يعيش الشارع البليدي خلال هذه الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل أجواء تطبعها التحضيرات المكثفة لاستقبال عيد الفطر المبارك بالشكل الذي يليق بهذه المناسبة الدينية، وذلك بتنظيف المنازل وصنع الحلويات وشراء ملابس العيد، إلى جانب تحضيرات استقبال المعتمرين وغيرها من العادات المتجذرة، التي تحرص عليها العائلات البليدية لاسترجاع نكهة العيد وأيام زمان. فابتداء من الأسبوع الأخير من شهر رمضان تشرع ربات البيوت في عمليات التنظيف الواسعة لاستقبال العيد من جهة، وكذا ضيوف صبيحة العيد من الأهل والأقارب والجيران الذين يتبادلون الزيارات فيما بينهم من جهة أخرى. كما تنشغل ربات البيوت إلى جانب ذلك في تحضير وصناعة الحلويات المتنوعة التي تزين طاولة قهوة العيد من مقروط و''تشاراك'' و''بقلاوة'' إلى جانب حلويات شرقية تتفنن في صناعتها المرأة البليدية، حيث تحرص ربات البيوت على تنويع مائدتها بين الأصالة والمعاصرة، فالمقروط أو التشاراك صنفان من الحلويات التقليدية اللذان يكثر عليهما الطلب من طرف الأزواج والفئة المسنة، وحتى الشباب التي لا تحلو لهم طاولة العيد من دون استحضارهما. وتؤكد الحاجة ''زهية'' أن حلوى المقروط التقليدي وكذا التشاراك المسكر هما القاعدة التي ترتكز عليها مختلف الحلويات الأخرى وعادة ما تسند مهمة تحضير هذه الحلوى للأمهات وربات البيوت فيما يترك المجال للإبداع والتفنن في تحضير ما تبقى من حلويات، والتي غالبا ما تكون شرقية للبنات والشابات المقبلين على الحياة الزوجية تضيف الحاجة زهية. وتتزين مائدة العائلات البليدية علاوة على أطباق الحلويات المتنوعة بحبات ''الصامصة'' و''السيڤار'' و''القطايف'' التي تقدم مع الشاي الأخضر المعطر بالنعناع، ولعل ما يزيد من أتعاب المرأة في هذه الأيام هو انشغالها ومشاركتها في شراء ملابس العيد المناسبة للأولاد حيث كثيرا ما يسند أمر اقتناء ملابس عيد الأطفال لها وذلك لسعة خاطرها في البحث عن ملابس أفضل و بأقل ثمن. فأجواء نهاية شهر رمضان تختلف عن بدايته حيث يلاحظ هذه الأيام تغير وجهة الأولياء من أسواق الخضر والفواكه إلى أسواق الملابس والأحذية. ولعل ما يعكس صورة هذه الوضعية هو الحديث المشترك للأولياء حول ''ملابس العيد'' و كذا تحول مختلف الساحات الكبرى والمحلات التجارية لولاية البليدة إلى مساحات لعرض ملابس العيد للأطفال لمختلف الأعمار والأصناف. ويلفت انتباهك وأنت تتجول بأحياء وأزقة المدينة الإقبال الواسع على مختلف السلع المعروضة، رغم غلائها وارتفاع ثمنها في كثير من الأحيان، فهي إذن أجواء استثنائية يصنعها مجيء عيد الفطر بالعائلات التي تسعى جاهدة لاستقباله في أحسن حلة حيث الفرحة ممزوجة بفراق شهر الصيام والغفران الذي يتمنى الجميع أن يكون صياما مقبولا وعيدا مباركا.