فبعض الحالات مسموح لها بقضاء إجازة العيد والعودة بعد ذلك إلى المستشفى، إلا أن الحالة الاجتماعية والفقر منعا الكثير منهم من السفر والالتحاق ببيوتهم الواقعة بولايات الداخل بسبب غلاء تذكرة السفر التي لا يقدر عليها الكثير منهم، خاصة القادمين من ولايات الجنوب والمتواجدين بعدة مصالح بمستشفى مصطفى باشا الجامعي منها مصلحة أمراض الأنف والأذن والحنجرة ومصلحة أمراض الكلى والعظام. وبعضهم لا تسمح حالتهم إلا بالسفر عن طريق الجو كما قال عمي رابح المتواجد بمصلحة أمراض الرضوض، لكن ثمن التذكرة ذهابا وإيابا غال جدا لذا فهو يفضل أن يصبر ويصابر ويبقى في المستشفى إلى أن يتم الله شفاؤه .. وإن كان في العمر بقية فسوف يقضيه مع أبنائه وأهله العام المقبل بحول الله. وعلى كل بإمكان كل منا أن يهون عن هؤلاء المرضى بعدهم عن الأهل وأن يجعل من يوم العيد يوما يحمل لهم ذكرى طيبة لا تنسى وبعيدة كل البعد عن الوحدة والكآبة التي قد يعاني منها هؤلاء المرضى لولا مبادرات أهل البر، فلا مانع أن تكون منهم طالما أنها لا تكلف شيئا، في حين أنها تنفع كثيرا.