الأطفال زينة الحياة الدنيا، ويدمعون العين ضحكا أحيانا من طرائفهم غير المتوقعة، منها تلك التي تصدر عن أطفال السنة الأولى ابتدائي في أول يوم دراسي لهم... اعتاد الطفل طوال سنواته الست الأولى أن ينام كثيرا، فيستيقظ عموما بعد الثامنة صباحا ويستفيد من قيلولة بعد الظهر لساعتين أو أكثر، كما يستمتع باللعب واللهو والمرح مع أقرانه متى شاء ولساعات طوال دون قيود، وعند بلوغه سن السادسة، يتغير ذلك النمط المرح من حياته فيتغير بذلك سلوكه كليا، فلم يعد ذلك الفتى الذي لا يقيده زمن في يومه، بل أصبح تلميذا في الصف الأول ابتدائي وأمامه سنوات طوال من الدراسة والامتحانات، ووالداه يتوعدانه إن فشل في دراسته ويمدحانه إن هو نجح... وقت نومه أصبح مبرمجا مساء ومستقطعا صباحا، أيقظوه مبكرا عن العادة، ألبسوه مئزرا وحملوه محفظة ورافقوه الى المدرسة، ثم أكدوا له أنه سيفاجأ بهدية جميلة يحبها ان هو بقي هادئا في قسمه ولم يبك، وإن كان هذا الطفل التلميذ قد انصاع للأمر الواقع في كل تلك الخطوات، فإن أمر بقائه هادئا كما طلب منه يخضع لرغبته هو وحده وفقط، وعند باب المدرسة في أول يوم دراسي تبدأ المغامرة الطريفة. يهرول هربا من ابنه والبداية مع تلميذ لم يرد الدخول الى المدرسة بعد أن رن الجرس فبقي يبكي متشبثا بوالده بقوة وهو يتوسله أن يعود معه إلى المنزل، الوالد أعاد الطفل الى المدرسة أكثر من مرة وهو يقارنه بأقرانه الذين دخلوا معه المدرسة، ويتكرر المشهد، لم يجد الأب الذي فقد صبره سوى »رمي« الطفل بقوة وهرب مهرولا حتى لا يلحق. أما الطفل »فاروق« فكانت له حكاية أخرى مع المدرسة في أول أيامها حكتها لنا أخته نورة، فقالت أنه تم جره الى قسمه الابتدائي مثل »كبش العيد«، إذ أنه لم يتقبل المحيط الجديد.. وترجع المتحدثة السبب الى أنه لم يتم تحضيره نفسيا قبيل الدراسة، ولم يلبث الطفل في قسمه ليهرب بعدها، ولدى محاولة بعض المشرفين إرجاعه الى القسم ركل الطفل المدير... أتركوني أنام! وقبيل التوجه الى المدرسة فإن الطرائف تبدأ بالمنزل أيضا، فيونس الذي ألف النوم الى ما بعد الثامنة لم يرد الاستيقاظ والتوجه الى مدرسته في أول يوم، فتقدم منه والده ليوقظه فرد الولد »واش بابا أنا كل يوم انوض«. أما الطفل حسام فقد اشترط على والده حتى يستيقظ يوميا مبكرا، أن يوصله بنفسه يوميا الى المدرسة، فخضع الوالد لرغبة ابنه، وهو ما سبب له تأخرا يوميا عن عمله. وأخيرا تحرر باديس على العكس، كانت المدرسة بالنسبة للطفل »باديس« تعني له التحرر من المنزل وقيود الوالدين، فقد كان ممنوعا عليه وعلى أخيه »عقبة« اللعب مع أقرانهما من أبناء الحي، وبدخوله المدرسة صار بإمكانه اللعب كثيرا واللهو مع أصدقائه، سواء في فناء المدرسة أو بساحتها قبيل الدخول صباحا أو مساء، كما أن الطريق من والى المدرسة تمنح الطفل باديس حرية مصاحبة أقرانه واللعب معهم، وهو ما جعله يسعد كثيرا بالدخول إلى المدرسة. دنيا.. الطفلة "الموديل" من جانب آخر، هناك طرائف أخرى تخرج عن المعتاد، فدنيا التي كانت تقصد لسنتين المسجد وهي تضع خمارا يزيدها وقارا في حفظ كتاب الله، طلبت من عمتها الحلاقة أن تصفف لها شعرها، وأن تكوي لها ملابسها ومئزرها الوردي، حتى تبدو في كامل أناقتها في يومها الأول تماما مثل عارضات الأزياء، وكانت الطفلة طوال سويعات الدخول المدرسي تختال بنفسها وبلباسها وبشعرها الطويل المصفف. "منصف" لا حل سوى النوم الطفل منصف الذي لم يجد في دخوله المدرسة في الأولى ابتدائى حدثا يخرج عن المألوف، لأنه اعتاد النهوض باكرا والتوجه الى الروضة وبعدها الى القسم التحضيري، ولأن سويعات القسم كانت طويلة بالنسبة له، فإنه بعد العودة من الاستراحة خلد الى النوم في مكانه وعندما أيقظته معلمته صرخ الطفل في وجهها، وقال لها » لقد ألفت النوم بعد الظهر يوميا وأمي توبخني إن علمت أنني لم أنم في القيلولة«. أما الطفل »زرق الله« فقد استغرب كيف له أن يقضي معظم ساعات النهار بين جدران القسم ولم يجد لتساؤله أية إجابة مقنعة، وعندما عاد الى المنزل حمل معه تعجبه فقال لوالدته وهو مستغرب » أمي لقد تركونا جالسين حتى الرابعة مساء ولم يحضروا لنا القهوة«!! هي مواقف طريفة لأطفال انقلبت حياة المرح واللهو عندهم الى أوقات مضبوطة للنوم والاستيقاظ والأكل واللعب، والأكيد أن منهم من سينجح ويصبح طبيبا أو مهندسا، ومنهم من لن يعمر كثيرا في أقسام الدراسة.