نظرت محكمة سيدي أمحمد في ظرف أسبوعين من شهر رمضان المبارك في أكثر من 10 قضايا تورط أصحابها في جنحة الركوب السري أو فيما أصبح يعرف ب ''الحرقة'' حيث مثل أزيد من 20 متورطا في مثل هذه القضايا حاملين روايات مختلفة قاسمها المشترك هو محاولة العبور إلى الضفة الأخرى، هيئة المحكمة استغربت تزايد عدد هذه القضايا خلال الشهر الفضيل، فيما طالب ممثل الحق العام بمعاقبة المتهمين بأشد العقوبات حتى يكونوا عبرة للذين يرمون بأنفسهم في عرض البحر مقابل حلم وهمي. قضايا الهجرة السرية التي مثل أصحابها وهم في حالة يرثى لها وصلت إلى قاعة المحكمة بعد أن أحبطت محاولتهم للهجرة إلى دول مجاورة على رأسها إسبانيا التي تعد بوابة للوصول إلى أوروبا فخلال الأسبوع الأول مثل 12 شابا تراوح سنهم بين 18 و24 سنة ينتمون إلى حي واحد بالعاصمة، واعترفوا عند مثولهم أمام المحكمة بمحاولتهم للهجرة السرية، حيث أسهب كل واحد منهم في ذكر الأسباب التي دفعت به إلى ركوب قوارب الموت اجتمعت كلها في الوضع الاجتماعي المتردي الذي تنعدم فيه ظروف الحياة الملائمة، فبعد بحث طويل عن وظيفة صدت فيه كل الأبواب لم يعد لهم حل إلا في العبور إلى الضفة الأخرى بحثا عن واقع أحسن. غير بعيد عن هذه الحالة عرضت ذات المحكمة قضية مماثلة أبطالها شباب من ولاية سكيكدة قدموا إلى العاصمة بعد أن فشلت محاولتهم في العبور من ولايتهم حيث دخلوا الميناء بمساعدة أحد العمال وهموا بمغادرة الوطن عبر حاوية تفطن لها رجال الأمن، أحيل المتهمون بعدها إلى المحكمة التي قضت بحبسهم ستة أشهر حبسا نافذا مع دفع غرامة مالية تفاوتت قيمتها بين شخص وآخر، من جهة أخرى مثل أحد المتهمين الذي قدم من ولاية الشلف وبمساعدة من صديق له يعمل بمصلحة الشحن بميناء الجزائر ودخل إحدى الباخرات إلا أن أمره اكتشف من قبل رجال الأمن، وعند مثوله أمام المحكمة اعترف بفعلته وذكر أنه لو سمحت له الفرصة مرة أخرى فسيعيد ما قام به لأنه فقد الأمل في حياة كريمة بالوطن فسنه حسب تصريحه تجاوز الأربعين ولا يملك حتى سكنا يكمل فيه نصف، دينه ناهيك عن مسؤوليته اتجاه أسرته لأنه المعيل الوحيد لها، وليومنا هذا لم يجد عملا محترما ودائما. يضاف إلى هؤلاء 13 متهما وجدوا مؤخرا في إحدى القوارب خلال وقت الإفطار أين أحبطت محاولتهم، وعند عرضهم أمام المحكمة تبين أنهم من أحياء مجاورة وخططوا للعملية قبل شهر رمضان واختاروا هذا التوقيت بالذات ظنا منهم أنه الوقت المناسب الذي ينشغل فيه رجال الأمن بتناول وجبة الإفطار. لا يكاد يمر يوم إلا وتعرض فيه المحكمة قضية أو قضيتين من هذا النوع وكلها دليل أن ظاهرة الهجرة السرية في تفاقم وتحتاج إلى تفكير جدي، لاستئصالها من جذورها بالبحث عن الأسباب ومن ثمة إيجاد الحلول المناسبة.