ماذا يمكن أن تستفيد منه الجزائر الدولة الغنية بالغاز، وأحد أهم مصدري المحروقات في العالم، من اندلاع الأزمة الناشبة اليوم بين كل من أوروبا والدب الروسي، الذي شكل هجومه المضاد على جورجيا ضربة بالنسبة إلى عضو ملاحظ في الاتحاد الأوروبي، تفرض مواثيق هذا الأخير التدخل العسكري، رغم أنه لم يستطع التحرك حتى في إطار الحلف الأطلسي، والذي لم تقده واشنطن والتي انضمت بدورها لحلفائها بالأمس وللدولة التي كانت تشكل حلقة هامة فيما كان يسمى بالاتحاد السوفياتي الذي شاءت الصدف أن يتلقى من روسيا حرب خاطفة. فحسب الخبراء وفي إجابة عن هذا التساؤل، أكد متابعون للشأن أن الجزائر مرشحة للاستفادة المباشرة من هذه الأحداث، من خلال أخذ حصص إضافية وعقود خاصة بتمويل القارة العجوز، بسبب تداعيات الأزمة الأخيرة والموف الأوروبي المنحاز للطرف الجورجي . وتعززت هذه الرؤية التي صاحبت إعلان الجزائر أمس الأول عن البدء في إنجاز الشطر البحري للأنبوب ''ميدغاز'' بقيمة 900 مليون أورو، حيث صرح الوزير شكيب خليل أن هذا سيسمح برفع حجم صادرات البلاد من الغاز لأوروبا، ما يضمن الاستجابة للطلب المتزايد والرهيب للقارة العجوز من هذه المادة الحيوية في حياة المواطن والمصانع وحتى السيارات الأوربية. كما أشارت ذات المصادر المتطابقة أن مكانة الجزائر في الأسواق الأوروبية ليست جديدة، لاسيما وأنها تتقاسم مع النرويج التي تعتبر الدولة الأولى في تمويل أوروبا بالمحروقات نتيجة كونها الدول الأوربية الوحيدة التي تمتلك مخزونا هائلا من الغاز والبترول من حيث تربعها على بحر الشمال، بالإضافة الى الاستثمارات التي تقوم بها الشركة العملاقة النرويجية ''ستات أويل'' والتي تستثمر في الجزائر ومناطق أخرى. وفيما تأتي هذه المستجدات بعدما قررت موسكو قطع إمدادات الغاز عن أوكرانيا وبوادر أزمة الطاقة التي ظهرت ليس فحسب في أوروبا وإنما في كافة دول العالم. ورأى البعض ''أن قرار موسكو الذي ينطوي على بعد سياسي لا يثير الانتقادات فحسب، فهو يزعزع الثقة أيضاً بمصداقية موسكو كمزود للطاقة ويلحق أضراراً كبيرة بسياستها الخارجية'' مثلما أعلن عنه أكثر من مسؤول أوروبي رفيع المستوى. وكانت شركة الغاز الروسية العملاقة ''غازبروم'' التابعة لحكومة الكرملين قد نفذت تهديداتها ضد أوكرانيا وقطعت إمدادات الغاز الروسي عنها اعتباراً من يوم جانفي ,2006 ما دعا الأوروبيين للبحث عن مصادر جديدة تغنيهم على معايشة نفس حوادث أزمة العام 1973 - الحرب العربية الاسرائلية وقطع العرب للإمدادات النفط - حيث شوهدت مظاهر ستبقى في التاريخ ميزها السير على الدرجات التي لم تطور مثل اليوم إلى هوائية. نقطة أخيرة لابد الإشارة إليها وهي المتعلقة بقرار الإدارة الأمريكية والذي صودق عليه من طرف الكونغرس مؤخرا والتي تقضي بالبحث عن أسواق جديدة من خارج حقول الشرق الأوسط، والتي جاءت لتحرير الأمريكان من مصدر قوة العرب في شبه الجزيرة والذي سيدفع بواشنطن للبحث عن أسواق أخرى المغرب العربي وإفريقيا وفي الجزائر والجماهيرية الليبية التي ما تزال كندوليزا رايس تحلق عبر أجوائها.