مع مرور الأيام يتأكد البشر بما لا يدع مجالا للشك كيف تحول الأمن من قيمة اجتماعية وأخلاقية إلى سلعة اقتصادية، يساهم في صنعه وهدمه كبريات شركات تصنيع السلاح والتنقيب عن النفط والمعادن النفيسة، دون أن يغمط هذا حق المؤسسات الصغيرة المختصة في صناعة أجهزة الإنذار في المنازل والسيارات والمكاتب من الكعكة المتمثلة في جيب الإنسان. ويكفي في هذا المقام لفت الأنظار إلى صعود حكومات وسقوط أخرى لاسيما في الدول الغربية وهي تتخذ من الأمن لعبة جالبة لأنصار طاردة لأطروحات الخصوم السياسيين، رغم أن البلاد العربية تُتخذ في مجمل العمليات المسجلة في هذا الشأن منبعا لما يهدد السلم والأمن العالميين، ومرتعا لتلك الشركات الباحثة عن الربح السريع واستنزاف الثروات. ويبدو أن هذه البلدان المستحكمة في عقول وأقدار البشر فهمت قيمة من القيم المقدرة عند الشعوب العربية المتمثلة في التضحية، وهو ما حدا بها أيضا إلى الدفع بها إلى العيش في الفوضى والبلابل والاضطرابات مع توفر عامل التضحية للعيش فيها، وهو ما تحاول فرضه في كثير من البلاد العربية في الشرق الأوسط وإفريقيا، وما يخطط من تلك البلاد لمنطقة الساحل الصحراوي عنا ببعيد. لأنه من البديهيات المعلومة الآن لدى الخاص والعام أنه في ظل الأزمة المالية العالمية، وبروز أكبر لقوى الممانعة والمقاومة فكرا وعملا، سرّع بخبراء تلك الدول إلى تقمص دور القابلات التي لها أن تحيي وتميت ما تشاء من الفتن والقلاقل وهي ترتدي لبوس الخدمة الإنسانية النبيلة. وغير مستبعد وهي تدرك قيمة التضحية والأضحية عندنا، أن ''تقربن'' لنا في عيد الأضحى المقبل بطارق عزيز، كما ''قربنت'' ذات مرة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهي تشتغل على توليد فتنة جديدة على أيدي نفس القابلة.