أكد وزير المجاهدين محمد الشريف عباس أمس بالجزائر العاصمة أن تجربة الجزائر في كتابة التاريخ الوطني تحتاج إلى إثراء لاستكمال المدرسة الوطنية بما يتوفر من وسائل علمية و تقنية حديثة. و أوضح الوزير لدى إشرافه على افتتاح الندوة العلمية الدولية حول كتابة التاريخ الوطني أن قطاعه يلتزم في حدود صلاحياته بمد يد العون في مجال كتابة التاريخ الوطني للوصول الى كتابة ''تتجاوز التقليد الى التجديد. وأضاف عباس في هذا الإطار أن التساؤل الذي يطرح نفسه في الوقت الحالي يتعلق بالبحث عن الوجهات التي يتعين سلوكها في كتابة التاريخ من منظور المصلحة الوطنية دون سواها. و شدد الوزير على أن التاريخ هو ''فن عزيز المذهب جم الفوائد و شريف الغاية'' مؤكدا انه أيضا ''مسؤولية ثقيلة '' لا يجب ان تترك في يد من يرى في الماضي مجرد صفحة سوداء كما أنه --كما أضاف-- ''لا خير في من يحولون أحداث الماضي إلى خلفيات وأحكام يرمون بها كبد الحقيقة و يحاولون من خلالها زرع الشقاق والخلاف دون ان يشعروا ''. واعتبر أن المدرسة التاريخية الوطنية تعرف تطورا بالرغم من بعض نقاط الضعف التي لا تزال تعاني منها مذكرا في هذا الإطار بالجهود التي بذلتها الدولة في إطار تطبيق برنامج الإنعاش الاقتصادي في مجال العناية بكتابة التاريخ باعتباره من الأولويات الملحة. وأكد عباس أن هذه ''الإرادة الكريمة'' لتطوير مجال البحث في التاريخ الوطني خصوصا فترة الاستعمار الفرنسي والثورة التحريرية ''شجعتنا على تكثيف العمل في المجال التاريخي و تسخير الإمكانيات الموجودة''. واستعرض في هذا السياق جميع الانجازات التي تم تحقيقها في هذا المجال أهمها فتح ورشات علمية على مستوى مركز الدراسات في الحركة الوطنية و الثورة التحريرية عكفت على البحث في التاريخ الوطني من زوايا مختلفة . كما تم إثراء المكتبة الجزائرية --كما قال- بكتب لا يشوبها تشويه بالإضافة إلى تنظيم ملتقيات علمية مست عدة جوانب من التاريخ وفرت الفرصة للقاء بين المثقفين و بالحوار و التواصل فيما بينهم بحرية مكفولة وبسعة أفق. واعتبر الوزير أن هؤلاء الرواد من كتاب التاريخ الوطني على قلتهم ''نجحوا في كتابة التاريخ وإعداد دراسات تاريخية اتسمت بالدينامية'' كما أنها قامت على أساس تصحيح ما وجدته من تشوهات بالعودة إلى الحقيقة. و فيما يتعلق بكتابة تاريخ ثورة التحرير الوطني فقد أكد عباس أن قطاعه يوليه أهمية بالغة قائلا ''ننتظر الرسو على المنهجيات التي يحبذ الاعتماد عليها في الكتابة التاريخية'' و التي ستفيد --كما أوضح-- في ''جودة المنتوج التاريخي ومطابقته مع الدلالات والوعي التاريخي الذي نتطلع اليه''. كما أشار من جهة أخرى إلى محاولات المدرسة التاريخية الكولونيالية تزييف تاريخ الجزائر واصفا إياها ب''الوريث المشوه'' الذي يصوب سهامه نحو تاريخ الأمة ويهددها، معتبرا في هذا الإطار أن هذه المدرسة المتشبعة بعقلية المنتصر ''لا تزال تحاول أن تجد سبل نقلها إلى الأجيال و تحرص على أن تكون لديها ارتدادات عندنا''. ولمواجهة هذه المدرسة الكولونيالية التي ''تحشر أنفها'' في كتابة تاريخ الجزائر يعمل القطاع على ''إعادة النظر في كتابته من اجل التمكين للحقيقة بدل الزيف ونحصن أجيالنا من هذه المدرسة قدر الإمكان''.