أصبح الارتقاء في الدراسة إلى أعلى مستوياتها والحصول على أكبر عدد ممكن من الشهادات ضرورة ملحة وحاجة ماسة للعديد من الطلاب وحتى العمال وهذا في ظل تقلص سوق العمل في الجزائر وقلة الفرص للعثور على وظيفة محترمة تضمن الحد الأدنى من المستوى المعيشي، الأمر الذي يتطلب منهم بذل مجهودات كبيرة سواء من أجل مواصلة المسار الدراسي المتعلق بمرحلة ما بعد التدرج أو إجراء تربصات أخرى أو حتى محاولة التوفيق بين البحث العلمي والعمل في حالة الحرص على تحسين المردود الفكري وإيجاد وظيفة أفضل وبأجرة أعلى. لم يعد الحصول على شهادة واحدة في الحياة في مجتمعنا الجزائري أو التخج من الجامعة بشهادة ليسانس يثير رضى وفرحة الجزائريين الباحثين عن فرص عمل تؤمن لهم مستقبلا زاهرا وتحقق لهم الاستقلالية المادية خاصة بسبب عدم قدرتهم على الحصول على منصب يناسب مؤهلاتهم العلمية، فعلى الرغم من امتلاكهم لمستويات تكفل لهم الاستفادة من توظيف سواء في القطاع العمومي أو الخاص إلا أنه ولأسباب مختلفة يبقون يعانون من البطالة ويتهون في فخ الانتظار لسنوات قد تطول يمضون فيها رحلة بثهم عبر العديد من الوسائل التي يتم فيها وضع الإعلانات الخاصة بالتوظيف سواء كانت الجرائد اليومية أو الاطلاع على المواقع الالكترونية التي يضع عبرها أصحاب المؤسسات العروض الخاصة بالعمل، فعكس ما كان سائلا في وقت مضى أين كانت للشهادة الممنوحة لأي متخرج من معهد أو من مؤسسة جامعية تحمل قيمة معنوية والتي يتمكن بموجبها من الحصول على وظيفة تطابق ما يملكه من وزن معرفي وفكري وذلك بمجرد مرور أيام على اتمامه لمشواره الدراسي، أصبح واقع التشغيل في الجزائر حاليا يثير قلق العديد من الطلاب الذين تحول همهم الوحيد إلى التفتيش في كل مكان وعن طريق كل الوسائظ سواء من جانب العائلة أو الأصدقاء عن أية مهنة يستطيعون من خلالها الحصول على خبرة في مجال تخصصهم وكسب بعض المال الذي يعيلون به أنفسهم، إلا أنه وتفاديا لتضييع الوقت وسعيا لكسب المزيد من المعارف وحتى يكون لسيرتهم الذاتية فعالية أكثر تساهم في توسيع حظوظهم للظفر بمنصب عمل يليق بالمستوى التعليمي الذي وصلوا إليه، يلجأ العديد من الشباب من حملة الشهادات التكوينية والجامعية إلى مواصلة مسارهم الدراسي وهذا بعدما فقدوا الأمل في العثور على فرصة عمل، حيث وجدوا أنه من الأفضل لهم الارتقاء إلى أعلى درجة من العلوم الأمر الذي يضمن لهم حتما في النهاية مستقبلا وإمكانية للتواجد في إحدى المؤسسات المرموقة. الدراسات العليا في الجامعة.. وسيلة للحصول على عمل أفضل نتيجة الإدراك المسبق للكثير من الطلبة الجزائريين الذين تخرجوا وهم حاملين لشهادات الليسانس يتعذر حصولهم على منصب عمل، فإنه لا يهنأ لهم بال حيث مباشرة عقب مناقشتهم لمذكراتهم وقضاءهم للعطلة لاصيفية سرعان ما تجدهم يطرقون أبواب الجامعة مع الدخول الدراسي الجديد من أجل الاستفسار لدى الإدارة عن موعد إجراء مسابقة الماجستير وكذلك الشروط الواجب توفرها من أجل اجتيازه وعن آخر أجل لإيداع ملفات المشاركة فيه، فالكثير من هؤلاء الطلبة سواء كانوا إناثا أو ذكورا أو حتى من دفعات قديمة ومن شدة ركضهم وراء الإعلانات الخاصة بالتوظيف والتي لم يتوصلوا من خلالها إلى نتيجة إيجابية، وجدوا عزاءهم الوحيد في مواصلة دراساتهم العليا أملا منهم في ضمان مستقبل أفضل يمكنهم من توسيع حظوظهم في مجال العمل ويفتح لهم الأبواب لشغل منصب هام في إحدى المؤسسات الحكومية أو الخاصة التي تملك مكانة هامة أي أنهم يدركون أن العلم هو سلاحهم الوحيد للتصدي للبطالة والخرج من حلقة البحث بدون جدوى لا سيما وأنهم على علم بأن سوق التوظيف في الجزائر محكوم بقواعد البيروقراطية ومقيد بسياسة ''المعرفة'' في ملأ المكاتب، كما يغتنم العديد من الطلبة المتخرجين حديثا فرصة صغر سنهم من أجل التفرغ لمواصلة دراساتهم العليا خاصة وأنهم على اطلاع بما ينتظرهم من هدر للوقت في البيت ومن استغراقهم لمدة طويلة قبل أن يوفقوا ويعثروا على منصب عمل وحتى وإن حدث ذلك فإنها ستكون في الغالب مجرد وظيفة بسيطة ليست من ضمن تخصصهم العلمي والأجر الذي يتلقاونه مقابلها غير كافي هذا بالإضافة إلى أنها مؤقتة ولا يمكنهم تعليق مصيرهم عليها. وتعتبر ''ليندة'' واحدة من الطالبات اللواتي تخرجن من كلية الإعلام هذه السنة، حيث أكدت لنا رغبتها الشديدة في مواصلة مسارها التعليمي في الجامعة، فبالنسبة لها فإنها لا تريد الاكتفاء بشهادة الليسانس فقط وهذا نظرا لصعوبة العثور على عمل فأغلب العروض المطروحة تشترط شهادات عليا، ولهذا فقط قررت عقب قضاءها للعطلة الصيفية التسجيل في مسابقة الماجستير التي تشرف عليها إدارة كلية الإعلام والاتصال وقد قامت بإجراءها وتتمنى أن يكون اسمها مدرجا ضمن قائمة الناجحين. أما ''أمال'' فهي الأخرى متخرجة من ذات الكلية لكن دفعة 9002 فقد عبرت لنا عن استياءها عن الوضع الصعب الذي صار يميز عالم التشغيل في الجزائر في الوقت الحالي الذي صار يستوي فيه المتعلم وغير المتعلم فلا فرق إذا كان خريج جامعة أو من ثانوية أو متوسطة، كما تضيف لنا أيضا أن شهادة الليسانس أصبحت غير كافية للعثور على الوظيفة التي نرغب فيها وعلى هذا الأساس ولأن سنها لم يتجاوز 22 سنة فقد فضلت إجتياز مسابقة المساتر هذه السنة الخاصة بالمدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم الإعلام وقد نجحت فيها وشرعت في الدراسة مؤخرا وهي تعتبر مواصلة الدراسة خير طريقة للوصول على مستقبل راق فلا يهم أن تتعب طالما أن النتيجة في النهاية ستكون لصالحها. وعمال يلجؤون إلي التكوين للاحتراف أكثر من جهة أخرى وسعيا منهم لتنمية قدراتهم المعرفية وتطويرها ورفع مستوياتهم التأهيلية، فإن الكثير من الأشخاص ممن يشغلون مناصب عمل يبحثون عن التكوينات التي من شأنها زيادة محصولهم العلمي بما يحقق لهم مستقبل عملي أحسن ودخل شهري أعلى، ففي خضم التطوير الذي صرنا نشهده في كل المجالات وتنامي روح المنافسة بين العديد من الأطراف صار لزاما على كل واحد منهم البحث عن الطرق التي يحافظون من خلالها على مكانتهم في تلك المؤسسات وكذلك الحرص على الارتقاء والوصول إلى درجات عليا وأهم المراتب، وحتى يمكنهم تحقيق ذلك فإنهم يلجؤون إلى إجراء دورات تكوينية في عدة اختصاصات حسب ما تقتضيه طبيعة عملهم بالشكل الذي يسهل عليهم عملية الاقتراب من القمة، ولا يقف عامل ضيق الوقت أو انعدامه عائقا أمامهم بل انهم يتحايلون عليه ويتحينون الفرص المناسبة من أجل الالتحاق بالمدارس الخاصة وهذا في سبيل نل مبتغاهم وتجسيد طموحاتهم، وفي هذا الشأن يرى ''يسين'' الذي يشغل منصب محاسب في مؤسسة خاصة أن التكوين صار يعد أكثر من ضرورة في عصرنا هذا فإلى جانب الشهادة التي تحصلا عليها في الجامعة ينبغي توسيع دائرة معارفنا لأن هذا يلعب دورا كبيرا في تحكمنا في سير عملنا ويمكننا من تحقيق نتائج إيجابية وبالتالي انجاح المؤسسة التي نعمل فيها وهو ما دفعه للالتحاق بدورة تكوينية في مدرسة خاصة بهدف رفع مستواه وحسينه خاصة وأن المؤسسة الأجنبية التابع إليها تشتطر عليه اتقان عمله، وهو الأمر الذي ينطبق على ''مراد'' أيضا الذي صرح لنا بأن الالتحاق بمدرسة خاصة لتعليم اللغات الأجنبية قد ساعده كثيرا في تحسين مستواه اللغوي في اللغة الفرنسية وحتى الإنجليزية ما جعله يسيطر على عمله جيدا. ر. ع