كشف عماروش مصطفى، مدير التوجيه المدرسي لولاية البليدة، أن الجزائر سجلت في السنوات القليلة الماضية 500 ألف حالة تسرب مدرسي، أي ما يقارب 30 بالمائة من نسبة الأطفال المتمدرسين، وهي نسبة أرجعها المختصون إلى عوامل عديدة اجتماعية واقتصادية حتمت على الجميع اتخاذ تدابير للحد من التسرب المدرسي. تختلف الكثير من دول العالم في إعطاء مفهوم للتسرب المدرسي، فهناك من يعتبر التلميذ الذي تخلى عن مقاعد الدراسة في الصفوف الابتدائية متسربا ومنهم من يرى أن التلميذ الذي يترك مقاعد المرحلة الثانوية متسربا. أما في الجزائر، وحسب السيد عماروش مصطفى مدير التوجيه المدرسي لولاية البليدة، فإن التسرب المدرسي يطلق على فئة التلاميذ الذين لم يواصلوا تعليمهم الثانوي وانقطعوا عن الدراسة في المرحلة المتوسطة. وحسب القوانين التعليمية في الجزائر فإن التعليم المتوسط إجباري لكل التلاميذ دون استثناء، لذلك فإن المؤشرات التي تدل على نسبة التسرب المدرسي في الجزائر تبقى مرتفعة مقارنة بما تسجله الدول الأخرى. سوق العمل يسرق التلاميذ يعتبر التسرب المدرسي، حسب العديد من المختصين في الشؤون التربوية، ظاهرة طبيعية فالمجتمع يحتاج إلى كافة التخصصات العلمية والحرفية على حد السواء على شرط أن يتم ذلك بصورة طبيعية. فكل الأنظمة التربوية عبر العالم تعاني من ظاهرة التسرب المدرسي حتى في الدول المتقدمة، وهو ما أكده الأستاذ عماروش مصطفى مدير التوجيه المدرسي لولاية البليدة، حيث ذكر ان الأرقام المسجلة حول نسبة التسرب المدرسي في الجزائر تبقى مرتفعة مقارنة بما يمكن توقعه في مثل هذه الحالات. وارجع المتحدث ذاته ارتفاع نسبة التسرب المدرسي في الجزائر إلى أسباب مختلفة اجتماعية واقتصادية وحتى ثقافية ومن بينها انشغال الأطفال بالأعمال الخارجية ومساعدة العائلة في تحصيل لقمة العيش، فيمكن لجولة صغيرة عبر الأسواق الشعبية المنتشرة في مناطق مختلفة من الوطن خلال العطلة الصيفية أن تظهر الكم الهائل من الأطفال الذين يملأون هذه الأماكن وحتى الورشات للعمل وتحصيل القوت، والمشكلة أن نسبة كبيرة من هؤلاء تغريهم سوق العمل ولا يفكرون في العودة إلى المدارس مجددا .كما أن الظروف الاقتصادية الصعبة أجبرت الكثير من الأسر الجزائرية على إخراج أبنائها من المدارس في المناطق النائية لعدم توفر المال الكافي لتعليمهم أو لبعد المسافة بين البيت والمدرسة كما هو حاصل في الولايات الداخلية، خاصة المناطق النائية. وعن الحلول المقترحة للحد من التسرب المدرسي تفعيل الحوار بين الوسط المدرسي والأسرة لبحث المشاكل التي تواجه التلميذ سواء في البيت أو في المدرسة ومحاولة إيجاد حلول عاجلة لتقليل نسبة التسرب المدرسي. وحسب رأي العديد من الأساتذة الذين يحتكون يوميا بالتلاميذ فإن العديد من العوامل اجتمعت لتزيد من حدة التسرب المدرسي الذي تحاول المنظومة التربوية الحد منه من خلال دراسة العوامل التي تؤدي لهجرة التلاميذ من المدارس في أوقات مبكرة دون إتمام مراحله التعليمية خاصة الأولى والثانية اللتين تعدان إجباريتان في الجزائر.