الضعيف والصورة يستطيع الضعيف الذي يمتلك المال والآلة أن يستعمل الصورة كسلاح في خدمة قضاياه التي يناضل من أجلها إن أحسن استغلال ما يملك رغم الخطوب التي تعترض طريقه، خاصة في هذا العصر الموسوم بالعصر الأمريكي فكل معارض لما ترسمه أمريكا وتقوله خاصة بعد أحداث 11/9 التي أسست للمبدأ القائل ''من لم يكن معنا فهو ضدنا'' فهو في دائرة المغضوب عليهم، ويصبح عرضة للمتابعة والملاحقة والعقاب كذلك. ورغم كل هذا فقد ظهرت العديد من النماذج خاصة بعد التطور التقني المذهل الذي حصل في مجال البث التلفزيوني حيث تستعمل الصورة كسلاح في خدمة قضايا العرب والمسلمين، وأقصد بها قناة المنار والزوراء وبدرجة أقل قناة الجزيرة، ولو أخذنا على سبيل المثال قناة الزوراء العراقية التي يمتلكها السياسي العراقي المعارض مشعان الجبوري، ورغم الإمكانات المحدودة، إلا أنها أرقت العقل الأمريكي الحاكم في البيت الأبيض بما تعرضه من مشاهد وصور لعمليات تقوم بها المقاومة العراقية ضد الجنود الأمريكان كما تنقل بالصورة ضحايا التدمير الأمريكي ضد العراقيين العزل من أطفال ونساء وشيوخ. هذا الأرق نستشفه من تصريحات أقطاب الإدارة الأمريكية عبر عملائها في المنطقة الخضراء ببغداد ضد هذه القناة، وكان مصير هذه القناة كما هو معروف هو تعليق بثها بدعوى أنها تشجع الإرهاب ضد الجنود الأمريكان، والسؤال المطروح لماذا قامت أمريكا بغلق قناة الزوراء، وتسمح للعديد من المواقع الإلكترونية (الجهادية) بممارسة نشاطها الإعلامي؟ وقد أصدر الكونغرس الأمريكي مؤخراً تقريراً خاصاً بواقع الإعلام المرئي العربي والإسلامي دعا فيه إلى إدراج العديد من القنوات العربية والإسلامية في لائحة المنظمات الإرهابية العالمية، وعلى رأس هذه القنوات قناة الزوراء وقناة الرافدين العراقيتان، وقناة الأقصى التابعة لحركة حماس الفلسطينبة، وقناة المنار اللبنانية، وقناة العالم الإيرانية بدعوى أنها تدعو إلى العنف، وتشجع الإرهاب ضد أمريكا وحلفائها، وهذه حجة تخفي تحتها الحقيقة الناصعة لكل إنسان محايد وغير منحاز، حيث يدرك بسهولة أن هذه الفضائيات تعبر عن مشروع المقاومة والممانعة في المنطقة ضد المشروع الأمريكي الصهيوني . ------------------------------------------------------------------------ العرب والصورة ------------------------------------------------------------------------ مع أننا في عصر الصورة، ومع أننا نمتلك الأموال الطائلة بفضل النفط التي تمكننا من امتلاك أحدث التقنيات التي تعمل على تشكيل الصورة المتماشية مع قيمنا وعاداتنا، والتي تسهم عن طريق إلقاء الضوء على الواقع الحقيقي التي تعيشه الشعوب العربية والإسلامية في الدفاع عن قضايا هذه الشعوب، وبالتالي رفع الظلم والهم المسلط عليها، ولكن للأسف الصورة التي يعمل العرب على تسويقها هي صورة الآخر، صورة الأمريكي التي تحتقر العربي، وتصوره كإرهابي مجرم مصاص للدماء حينا... سفيه أبله لا يحسن التصرف في الأموال التي يمتلكها همه الوحيد هو الجنس فقط حينا آخر، وأبسط مثال على ذلك مجموعة(mbc) السعودية التي تقوم بعرض المنتوج الأمريكي المعبأ بثقافة الاستهلاك واحتقار الآخر، ويدخل تحت لفظ الآخر العربي المسكين، وهذا طيلة مدة البث التلفزيوني. أما في مجال الأخبار فقناة العربية السعودية تقوم بدور تسويقي للصورة الأمريكية المصاحبة للتعليق الأمريكي بلسان عربي ومذيعين عرب، والمتتبع للبرامج التي تقدمها القناة يجد البون الشاسع بين ما يطلبه المشاهد العربي وما تهتم به من مواضيع مطروحة للنقاش فهي تترك الإنسان العربي وما يعانيه وتتحدث عن الشذوذ الجنسي، وتترك الأم العراقية التي تعاني ويلات الحرب، وتقدم وضعية الأم العازبة في المنطقة العربية، والمقارن بين قناة الحرة وقناة العربية في ما تطرحانه من مواضيع وقضايا للنقاش لا يجد فرقا كبيرا . وأي عربي في هذا العصر لا يطالب باستعادة كل الصورة لأن الصورة المسيطرة هي الصورة الأقوى، ولكن على الأقل نصف صورة ... ولا يطالب باستعادة كاملة للصوت (الكلمة) فاستعادة الصوت في ظل غزو الصورة وطغيان التلفزة على كل مناحي الحياة أمر صعب ولكن على الأقل نصف صوت يحاول أن يكتشف زيف الصورة المقدمة. إنتهى