جريحان وتخريب لمبنى قناة المنار.. هي حصيلة لأحقاد إسرائيلية اتجاه إحدى منارات الإعلام العربي التي مازالت لوحدها.. نعم لوحدها تسمي الأشياء بأسمائها "فالصديق صديق والعدو عدو"، لأجل ذلك حاربت هذه القناة عدة أوساط سياسية في فرنسا وأمريكا وفجّرت إسرائيل حقدها على قناة ظلت تعرّيها إلى درجة "الآبوال"! لأجل أن تنجح إعلاميا عليك أن تخاطب الجزء العلوي للإنسان أو جزئه السفلي! وإذا كان مخاطبة الجزء السفلي سهلة، على طريقة روتانا، فإن مخاطبة الجزء العلوي تتطلب المصداقية والاحترافية. ناصر هكذا انقسمت الفضائيات العربية في حرب إعلامية بحثا عن مكان لها في القلوب. وفي لبنان اشتعل فتيل الصراع مابين قنوات اختارت مخاطبة الجزء السفلي لإثارة الرغبات والشهوات، فاستطاعت جر جيش من المشاهدين إلى جنتها المؤقتة. وحاولت قناة "المنار" الإسلامية مخاطبة جزئه العلوي من قلب وعقل وروح بذكاء خارق أسقط الجهوية والمذهبية بالضربة القاضية. تدخل قناة المنار حاليا، سنتها الخامسة عشر بعد أن كان أول بث لها عام 1991، لتنطلق في بثها الخارجي في 25 ماي 2000 وهو عيد تحرير الجنوب اللبناني وكان شعارها الأول هو مقاومة العدو الصهيوني، لأجل ذلك يبدو اتجاهها خليطا ما بين القومية والإسلامية، فبالنسبة إليها كل من يحارب العدو الصهيوني هو صديق، كما يشير إلى ذلك السيد نايف كريم رئيس مجلس إدارة القناة الذي يرى باقتناع أن "المنار" حاربت منذ ظهورها الصهاينة حربا نفسية من خلال تصويرها الدائم للعمليات الفدائية، كما فعلت في قصف البارجة الإسرائيلية الحربية وهي تتحطم والدعوة صراحة إلى الجهاد ضد الصهاينة حربا بدون سلام. ولا تجد القناة حرجا عندما تقول إنها تابعة لحزب الله وصديقة لإيران وسوريا وتعلنها أيضا صراحة بأنها طرف في الصراع وليس تلفزيونا محايدا. فضائية بدون إشهار إذا كانت القناة الأرضية للمنار تسير ميزانيتها ب 50٪ من عائدات الإشهار، فإن الفضائيات تعيش بتمويلات مختلفة أهمها مؤسسات حزب الله، إضافة إلى شركة مساهمة مكونة من شخصيات قيادية في حزب الله ومؤسسات اجتماعية إسلامية تدفع مقابل التعريف بنشاطاتها الخيرية. وتجد القناة نفسها أحيانا في ثراء مادي بفضل التبرعات الكثيرة التي تصلها لأجل دعم الانتفاضة، حيث يرى المتبرعون، خاصة من إيران، أن القناة هي جزء من الانتفاضة. وترفض الفضائية برغم العروض الكثيرة تقديم الإشهار الإباحي الذي يعتمد على استغلال جسد المرأة بصورة سيئة، كما ترفض قطعا الإشهار للسلع الأمريكية. وقد راودتها شركة "كوكا كولا" بمبالغ خيالية، لكنها أعرضت عنها. وتعتبر (المنار) أول قناة عربية خاطبت الصهاينة من خلال أخبار وتحليلات بالعبرية، وهذا ما جعل حزب الله يشكل قوة إعلامية ومالية وسياسية وعسكرية ويحقق ما عجز عنه أزيد من مليار مسلم. وقد نزل على القناة ضيوف إسلاميون كبار من أهل السنة مثل القرضاوي والبوطي وعمرو خالد ومن الجزائر الشيخ نحناح رحمه الله وجاب الله وحتى الروائي طاهر وطار والمفكر رشيد بن عيسى. ولم ترفع المنار ولا مرة واحدة شعار الشيعة، فكانت إسلامية خالصة تدعو إلى الوحدة وليس إلى التفرقة. وتقتنع المنار بمذيعاتها الجميلات المحجبات، فبالنسبة لفرسانها الإثارة ليس من الضروري أن تكون في الشكل وإنما في الفكر.. وتنجح القناة سياسيا وماديا وإعلاميا حين تعجز فضائيات وراءها طوفان من المال وآلاف الإعلاميين وهذا هو سر عالم الإعلام جذوره المصداقية والاحترافية وأغصانه الانتشار وقوة التأثير. هل علمتم الآن لماذا تقصف إسرائيل قناة (المنار) ولا تلتفت إلى بقية الفضائيات العربية.