تقع الكثير من الفتيات المحجبات في مشكل قد لا يخطر على بالهن أثناء قيامهن بارتداء الخمار، وهو ابتلاع الدبوس الذي يضعنه بين شفاههن. وتسجل مصلحة الأمراض الصدرية توافد عشرات الحالات من مختلف أنحاء الوطن كونه المكان الوحيد الذي يجري مثل هذه العمليات المستعجلة والدقيقة. لا تأبه الكثير من الفتيات وحتى السيدات لخطورة وضع دبابيس الخمار في أفواههن وهن بصدد القيام بوضع الخمار أو تعديله، وكثيرا ما يبتلعنه ويقعن في مشاكل صحية لا حصر لها. وإن بدا الأمر مفاجئا للبعض فإن ما وقفنا عليه خلال زيارتنا لمصلحة الأمراض الصدرية كشف خطورة الأمر، حيث ذكر البروفيسور نافتي، رئيس مصلحة الأمراض الصدرية والتنفسية، أن المصلحة تستقبل ما بين ثلاثة إلى أربع حالات يوميا لفتيات ابتلعن دبابيس الخمار. وأكد لنا البروفيسور نافتي أن مثل تلك الحوادث سارية وسط الفتيات المحجبات بالجزائر، حيث تستقبل المصلحة العشرات ووصل العدد إلى 19 حالة خلال الثلاثي الأخير من السنة الماضية. وعن خطورة هذا، أضاف محدثنا أنها تكمن في صعوبة نزع الدبوس وتلك عملية دقيقة يتولاها فريق طبي بالمصلحة ذاتها، وهنا سجلنا تدخل مساعد طبي بالمصلحة ذاتها، أكد لنا أن البروفيسور نافتي وحده من يشرف حاليا على تلك العمليات، ليؤكد لنا البروفيسور ذاته أنه يسعى منذ فترة لتكوين فريق طبي متخصص في ذلك ليضمن استمرارية العمل. قسم وحيد يتكفل بإسعاف فتيات الوطن يعتبر قسم الأمراض الصدرية والتنفسية التابع لمستشفى مصطفى باشا الجامعي الوحيد عبر الوطن الذي يقوم بإجراء عمليات لنزع دبابيس الخمار لفتيات قادمات من مناطق مختلفة مثل البليدة، البويرة الجلفة، بجاية، باتنة، الجلفة، جيجل ووهران. وما لاحظناه خلال تواجدنا بالمصلحة حضور إحدى الفتيات من سور الغزلان بولاية البويرة تدعى وسيلة، أكدت لنا أنها قامت بابتلاع دبوس الخمار حيث وضعته في فمها ولم تتوقف عن الحديث رفقة شقيقتها فانفلت منها الدبوس ودخل إلى جوفها وقد تملكها خوف شديد في تلك اللحظة وقصدت المستشفى المحلي لمدينتها، لكنهم قاموا بتحويلها إلى مستشفى مصطفى باشا لإجراء العملية. وبعد عدة فحوص، تضيف الفتاة، تم اكتشاف موقع الدبوس الذي استقر في صدرها وهي تنتظر دورها حاليا لإجراء عملية لنزعه. ومن خلال حديثنا مع هذه الفتاة أكدت لنا أنها التقت بعدد لا بأس به من الفتيات اللاتي ابتلعن دبابيس الخمار وحتى إبر الخياطة والمشكل أن جميعهن كن يتحدثن أو تنفسن بعمق أثناء تواجد الدبوس بين شفاههن، وهو أمر خطير لا تنتبه إليه أغلب الفتيات اليوم وكثيرات لا يبالين بخطورة الأمر، خاصة الفتيات الصغيرات المحجبات اللاتي يتفنن في وضع أنواع وأعداد مختلفة من الدبابيس. ومن خلال تجربتها المؤلمة نصحت وسيلة الفتيات المحجبات بضرورة الامتناع عن وضع الدبابيس في أفواههن فإسراعهن في وضع الخمار قد تنجر عنه مشاكل صحية خطيرة قد يستهين بها عدد كبير من الفتيات، ''لكن ما رأيته خلال ترددي على المستشفى كشف أن عشرات الفتيات قد يقعن يوميا في هذا المشكل الخطير دون مبالاة منهن''. وعن علاج هذا المشكل الصحي ذكر البروفيسور نافتي أن الطريقة المتبعة للتخلص من مشكل ابتلاع الدبوس تتمثل في إجراء صور إشعاعية تبين موقع الدبوس الذي يظهر بوضوح كونه مادة حديدية، ومن ثم مباشرة العملية بإدخال الأنبوب الهضمي المزود بمرآة عاكسة عبر البلعوم ''فيبروسكوبي'' مصحوبا بخيط حديدي موصول برأس حديدية ماسكة يتولى الطبيب تحريكها بمتابعة العملية عبر المنظار، ليجذب الدبوس بمجرد وصول الأنبوب إلى المكان، ليضيف أنه كلما توغل الدبوس نحو القصيبات الهوائية الدقيقة كلما باتت العملية أكثر صعوبة، وقد تستحيل ليبقى الحل الوحيد هو إجراء عملية جراحة على الصدر في بعض الأحيان.