السادسة ابتدائي ونحن في بداية الموسم التعليمي 2010 -2011 حلقت بي طائرة الحنين إلى أيام الطفولة، يوم كنا نحمل محافظنا ونتسابق إلى المدرسة صباح يوم خريفي تلبدت سماؤه بالغيوم، في مشهد رومانسي ممتد على أراضي قريتنا، وحقولها يومها لم يكن للمدرسة جرس كهربائي، ولكن كان الإعلان عن دخول وقت الالتحاق بالمدرسة يتم بالناقوس وكذلك وُلوجُ الحجرات. كان ناقوس المدرسة بمثابة مؤذن الأطفال؛ كما للكبار مؤذنهم من على مئذنة مسجد القرية، كانت مظاهر الطبيعة في الخريف أقوى المناظر التصاقا بالذاكرة لما لأثر الرجوع من عطلة الصيف إلى المدرسة في بداية الخريف ، وقد بدأ موسم البذر والحرث ، وعودة الطيور إلى الحقول ، وتزينت الروابي بمنظر قطعان الماشية من غنم ، وعنز، وبقر، وقد بدت من بعيد مع رعْيانها . يومها كان التعليم الابتدائي يبدأ من السنة الأولى ابتدائي ويمتد إلى السنة السادسة ابتدائي، ليُختم بامتحان نهاية السنة المؤهل إلى التعليم ما بعد الابتدائي، وكانت ضمن هذا النظام الابتدائي سنة تعتبر بمثابة السنة السابعة تسمى ( cour fin détude ) يخضع المدمجون فيها في نهاية السنة إلى امتحان ما كان يسمى الشهادة الابتدائية، بعدها يوجه الناجحون إلى تعليم يناسبهم منه التعليم المتخصص. هذه المرحلة الأولى من حياة الطفل التعليمية تحتاج إلى سعة من الزمن التعليمي حتى ينمو التلميذ وقد تلقى تنشئة سليمة نفسيا وذهنيا وبدنيا، وتشبع بما قُدم إليه من تربية أخلاقية وفنية وبدنية ومن دروس علمية كالقراءة والكتابة، والإملاء، والحساب (رياضيات) ، وتمرّس في فن التعبير ( الإنشاء) كتابة ، ومشافهة ، وصار قادرا على النهوض بنفسه ، وإعانتها ؛ إذا ما انتقل إلى التعليم المتوسط بعد السادسة ابتدائي التي على الوزارة أن تعيد العمل بها بدلا مما أحدثته من حذف لها وضغط كل الدروس في خمس سنوات، الأمر الذي نتجت عنه إكراهات نفسية ، وبدنية ثم صارت أي الوزارة تفكر في تدارك الخلل بالتخفيف من الدروس في التعليم الابتدائي، وهو حدث إن وقع يكون كمن يعالج الداء بالداء ، بل سيؤدي إلى إضعاف المستوى التعليمي للمدرسة الجزائرية، ولا يعطي أية نتيجة صالحة للتعليم الابتدائي، والرأي الصواب إعادة العمل بنظام الست سنوات في التعليم الابتدائي، وإعادة توزيع برنامج المرحلة الابتدائية على كامل سنواته الست وتتوج هذه المرحلة من التعليم بامتحانات في كل المواد بدلا من بعضها حتى نتأكد من قدرة التلميذ على المرحلة المتوسطة، عوضا عن الانتقال الفلكلوري من الابتدائي إلى المتوسط بامتحان معارفه في ثلاث مواد أو قل نقله على استحياء، خوف افتضاح ضعف الابتدائي. إن الإبقاء على تعليم الفرنسية في التعليم الابتدائي لا يُلبي إلا نزوة أفراد عفا الدهر عن أفكارهم ولم تعد عقولهم تساير الأنماط العصرية لفن التربية والتعليم، والأفيد لتعليم هذه اللغة(الفرنسية) هو نقْلُها إلى التعليم المتوسط لتدرس هناك كما هو الحال مع الانجليزية ، ألم ينجح أبناؤنا في اللغة الإنجليزية وقد تلقوها في المتوسط؟. إن تخصيص التعليم الابتدائي للتدريس باللغة الوطنية في جميع المواد سوف يوسع مجال التعلم دون إكراهات للتلميذ والمعلم ، ولا يشعر الناس بثقل البرامج على أبنائهم. خلاصة القول في شأن التعليم الابتدائي هو العودة إلى نظام السنوات الست ، وجعله خاليا من الفرنسية بنقلها إلى التعليم المتوسط كما هو حال الإنجليزية ، وكفانا استشارة الغرب والشرق . الرابعة ثانوي برومانسية الدخول المدرسي قديما في الابتدائي كان طلبة التعليم الثانوي يعيشون لحظة التحاقهم بالفصول الدراسية ، وكلهم نشوة رغم قوة البرامج الدراسية وكثافة محتوى الكتب، وكانت الدراسة تتم عبر أربع سنوات يتلقى فيها التلميذ علما مؤهلا للإتحاف بمدرجات الجامعة، متمكنا من البحث بنفسه معتمدا عليها، عكس ما هو عليه الحال اليوم، حيث صارت الجامعة أقل من السنة الرابعة ثانوي يوم أن كان التعليم الثانوي بنظام الأربع سنوات . قدمت وزارة التربية برنامجا ادعت ثراءه من حيث المحتوى المعرفي على مستوى التعليم الثانوي عند قيامها بما يُعرف بإصلاح المنظومة التربوية ( تسمية خطأ ولأصوب هو إصلاح مناهج وبرامج وطرق التدريس في التعليم ما قبل الجامعي) ولم يكن هذا الثراء سوى حشو أثقل كاهل المعلم والمتعلم ، حتى انتفض التلاميذ بتحريض من معلميهم وطالبوا بإلغاء بعض الفصول من المقررات، وصادف ذلك إضرابات المعلمين وخافت الوزارة من العواقب فراحت تناور بدعوة أفراد للتوقيع على ما قالت: أنه تخفيف للبرامج بالحذف من التعليم الثانوي ، ولمّا يمر زمن كاف على ما قيل انه إصلاح ، كل هذا الذي إدّعُوا أنه تجديد في البرامج حشروه في زمن مُمْتد على ثلاث سنوات الأمر الذي نتجت عنه إكراهات عانى منها المعلم والمتعلم ، وكاد يؤدي الى انفجار في قطاع التعليم ( أكتوبر آخر) ، وكان الأجدر بالقائمين على ما دُعي إصلاح زيادة عام آخر إلى التعليم الثانوي ليصير ذا نظام بأربع سنوات، ويُعاد توزيع البرامج على السنوات الأربع حتى يشعر التلميذ بالراحة ، وخفة الدروس ، ولا يكون الأستاذ مُرْغمًا على إملاء بعض الدروس لإنهائها قبل انقضاء السنة الدراسية، ودخول فترة الامتحانات ، وحتى تكون الرؤية واضحة ، أقول: ان السنة الرابعة هذه لا ينبغي أن تكون محشوة بالمقرر، بل تكون خفيفة كي تُعْطى الفرصة للتلميذ والأستاذ لتكثيف التطبيقات، بل تُقرَرُ التمارين التطبيقية فيها بنسبة 80 % الى90 % وتأتي على دروس السنوات الثلاث السابقة ، فتكون بمثابة مراجعة شاملة، وتمارين إحْمَاء قبل البكالوريا ، كما تكون فرصة إعداد لالتحاق التلميذ بالجامعة ،مزودا بالمعارف . الخلاصة إن العمل بنظام السنوات الست في الابتدائي بات مطلبا مُلحا لتخفيف الضرر الواقع على التلميذ والمعلم ، وتنظيم امتحانات السنة السادسة ابتدائي في نهاية العام للانتقال إلى الأولى متوسط ، ينبغي أن يكون في كل ما تعلمه التلميذ ، لا في جزء منها ، ومن نافلة القول لا بد من نقل اللغة الفرنسية الى المتوسط لتعليمها تعليما سليما، والكف عن البهلونيات من محاولات حشرها حشرا في مرحلة لم تعد تقبلها ، والنتائج في البكالوريا خير دليل. وأما العمل بنظام أربع سنوات في التعليم الثانوي ، فهو أسلوب بيداغوجي نافع لاسيما أن هذه السنة المقترحة تكون الأعمال التطبيقية هي الغالبة على برنامج السنة كلها، وتمس برامج السنوات الثلاث السابقة ، أي مراجعة لكل ما سبق، وختام لمرحلة تعليمية امتدت 14 سنة.