يكثف الجميع هذه الأيام في تحضيراته لاستقبال عيد الفطر المبارك، بوضع اللمسات الأخيرة على الملبس والحلويات وتنظيف البيوت، وكما للعائلات الجزائرية طريقتها في التحضير لهذا الاحتفال الديني، كان الجدير بالقائمين على الشؤون المحلية عبر ربوع الوطن التحضير له كذلك، فلا شوارع العاصمة توحي اليوم بأننا مجتمع متحضر يدين بالإسلام الذي يدعونا للتحلي بالنظافة والتطهر سواء في أجسادنا أو ملبسنا أو محيطنا، ولا باقي ولايات الوطن سلمت من هذا المشكل، والسبب هو تصرفاتنا اللامسؤولة تجاه نظافة إقليمنا الذي نحيا فيه، وكان الأجدر بالمسؤولين المحليين التكثيف من جهودهم لتنظيف وتحسين المنظر الحضري لمحيطنا، فأين الحس المدني لدى المواطنين؟ صار من غير المعقول أن يبدي الواحد منا انبهاره بمستوى النظافة والصيانة الذي تعيره بعض البلدان الغربية لإقليمها، والأوساخ تنخر بيئتنا نحن ''المسلمين'' في عز احتفالنا بعيد الفطر المبارك، أوليست النظافة من سمات المسلم، بل ربما صار المثل الشائع الذي يقول'' تخطي راسي'' هو الذي يحكم تصرفاتنا، كيف لا والواحد منا يفكر كيف يميط أذى الأوساخ عن باب داره فحسب، بل حتى مساجدنا لم تسلم من أذى أيدي بعض عديمي الضمير واللامسؤولين، كل أصابع الاتهام متجهة اليوم نحو المواطن فيما آلت إليه العاصمة وحتى باقي دوائر ولايات الوطن، جراء الأوساخ المتراكمة في كل الأحياء والزوايا، وانبعاث الروائح الكريهة منها، وهذا لأن المواطن لا تهمه إلا نظافة بيته فقط، ولذلك فهو يرمي القمامة من النافذة غير مبال بالمحيط الذي أصبح مظهره مشوها جراء القمامات المتراكمة والتي أصبحت مهددة لصحته، وهذا راجع إلى نقص الوعي والتربية، التي على الأسرة أن تكون القدوة لترسيخ قيم الأخلاق والعمل بالحديث الشريف ''النظافة من الإيمان'' وأضاف له العرب ''والوسخ من الشيطان''، فرغم توفير السلطات المعنية لبعض الوسائل المادية للحفاظ على النظافة، بتحديدها لمواقيت إخراج النفايات واستعمال أكياس خاصة لتسهيل مهمة العمال والإبقاء على المدينة نظيفة إلى الحد الممكن، ووضع سلل المهملات أمام الأحياء، ولكن طباع أغلبية المواطنين لم تتغير، ناهيك عن الحملات التحسيسية التي تقوم بها المؤسسات المعنية حول نظافة المحيط وأثرها على الصحة العمومية، غير أن هذه المؤسسات والجمعيات لن تستطيع بلوغ الهدف في القضاء على الأوساخ إن لم يكن هناك جهد وتعاون بين المواطنين والسلطات، وهذا لن يكون إلا عن طريق إرساء ثقافة خاصة من جديد بين المواطنين، والتخلي عن الاهتمام بالمحيط الداخلي دون الاعتناء بالخارج، ولربما ينطبق علينا تماما قوله عز وجل:''إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم''. هذا البريد محمى من المتطفلين , تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته