فاقت المسيرة المليونية التي دعت إليها المعارضة في مصر أمس كل التوقعات بعد أن تحدى أكثر من مليوني شخص حظر التجوال المفروض على كبريات المدن المصرية وأصروا على مواصلة الاحتجاجات العارمة ومطلبهم الأساسي رحيل نظام الرئيس حسني مبارك وإحداث تغييرات جذرية في جميع الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وتحدى مئات آلاف الأشخاص حظر التجوال وخرجوا في مسيرات حاشدة أمس أكدت تقارير إعلامية أن عدد المشاركين فيها فاق مليوني متظاهر بميدان التحرير وشوارع وسط العاصمة القاهرة. وردد المتظاهرون هتافات ورفعوا شعارات تطالب الرئيس مبارك بالتنحي عن الحكم وتصر على مواصلة الاحتجاج إلى غاية تحقيق مطلبهم. وفي محاولة لضبط هذه المظاهرات الحاشدة التي لم تشهدها مصر طيلة الثلاثة عقود الماضية سارعت قوات الجيش والى جانبها الشرطة التي انسحب عناصرها في الأيام الأخيرة عن الشارع إلى تطويق ميدان التحرير بالدبابات والعربات المدرعة. وواصلت مروحيات الجيش التحليق في سماء العاصمة بينما أغلق الجيش مداخل ومخارج القاهرة ومدن أخرى. ورغم حظر التجوال فإن ذلك لم يمنع مئات الآلاف من المتظاهرين من مختلف الفئات من المبيت في ميدان التحرير استعدادا للمظاهرة المليونية في حين واصل فيه المئات الآلاف الآخرون التوافد على ميدان التحرير طيلة يوم أمس. وأكد عديد الشباب من المتظاهرين أنهم لن يغادروا ميدان التحرير ما لم يرحل الرئيس مبارك وأنهم مستعدون للبقاء إلى ما لا نهاية لأن ليس لديهم ما يخسرونه وهم الذين ظلوا طيلة 30 سنة ماضية في انتظار إنصافهم والالتفات إلى تطلعاتهم. والمشهد نفسه شهدته الإسكندرية ثاني اكبر المدن المصرية التي استجاب فيها المتظاهرون إلى دعوة المعارضة بتنظيم مسيرة مليونية للإطاحة بالرئيس مبارك. وانطلقت حشود ضخمة في مسيرات ضخمة من مناطق مختلفة في المدينة ضمت مئات الآلاف المتظاهرين الذين توجهوا إلى وسط المدينة للاعتصام. ورفع المتظاهرون الأعلام المصرية رددوا هتافات طالبوا من خلالها الرئيس مبارك بالالتحاق بالرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي الذي اضطر إلى ترك السلطة تحت ضغط الشارع التونسي. والأمر نفسه شهدته باقي المدن المصرية من السويس إلى صعيد مصر إلى دمياط ودمنهور. وكانت البلاد شهدت منذ أمس شللا مس مختلف المؤسسات العامة والخاصة، حيث أغلقت المحال التجارية ووقفت عديد القطاعات الحيوية عن العمل وذلك استجابة لدعوة المعارضة بالدخول في إضراب عام مفتوح لممارسة المزيد من الضغط على الحكومة الى غاية حملها على الرحيل. وبينما تواصلت الاحتجاجات المناهضة للسلطة في مصر أعلنت نافي بيلاي المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة سقوط ما لا يقل عن 300 قتيل منذ انطلاق المظاهرات في مصر في 25 جانفي المنصرم. ودقت نافي بيلاي ناقوس الخطر من ارتفاع عدد ضحايا الاحتجاجات غير مسبوقة التي تشهدها مصر. وقالت إن ''عدد الضحايا يرتفع كل يوم وبعض المعلومات غير المؤكدة تؤكد سقوط 300 قتيل وأكثر من 3 آلاف جريح، إضافة إلى اعتقال المئات الآخرين''. ودعت السلطات المصرية إلى ضمان أن تقدم قوات الشرطة وقوات الأمن الأخرى على استخدام القوة ضد المتظاهرين''. وأشارت إلى ضرورة فتح تحقيق شامل حول دور قوات الأمن في أعمال العنف المستمر في مصر طيلة أكثر من أسبوع. وقالت ''يبدو أن الشعب رفض بوضوح نظام يحرم المواطنين من حقوقهم الأساسية واقترف انتهاكات خطيرة''.