بداية ينبغي لنا أن نفرق بين الصداع والصداع النصفي أو ما يعرف بالشقيقة، والصداع قد يكون مرضاً أو عرضاً، يكون مرضاً بمعنى أنه مرض مستقل مثل الصداع المزمن التلقائي المتكرر أو الصداع النصفي وهو عدة أنواع منها ما يكون مصحوباً بغثيان أو قيء أو عدم تحمل الإضاءة ولا يوجد معه إنذار أو عجز عصبي، وهذا النوع يسمى الصداع النصفي الشائع، والنوع الثاني ويسمى الصداع النصفي الاعتيادي أو الكلاسيكي وهو ذلك النوع المصحوب بإنذار من دون عجز عصبي والنوع الثالث وهو الصداع النصفي المركب وهو ما يكون مصحوبا بعجز عصبي في مدة أقل من شهر، وأنواع أخرى قد يتسنى المجال لذكرها في مثال آخر. ويكون عرضاً بمعنى أن الصداع يكون مصاحباً لمرض أساسي آخر، ومجموعة الأمراض المصحوبة بصداع قد تكون أمراضاً عامة نفسية مثل القلق والتوتر والإرهاق النفسي أو أمراضاً عضوية عامة مثل ارتفاع ضغط الدم والإنيميا وأمراض الجهاز الهضمي وبالأخص المسببة للإمساك وأمراض الجهاز التنفسي. وكذا أمراض بالرأس وليست بالمخ مثل التهاب الجيوب الأنفية واضطرابات الإبصار. وأخيراً قد يكون الصداع هو المتحدث الرسمي لأورام وأمراض المخ، ونحمد الله أن نسبة هذه الأمراض وهي تعد الأخطر نسبة ضئيلة جداً إذا ما قورنت بباقي الأمراض الأخرى المصحوبة بالصداع. إذا أي مما ذكر سابقاً هو ما يصاب به الإنسان في أول يوم من أيام رمضان؟ ولماذا؟ ، بالطبع هو الصداع كمرض، إما المتكرر التلقائي أو اشتداد الصداع النصفي. وللإجابة على لماذا يحدث ذلك، فيجب أن نعلم أن خلايا المخ بحاجة إلى أوكسجين يصل إليها محمولاً بالهيموغلوبين، وكذا تلك الخلايا بحاجة لأبسط أنواع السكر وهو الغلوكوز بالإضافة لانتظام بعض عمليات الميتابوليزم بمساعدة عناصر محددة مثل الأوينوسين تراى فوسفيت، وما يحدث في أول أيام رمضان هو انخفاض مستوى السكر بالدم بشكل لم يتأقلم عليه الجسم بعد، وهذا يسبب صداع ما قبل الإفطار والذي يشتد في الساعات القليلة قبل المغرب مباشرة. أما صداع ما بعد الإفطار فإن سببه الرئيسي أن الصائم يقوم بالتهام كميات كبيرة من الأطعمة، مما ينتج عنه ضخ الدم بشكل أكبر في اتجاه الجهاز الهضمي للتعامل مع حدث الإفطار، وعليه تنقص نسبياً كمية الدم المخصصة للمخ، وعليه ينقص الأوكسجين والغلوكوز المحمول دماً. وتوجد شريحة أخرى من الصائمين تعاني من الصداع بسبب اختلال مواعيد النوم حيث إن بعض الصائمين اعتادوا قضاء ساعات طويلة أمام شاشات التلفزيون مما يؤثر سلباً على راحة الجسد والمخ ويسبب نوعاً من الإرهاق الشديد المصحوب بصداع شديد بالإضافة إلى إرهاق العين الذي ينتج عن متابعة لأحداث على التلفزيون مما يؤدي أيضاً إلى اشتداد الصداع. أيضاً بعض الصائمين هم من المعتادين ''ولن أقول مدمنين'' على بعض المنبهات مثل الشاي والقهوة والدخان، وانقطاعهم عن مثل هذه المنبهات لفترة طويلة هي فترة الصيام وبصورة مفاجئة في اليوم الأول يسبب صداعا يمكن القول إنه صداع الحاجة لمثل هذه المنبهات بما فيها من مواد هي مضرة بالأصل للجهاز العصبي. وبنظرة فاحصة لما سبق وتحدثنا عنه من أسباب صداع اليوم الأول من رمضان نستطيع أن نؤكد أن تجنب هذا الصداع أو على الأقل تجنب شدته يكمن في بعض التوجيهات البسيطة مثل: الالتزام بالسحور ومكونات طعامه لما له من أثر في تجنب حالة نقص مستوى السكر في ساعات الصيام التالية. التعود التدريجي على تجنب المنبهات خاصة لما لها من أضرار معروفة أكثر بكثير من فوائدها. تجنب السهر وقضاء ساعات طويلة أمام التلفاز لتجنب إرهاق الجسم والمخ وكذا إرهاق العين.