غير عابئين بوعود الإصلاح التي يعلنها النظام المصري واحدا تلو الآخر منذ 24 ساعة، توافد مئات الآلاف المتظاهرون على ميدان التحرير في مسيرة ''المليون''، ومعها تصاعدت توقعات كثير من المصريين بأن الأول من فيفري قد يكون يوما حاسما في التاريخ السياسي المعاصر للبلاد، وذلك بعد تطورات متلاحقة ومثيرة جرت على مدى الساعات السابقة. فالشباب المحتجون الذين واصلوا اعتصامهم في ميدان التحرير بقلب القاهرة بعشرات الألوف أكدوا عزمهم على قيادة مسيرة مليونية في تأكيد على إصرارهم على إسقاط الرئيس حسني مبارك. ورغم القيود العديدة، وفي مقدمتها تعطيل الإنترنت، فقد بدا أن هذه الدعوة تلقت صدى كبيرا، إذ توافد الآلاف من الشباب والشابات خصوصا على ميدان التحرير، لكن هذا لم يكن وحده ما غذى التوقعات بيوم حاسم، حيث أصدر الجيش بيانا نادرا تعهد فيه بعدم استخدام القوة ضد المواطنين كما أكد أنه ''على علم ودراية بالمطالب المشروعة التي ينادي بها المواطنون الشرفاء''. ولم يكن من الصعب على المتجول في شوارع القاهرة التي لم يشهد أغلبها التزاما بحظر التجول، أن يلحظ الترحيب الكبير من جانب عموم المصريين ببيان الجيش، وبدا أنه بث جرعة من الطمأنينة لدى كثير ممن كانوا مترددين إزاء تلبية الدعوة لمسيرات الثلاثاء. وقال عدد من الخبراء ''أصبح مبارك عبئا على المؤسسة العسكرية ولذلك يواجه صعوبة تتزايد يوميا في البقاء في منصبه''. ودعته الولاياتالمتحدة وقوى غربية أخرى إلى إجراء انتخابات حرة. وحتى إذا واصل عدم الاستجابة إلى الدعوات المطالبة باستقالته فمن غير المرجح أن يفوز في الانتخابات. وربما يكون هدف المؤسسة العسكرية التي أدارت مصر منذ أطاح ضباطها بالملك فاروق عام 1952 هو إجراء إصلاحات كافية للحفاظ على نفوذ العسكريين. وفي هذا السياق قال حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن كل الخطوات التي اتخذها مبارك تهدف لكسب الوقت وتهدئة المناخ العام في الشارع وإبعاد المحتجين والتهوين من شأن الثورة مضيفا أنه يتعين على الرئيس أن ينهي حكمه ويرحل لأنه لا يوجد أي خيار آخر. وقال الخبير في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية في الأهرام أن تأكيد الجيش مشروعية مطالب الشعب ''هو مقدمة للبحث عن خروج امن وكريم للرئيس من دون أن يهرب على أن يبدأ بذلك حوارا مع القوى التي أطلقت الانتفاضة وخصوصا الشباب حول التحول الديموقراطي''. وأكد المحلل في المركز نفسه عماد جاد أن ''المطلوب الآن هو إعلان تنحي الرئيس تمهيدا لقيام اللواء سليمان بحوار مع قوى المعارضة من اجل التحضير لمرحلة انتقالية''. وقالت الولاياتالمتحدة إن مبارك ينبغي أن يلغي قانون الطواريء الذي استمر يحكم في ظله منذ عام 1981 . كما أوفدت واشنطن مبعوثا خاصا هو فرانك ويزنر السفير الأسبق لدى مصر لمقابلة الزعماء المصريين. وقال روبرت جيبز المتحدث باسم الرئيس الأمريكي باراك أوباما ''يجب أن تتغير الطريقة التي تنظر وتعمل بها مصر '' .يذكر انه قتل ما لا يقل عن 140 شخصا منذ بدأت الاحتجاجات قبل أسبوع مستلهمة إلى حد ما إطاحة التونسيين برئيسهم السابق في أعقاب احتجاجات مماثلة على المشاكل الاقتصادية وقمع المعارضة السياسية.