ستشرع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية بداية من العام المقبل في اعتماد ورقة طريق جديدة لمواجهة أزمة الحليب، التي أثقلت كاهل المواطنين ووحدات الإنتاج والتحويل على حد سواء، من خلال تطبيق إجراءات منها تحميل المسؤولية لوحدات التحويل والإنتاج بخصوص تلبية احتياجات سكان المنطقة المتواجدة فيها من جهة، ومعاقبتها بتخفيض كميات “البودرة” في حال عدم استعمال الحليب الطازج لإنتاج حليب الأكياس المبستر من جهة أخرى. أقرت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية أول أمس خلال الاجتماع الذي عقدته وضم كل الفاعلين في سوق الحليب، منهم المجلس المهني لفرع الحليب. عدة إجراءات تحسبا للعام المقبل حيث ستدخل حيز التطبيق من خلال ورقة طريق أعدتها الوزارة كاستراتيجية جديدة لوضع حد لأزمة الحليب، والتي ظهرت بوضوح في يوميات المواطن الجزائري الذي صار يلهث من أجل الحصول على كيس حليب، وبات جليا للقائمين على هذا الفرع التدخل وبصفة استعجالية من أجل إنهاء هذه الأزمة. نفى رئيس المجلس المهني لفرع الحليب، محمود بوشاقور، وجود أزمة في مادة الحليب أو نقص في المادة الأولية، وقال إنما الأمر يتعلق بمشكل في التوزيع، بالإضافة إلى تأخر وصول “غبرة الحليب” المادة الأولية، كما أن سوق الحليب في الجزائر سوق هام ويلقى تجاوبا لا مثيل له بسبب سعر حليب الأكياس الذي يباع ب25 دينار، وهو سعر جد زهيد عند مقارنة بأسعار دول أخرى. إضافة إلى وجود مشكل آخر يتمثل في تخزين “غبرة الحليب” من طرف بعض الموزعين، المحولين، وحتى وحدات الإنتاج. وأوضح المتحدث أمس في تصريحات للقناة الإذاعية الثالثة أن الاجتماع الذي عقد أول أمس بمقر الوزارة تطرق فيه المجلس المهني للحليب إلى الوضعية التي آل إليها الفرع أمام ارتفاع سعر المادة الأولية المستوردة وبالعملة الصعبة، التي بلغت 225 ألف طن هذه السنة بزيادة 10 آلاف طن مقارنة بالعام الماضي حيث بلغت 210 ألف طن، واتضح جليا أنه بات من الضروري استعمال الحليب الطازج لإنتاج حليب الأكياس، مع العلم أن إنتاج الحليب الطازج وصل إلى 410 مليون لتر في الوقت الذي لم يتعد فيه إنتاج السنة الماضية 310 مليون لتر. وتمخض عن هذا الاجتماع اعتماد ورقة طريق جديدة كاستراتيجية بداية من العام المقبل، قصد التحكم في الأزمة وهذا من خلال توزيع “غبرة الحليب” على المؤسسات الخاصة والعمومية كل واحدة تتحصل على نسبة 50 بالمائة من المادة الأولية، دون تفضيل أو تمييز واحدة على حساب الأخرى، بالإضافة إلى وضع خريطة جغرافية لتواجد وحدات إنتاج وتحويل الحليب والمناطق التي تتواجد فيها، حيث ستمنح كميات “غبرة الحليب” إلى الوحدات، وهي ملزمة بتلبية احتياجات السكان في المنطقة من خلال ضبطها وتحميلها المسؤولية في حال العكس، إضافة إلى إجراء آخر يتمثل في إلزام وحدات الإنتاج والتحويل بجمع الحليب الطازج، وإدخاله في الإنتاج وفي حال رفضها لذلك، ستعاقب بتخفيض حصتها من المادة الأولية “غبرة الحليب”. ويبقى دعم الدولة لإنتاج حليب الأكياس المبستر يتواصل، حيث قفز الدعم من 10 دينار العام الماضي ليصل إلى 15 دينار هذه السنة، وسيصل بين 20 إلى 25 دينار العام المقبل والخزينة العمومية تتحمل مصاريف الدعم. أما بشأن إنتاج الحليب الطازج فالمنتج تدعمه الدولة ب12 دينار للتر الواحد، والمكلف بالجمع يحصل على 5 دنانير، وهذا كله من أجل استعمال الحليب الطازج في إنتاج حليب الأكياس، بالرغم من أننا أهملنا استعماله في إنتاج حليب الأكياس بسبب انخفاض سعر “غبرة الحليب” في السوق العالمية لكن الآن وبعدما ارتفع سعر “غبرة الحليب” صار لزاما علينا التوجه نحو الحليب الطازج.