صدر، مؤخرا، كتاب شعري جديد للشاعر السوري أدونيس تحت عنوان ''فضاء لغبار الطلع''، يتعرض الشاعر من خلاله لكتابة شعرية في أدب المكان. حيث يفتتح ديوانه بمقطعٍ عنونه ''أسئلة لامرئ القيس من شرفةٍ تطل على بحر العرب'' يتساءل فيها أدونيس عبر دفقٍ زمني خالص عن الشاعر العربي المقتول بالسم، مذكراً إياه بأمه فاطمة قائلا: ''أسألك أنت أيها الشاعر العربي هل رأيت قصيدةً أجمل من سرير فاطمة.. أنا جار لكَ أيها الشاعر في الجهة الثانية التي ينورها بحر العرب''. يدمج أدونيس بين فضاءين شعريين عبر مكانين متباعدين زمنيا هما زمن امرئ القيس وزمن الحداثة المدنية في الخليج وشبه الجزيرة العربيين، حيث يخاطب الشاعر شاعره العربي الملقب بذي القروح من برج العرب بمدينة دبي قائلا: ''أضم صوتي إلى صوتكَ يا امرأ القيس مقسماً أن الحكمة وردة ذابلة.. والعطر نفسه يشجعني على هذا القسم''. ويذهب صاحب أغاني مهيار الدمشقي إلى استرجاع زمن الشاعر العربي قبل ما يقارب 1500 عام عبر مخاطبة أثيرية للرياح والرمال الجاهلية، وفق تورية فنية يعوض من خلالها أدونيس عن فقدان الهوية في المدنية العربية المعاصرة. ويلمح الشاعر في قصيدةٍ أخرى إلى ضرورة اللغة العربية من أجل التواصل بين البلاد العربية معبرا عن أهميتها الثقافية والفنية والتاريخية فيقول: ''لابد أن نبتكر لغةً تقوم على توازن المجتمع.. لغةً تكون لها أجنحة.. ويكون لها فضاء.. دون ذلك. ويتنقل الشاعر في ترحله المطول من بلاد الرافدين إلى بحر مدينة فينيسيا الإيطالية وفق لغة تستقرئ المكان جاعلةً إياه في خدمة طموحات الشاعر المتنوعة للتعبير عن مكنوناته الذاتية، حيث يخاطب المدينة البحرية على ساحل إيطاليا في قصيدة بعنوان ''مويجات إلكترومغناطيسية''.. كما يروي صاحب ''الكتاب'' مذكراته اليومية في مدينة شنغهاي الصينية عبر قصيدة بعنوان ''غيوم تمطر حبرا صينيا''، حيث تلتقي شخوص عدة من الحضارة الغربية بالحضارة الشرقية التي يمثل لها الشاعر بشخصيتي هاملت بطل مسرحية شكسبير الشهيرة وبين الفيلسوف الصيني العظيم كونفوشيوس. ويصل الشاعر في ترحله الهوميري إلى مدينة غرناطة الإسبانية مخاطباً إياها هي الأخرى بقصيدة تحت عنوان ''خلايا نافرة في جسد الوقت''.. حيث يتطرق الشاعر إلى لوركا الشاعر الإسباني الذي كان يعشق غرناطة ويكتب لها في كل الأوقات. ويختتم الشاعر رحلاته الشعرية في مدينة بعلبك اللبنانية، حيث يلتقي الزمان بالمكان في نص تحت عنوان ''بعلبك نهر العاصي.. فيض الجسد''، ليفاجئنا أدونيس بخطابه للأوابد الأثرية في بعلبك. يذكر أن كتاب ''غبار لفضاء الطلع'' صادر عن دار الصدى للصحافة والتوزيع ''كتاب مجلة دبي المجاني'' ويقع في مئة وواحد وثلاثين صفحة من القطع المتوسط.