اعتبر خبير في شؤون الصحراء الكبرى من عرب الطوارق أن عمليات الاختطاف في منطقة الساحل الصحراوي تتم في غالب الأحيان باتفاق مسبق بين رعايا أوروبيين وجماعات إرهابية، قصد حصول هؤلاء الأجانب على تعويضات مالية بعد ذلك من قبل شركات التأمين، تحولهم إلى أثرياء في بلدانهم. وبيّن خبير شؤون الطوارق والمختص في قضايا الصحراء الكبرى علي الأنصاري في حديث مع صحيفة الصباح الأسبوعي التونسية، أن ''اقتصاد الاختطاف'' القائم في منطقة الساحل والذي يتورط به التنظيم الإرهابي المسمى ''القاعدة في بلاد المغرب'' يرجع في أغلبه إلى ''اتفاقيات بالاختطاف المسبق'' مع الرهائن. وقال الأنصاري ''صحيح أن هناك نوعا من تجارة الاختطاف، فهؤلاء السياح الأوروبيون أنفسهم يأتون إلى المنطقة ليتم اختطافهم، وأذكر هنا حادثة اختطاف 32 سائحا ألمانيا بعد عودتهم إلى بلادهم باتوا أغنياء بسبب المبالغ العالية التي دفعتها شركات التأمين تعويضا عن اختطافهم''، ومعلوم في هذا الشأن أن مجموعة من السياح الألمان خطفوا في الصحراء الجزائرية عام 2003 بعد أن كانوا يعملون على شراء آثار جزائرية بطرق غير مسموح بها، ورفضوا وقتها إرشادهم من قبل دليل سياحي جزائري. وبيّن الخبير ذاته أن هناك اتفاقيات بالاختطاف المسبق للحصول على هذه المبالغ، إلى جانب أشكال أخرى ومنها الاختطاف المخابراتي، حيث بين- في إشارة إلى فرنسا - أن إحدى الدول أرسلت أحد عملائها ليتم اختطافه ليستقي معلومات ميدانية عن المنطقة وسكانها من أجل الحصول على دعم عسكري ومعلوماتي، وبعدها بذلت جهودا من أجل إطلاق سراحه لأنه عميل لمخابراتها، والأمر هنا يتعلق بالجاسوس الفرنسي بيار كاميت. وأضاف الأنصاري أن هناك عمليات اختطاف ''فعلي حقيقي'' تقوم به قاعدة المغرب لتحقيق مصالحها الخاصة، لاسيما في وجود علاقات بين أشخاص من الطوارق بصورة فردية وبين القاعدة وثمة اتفاق بينهم لاختطاف الرهائن، مؤكدا في هذا الإطار أن كل المختطفين جرى إطلاق سراحهم بعد وساطات من شخصيات من قبائل الطوارق قادت المباحثات مع أفراد المجموعات من أجل إطلاق جميع المختطفين. وفي السياق ذاته، أوضح الأنصاري أن الحديث عن تعاظم هذا التنظيم الإرهابي الذي تنسجه التقارير الأمريكية ليس سوى مبررا لتدخلها في المنطقة بشكل مباشر، مبينا أنه يرى ''أن ما يسمى بالقاعدة ليس سوى مجموعات صغيرة جدا لا تتعدى مائة فرد لجأت إلى الجنوب هربا من شمال الجزائر بعد الهزائم التي منيت بها هناك بسبب العمليات النوعية وتشديد الحراسة الأمنية في جنوبالجزائر على مناطق النفط التي حالت دون أهدافهم''، ما جعلها تلجا إلى الصحراء الكبرى وتقوم بعمليات نوعية أهمها اختطاف الرهائن التي باتت مصدرا رئيسا لتمويلها. ونفى الأنصاري أن تكون عناصر هذا التنظيم الإرهابي مرتبطة بحركة الطوارق، إلا أنه لم يخف ربط قاعدة بلاد المغرب علاقات مع بعض الأشخاص من السكان المحليين في إطار التهريب، إلا أنه لا وجود لعلاقات مع الطوارق كحركة أو قبائل. وأوضح الخبير ذاته أن النظام في مالي والنيجر أوهم العالم بأن الطوارق على علاقة بالقاعدة من أجل الحصول على دعم الغرب للقضاء على تمرد الطوارق، مستدلا في هذا الإطار بدراسات أمريكية أثبتت ''أن لا علاقة بين الطوارق والقاعدة''. وأشار الأنصاري المنحدر من منطقة تومبوكتو كبرى مناطق شمال مالي التي عرفت في السنوات الماضية مواجهات بين الطوارق وحكومة بماكو، إلى أن زعماء منطقته أعربوا عن استعدادهم لمحاربة الجماعات الإرهابية ولكن في إطار معين شريطة ألا تستهدفهم أنظمة المنطقة، مؤكدا في هذا الإطار أن الطوارق هم الوحيدون القادرون على إخراج الغرباء منها، كما بين أن خوض حرب ضد السكان المحليين ليس في صالح واشنطن وباريس، خاصة في وجود قناعة هناك بأن الطوارق هم همزة الوصل بين دول المنطقة على غرار ليبيا وتونسوالجزائر ومالي والنيجر. وعن الوضع في منطقة الساحل، قال الأنصاري ''فبعد أن كانت المنطقة همزة وصل بين شمال إفريقيا ودول القارة جنوب الصحراء تحولت إلى بؤرة توتر''، مضيفا أن ''أبناء شعبي حينما يأتون إلى أي من دول المنطقة على غرار تونس والمغرب والجزائر أو ليبيا يشعرون أنهم في بلادهم وموطنهم الأصلي وحينما يرجعون إلى مدينة تمبكتو التي ضمتها فرنسا إلى مالي يشعرون بالغربة لأنهم مع شعوب لا تمت لهم بأية صلة حضارية أو تاريخية''. وأرجع إنفاق دول عظمى كالولايات المتحدةوفرنسا أموالا طائلة لتسليح بعض جيوش منطقة الصحراء الكبرى إلى وجود مصالح إستراتيجية لهذه الدول في المنطقة.