قليل أولئك الذين تبقى فيهم جذوة الخير متقدة، وبوصلة معرفة المعروف وإنكار المنكر سليمة لم تصب بأوضار المادية العفنة ، ولم تمس بضباب المصالح النتنة، لتتجنب النهج المسنون من طرف أمريكا وبئس السنن الذي سنته للغلابى، أن ليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم ولكن هي مصالح دائمة، ومنافع دافعة على مذهب وليام جيمس. وقياسا على الحكمة المعروفة التي تقول: ''الناس اثنان ، رجل نام في النور ورجل استيقظ في الظلام'' ، فإن الواقفين مع قضايا الحق والعدالة مثل المستيقظين في الظلام وماأقلهم، والذين ماتت في خلدهم أفكار الانتصار والتغيير والإنكار كالنائمين في النور وماأكثرهم، وقد ينطبق ماذكرنا أجلى ماينطبق علينا وعليهم. بالأمس أبان الواقع ونقل الإعلام الواقفين مع قضايا الشعوب وحقها في التنعم بالحرية والاستقلال فكان النائب البريطاني كأنه العز في نصرة المظلومين والوقوف مع القضايا العادلة، لولا زرقة أو خضرة في العينين. والآن يبدي الواقع أمرؤا لا تدري أمثله تخرج دولة مارست أبشع استعمار وأظلمه وأحقره... لطول مالمسنا من مواقفها قديما وحديثا، حتى ظننا ظن اليقين أن مذهب الآبائية سينسحب على أبناء جلدتها جميعا. وحب تحريك الخيوط كما أجاب السيد شوفينمان لماسألته الصحافة، حين زعموا أنها بداية لحملته الانتخابية قد يصنف في الحق المراد به حق ، أو الحق المراد به باطل ، وقد رضينا بالتأويلين معا لأن كلمة الحق وإن لم يصدقها واقع ذلك أننا قد اشتقنا حتى للكلام المعسول وحسن القول الذي لم يصدقه فعل.