ما شدني في خطاب الرئيس المنزوع الشرعية الشعبية محمد حسني مبارك في كلمته الأخيرة المتلفزة والموجهة إلى الشعب المصري عبارة ''لم أكن أنتوي الترشح لفترة رئاسية جديدة''، وما يلفت الانتباه في الجملة غير المباركة مفردة ''أنتوي'' في توليد لمصطلح جديد أثرى به الرئيس المصري قاموس اللغة العربية. وبقدر بعد المفردة عن مصطلح ''النية'' فهي قريبة من مصطلح ''ألتوي'' والالتواء وهي المعبر الحقيقي عما يجيش في خاطر رئيس لبث في الحكم ثلاثة عقود دون رغبة في السلطة، مما يعني أن السلطة هي التي رغبت فيه لحسن في اسمه وشحمه ولحمه. هذا الفعل ال ''أنتوي'' القريب من الفعل ''الأنثوي'' والذي لا يظهر للناس إلا مرة في كل ثلاثة عقود يحمل البشارة والنذارة، بشارة للمعتصمين والمحتجين على حكمه، حيث تحول عندهم من بطل طيار إلى مفرز للأفعال الأنثوية المخجلة -بخلاف الأفعال أنثوية رجالية فحلوية-، ونذارة له بأنه منبوذ ولو تحلى بحلي الفراعنة وتمكيج بماكياج يسرى وفيفي، والدليل أنه استخدم طائرات ''أف ''16 في مراقبة المحتجين ثم دفع بالجمال والأحصنة والحمير إلى ميدان التحرير ليؤكد للجميع ماهية وحقيقة بطولاته المعومة على طول الثلاثين سنة. وهذا الفعل ال ''أنتوي'' القريب من الفعل ''الأنثوي''يحمل في طياته أيضا معاني التكبر والتعالي في لحظات الضعف والقرب من التهاوي، وصم الآذان عن سماع حقيقة الحب الذي يكنه له غالبية البشر ليس في مصر وحدها، وإنما كل الشعوب العربية بلا استثناء، فمن تكبره وبغضه لشعبه لم يقدرهم واستخسر فيهم كلمة ''النية'' ومشتقاتها، لأنه كان ''ينوي'' الترشح لعهدة جديدة ولم يكن ''ينتويها''. وما شدني فيما شدني من الحكاية كلها أمران، الأول كيف تحول اسمه من الشيوع إلى الندرة، وما على المشككين غير البحث في سجلات الحالة المدنية من المحيط إلى الخليج، وكيف جنى مبارك الرئيس على اسم مبارك طيلة ثلاثة عقود. والأمر الثاني التغني الدائم بالنسب إلى الفراعنة، وكلنا يعلم أن الفراعنة الأقحاح و''الرجالة'' والقادة الأصلاء ماتوا غرقا مع فرعون ومن آمن بموسى عليه السلام اختار ضفة أخرى، ولم يبق في المدن والقرى غير من أعرف وتعرفون. وعليه من العيب والنكارة تلقيب مبارك بالفرعون فهو لقب لا يستحقه حتى تجاوزا، لأنه لم يؤمن بالذي آمن به زين العابدين بن علي والمصريون، والدليل يا شعب قولوا: ''أنت - وي'' وأنا أقول: ''أنا - وي''.. ''أنتم - نو''.