كان يا مكان .. في قديم الزمان .. بل في قديم قديم قديم الزمان رجل يسمى ''رجل ما قبل التاريخ'' كان ''رجل ما قبل التاريخ '' أميا لا يقرأ ولا يكتب .. لماذا ؟ بكل بساطة لأن الكتابة بعد لم تظهر .. لا أقلام ولا حروف. وفي ليلة من ليالي الصيف استلقى صاحبنا على ظهره ينظر إلى السماء .. النعاج من حوله نائمات والذئب يعوي كلما جنّ الليل، كان الوحيد وسط الثلاث الإنسان، الغنم، الذئاب من كان يهوى مراقبة السماء وعدّ النجوم .. بل كان يستهوي وضع علامة استفهام بجانب كل نجم يلمع .. كان الوحيد الذي يسأل عن كينونته، عن مصيره بعيدا عن إشكالات الوحش والفريسة .. بل ويساءل السماء؟ وبعد خمسة آلاف عام بقي الغنم غنما .. وبقي الذئب ذئبا .. أما الإنسان فانتقل من الأحراش والفيافي إلى غابات الحديد والزجاج من شيكاغو إلى كوالالمبور .. إنها المدن العملاقة المكتظة بالناس وبالبضائع .. النعاج ؟ ففي الاسطبلات أما الذئاب فما زالت تعوي بعيدا في ظلمة ما بعد المغيب عندما كنت أطرح هذا المثال عادة ما كانوا يجيبونني ب: ''فضل الله الإنسان على سائر الحيوان بالعقل '' الذئاب والنعاج كائنات حية .. أليس كذلك؟ .. طبعا ولكن الإنسان كائن حي مرتين .. كيف؟ الأول لأن جسمه حي، يأكل ويتحرك وأكثر من ذلك ينمو والثانية أن في داخل هذا الجسم عقل حي : كذلك يتغذى ويتسائل والأكثر من ذلك أيضا ينمو وتلك هي الخاصية الأهم . العقل الذي ينمو ويتكيف مع مواقف العيش الجديدة العقل الذي يحل المشكلات، وما أكثرها المشكلات التي واجهها ''إنسان ما قبل التاريخ ''... حاول أن تتخيل بعضها مع العلم أن اللبن وجد قبل القدح واللحم قبل السكين والمطر قبل المطارية و ... ولكن العقل وجد قبلها جميعا العقل الذي استأنس الأنعام وروّض الخيل ودفع شر وحوش الغاب . ''رجل ما قبل التاريخ'' كان همه كيف يستطيع أن يحسب عدد النجوم في السماء .. ليدرك حجم وهول معجزة الكون .. البيئة البيئة المحيطة، ''إنسان المدن العملاقة '' أمسى شغله عدّ عدد النيرونات أو الخلايا العصبية في الدماغ .. ليدرك أنها أكثر عددا من نجوم السماء ... يا للمعجزة الإنسان أمسى معجزة ذاته . (سبحان الله)