الزرابي الحمراء التي فرشها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للرئيس العراقي جلال طالبني، أول أمس، في الإليزيه كشفت بما لا يدع مجالا للشك عن عزم باريس على تدارك تأخر عودتها إلى العراق اقتصاديا وسياسيا وثقافيا في ظل السيطرة الأمريكية القائمة حتى إشعار جديد• وكللت الزيارة، كما كان منتظرا، بتوقيع عدد من العقود والاتفاقيات الهامة التي ستمهد في مرحلة أولى إلى عودة باريس إلى العراق منذ الإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين، الذي كان من بين أصدقاء فرنسا المفضلين• الهدف الأول الذي سعى إلى تحقيقه الرئيس العراقي طالباني من زيارته لباريس، تمثل في دعوتها إلى المشاركة بقوة في إعادة إعمار وبناء البنية التحتية العراقية التي يقدر سوقها بحوالي ستمائة وعشرين مليار دولار وتفعيل آلية الاستيراد التجاري على أوسع نطاق نحو العراق، ناهيك عن مشاركة فرنسا في تنشيط الحياة الاقتصادية والإدارية العراقية المحلية• وفي هذا الإطار يندرج انطلاق مركز الأعمال الفرنسي المتخصص في الاستقبال والأمن والاستراتيجية ومشروع دار فرنسا للزراعة الذي سيعرف النور قريبا على أيدي خبراء ومهندسين فرنسيين• على الصعيد التجاري، كللت زيارة الرئيس العراقي إلى فرنسا بحصول عدد كبير من الشركات الفرنسية على عقود عمل تقدر بأكثر من مائة مليون أورو• وفي هذا الإطار تدخل العقود التي أبرمت مع مؤسسة مطار باريس التي ستبني مطارين في العراق وشركة طاليس التي ظفرت بمشروع بطاقة الهوية الوطنية العراقية• وخلافا لما كان متوقعا فرنسيا، لم تحصل شركة طوطال على عقود عمل في المجال النفطي في ظل سيطرة الأمريكيين والصينيين على الكعكة النفطية• من خلال زيارة الدولة الأولى من نوعها لرئيس عراقي منذ تاريخ الغزو الأمريكي لبلد الرافدين عام ,2003 سيحاول الرئيس ساركوزي طي صفحة الخلافات الفرنسية- العراقية التي تسبب فيها الموقف الفرنسي من الغزو الأمريكي أثناء حكم الرئيس شيراك من جهة وترسيخ الحضور الفرنسي الاقتصادي المحتشم إلى غاية اليوم من جهة أخرى• وتأتي زيارة الرئيس العراقي إلى فرنسا ردا على الزيارة الأولى التي قام بها ساركوزي إلى بغداد في شهر فبراير الماضي طلبا للتطبيع بين البلدين بعد مرحلة الجفاء والارتباك• ورغم فشل فرنسا هذه المرة في تحقيق هدف اقتسام الكعكة النفطية مع الأمريكيين أساسا، استطاعت أن تضع قدما نوعيا في أرض الرافدين بواسطة إعادة تأهيل الجيش العراقي وقوات الأمن العراقية•