تستعد المرأة الريفية لاستقبال فصل الشتاء البارد بتحضير ''العولة'' ففي الوقت الذي تقتني فيه المرأة الحضرية ما تحتاجه من محلات المواد الغذائية، لا تزال بعض النساء تحافظن على تلك العادات التي كثيرا ما اعتمدت عليها أمهاتنا و جداتنا في الزمن الماضي. لا يفصلنا عن فصل الشتاء إلا مدة قصيرة ، وهو الموسم الذي تستعد فيه المرأة لإعداد مئونة تستغلها في فصل الشتاء ولا تزال المرأة في القرن ال21 عصر التقدم و التكنولوجيا مواظبة ومتمسكة بتقاليد الأجداد و الأسلاف التي توارثتها . و ذلك من خلال المحافظة على طريقة تحضير مختلف المواد الاستهلاكية التي تعتمد على تحضيرها في كل موسم شتاء كالتريدة وشخشوخة الظفر والمقطفة وخاصة الكسكسى والرشتة والبركوكس، وهي المواد ذات الاستهلاك الواسع الذي تعتمد المرأة على تحضيرها بمختلف الخضر والفواكه الموسمية، كالتين والزبيب ولأن فصل الشتاء يتميز ببرده القارس، تفضل العديد من العائلات تحضير بعض الأطباق التي تحتوي على المرق في الوقت الذي تلجئ فيه المرأة الحضرية إلى اقتناء كل هذه الأشياء جاهزة من محلات بيع المواد الاستهلاكية والأسواق تجنبا للمشقة والتعب. ------------------------------------------------------------------------ اختلاف في الإعداد و طريقة التحضير ------------------------------------------------------------------------ تتنوع المواد الغذائية التي تحضرها المرأة الريفية عن تلك التي تفضل تحضيرها المرأة الحضرية التي تميل كثيرا إلى الطبخ العصري. ولا تعود إلى الطبخ التقليدي إلا في المناسبات، إذ يكمن الاختلاف بينهما في نوعية الطبخ فالمرأة الريفية على عكس المرأة التي تعيش في المدن تعتمد في طريقة تحضير أطباقها على دمج مختلف الخضر والفواكه الجافة، ومن بين أهم المواد الغذائية التي تتربع على عرش المواد التي تحضر لفصل في فصل الشتاء القارس الكسكس أو كما يسمى في بعض المناطق بالكسكسى أو الكسكاس الذي يختلف هو الأخر في التحضير حسب المادة التي تدخل في تحضيريه فمنه الكسكسي المحضر بالسميد و ذلك المحضر بالشعير كما يمكن تحضيره بطحين القمح الحر الذي يغسل و ينظف ثم يجفف تحت أشعة الشمس ليطحن بالمطحنة اليدوية التي تكون مكونة من حجرتين في حين حاليا استبدلته العائلات الريفية على حدي قول خالتي ''مالحة'' بالطاحونة الكهربائية ليطبخ بعد ذلك بنفس طريقة الكسكس العادي وتضيف خالتي مالحة قائلة: أن المرأة الريفية تعمل على تجهيز ''عولة ''الشتاء عن طريق تحضير مختلف أنواع الرشتة والتي تحضر غالبا بفرينة القمح أو الشعير وبأشكال مختلفة حسب كيفية الطهي فالرشتة الغليظة مثلا تحضر بالمرق الأحمر وتدخل فيها مختلف الخضر وحتى الفلفل الحار . أما الرشة الرقيقة الشكل فغالبا ما تطبخها المرأة الريفية بالمرق بيضاء اللون و قطع الدجاج ومن بين المواد التي تعمل على تحضيرها من أجل استغلالها في فصل الصيف تلك العجينة التي تكون مقطعة على شكل مربعات و التي غالبا ما تكون محضرة بالشعير ولهذا تحضرها الريفية البجاوية '' بالفول المهرمش'' أو ما يطلق عليه بتسمية'' الفول المدشش '' و هي الأكلة المفضلة في أيام الشتاء البارد و زيادة على ذلك هناك بعض العائلات التي تحضر الكسكسى بمختلف الأعشاب كالريحان، الفليو ،الحبق وغيرها حسب الذوق و المنطقة لهذا تعمل المرأة الريفية على جمعها والاحتفاظ بها . كما يتم تحضير ''البركوكس'' بنوعيه الرقيق الذي يحضر بالمرق و الخضر و المتوسط و الخشن وهو النوع الذي يطلق عليه في بعض المناطق بالبربوشة إذ يحضر في فصل الشتاء بالإعشاب البرية و الفول المدشش والخضر ونصيب من ''العولة ". أما عن الخضر فتقول خالتي زهية تولي المرأة الريفية اهتماما خاصا لها وتسعي لتحضيرها حتى تعتمد عليها في تحضير بعض الأطباق في فصل الشتاء فمن بين أهم المواد التي لا بد من توفرها في المنزل في فصل الشتاء الطماطم المصبرة التي تعمل على تحضيرها المرأة بكل تفاني. وعن كيفية التحضير تقول خالتي زهية تغسل و تنظف ثم تعصر حتى تسقط البذور وبعدها تقطع إلى نصفين وترش بكمية معتبرة من الملح و توضع تحت أشعة الشمس لمدة حتى تجف وبعدها تطحن وتوضع في آنية زجاجية ويضاف عليها زيت الزيتون حتى لا تتعفن وتستغل كمعجون طماطم في تحضير الأكل . أما البصل فهو الآخر يقشر و يغسل ثم يقطع شرائح ويرش بالملح، ويوضع ليجف تحت أشعة الشمس ليستعمل بعدها في تحضير المأكولات التقليدية كالكسكسى أما الفلفل الأحمر الحلو والحار الذي يطلق عليه تسمية ''فلفل ادريس'' فيغسل ويركب في خيط من الرأس ويجفف تحت أشعة الشمس وعندما يجف يطحن أما الفلفل الأخضر فيغسل ويقطع إلى قطع صغيرة يملح و يوضع في إناء زجاجي و يغمس في زيت الزيتون ويحرك حتى يذبل وغالبا ما يحضر بالطماطم ك '' الحميس ''ويحفظ في المجمد، في حين يحضر الفريك الذي يعد هو الآخر من بين المواد الغذائية التي تحضر لاستقبال الشتاء .و لأجل ذلك تعمل المرأة الريفية عامة والبجاوية على تحضير الفريك في المنزل حيث يحصد القمح في أواخر شهر ماي عندما يكون لونه أخضر قبل الاصفرار تم يطحن بمطحنة يدوية حتى يصبح جاهزا للاستغلال. في حين التين والزبيب يختار من أجله العنب الصغير الحجم الذي يتم جمع حباته من الحقول بعد نضجها، يغلى في الماء و قليل من الزيت وبعد ذلك يجفف تحت أشعة الشمس ثم يخبئ بعد ذلك في مكان بارد خالٍ من الرطوبة وأشعة الشمس، وبذلك تكون المرأة الريفية قد حضرت كل المئونة التي تحتاجها في فصل الشتاء.