يقف الكثير من أولياء التلاميذ عاجزين عن تلبية طلبات أبنائهم المدرسية التي تتكرر باستمرار مع ما يترتب عنها من نفقات عالية خاصة فيما يتعلق بالبحوث الأسبوعية التي يطلب من التلاميذ إحضارها، فلكل أستاذ بحث معين، ولكل بحث مصاريفه التي أنهكت الأولياء بكثرتها وعدم اهتمام التلاميذ حتى بقراءتها. يشتكي أولياء التلاميذ من تعمد الأساتذة منح التلاميذ عددا كبيرا من البحوث في أسبوع واحد وكل مادة وبحثها، ولكل أستاذ طلباته. والمشكل الذي أراد الأولياء التنبيه إليه أن التلاميذ لا يكلفون أنفسهم عناء البحث والتنقيب عن الموضوع المطلوب، فكل ما يقومون به هو أخذ المال والتوجه إلى اقرب مقهى للأنترنت واستخراج البحث في ثواني معدودة وحتى هذا الأمر لا يقومون به بأنفسهم، بل يكتفون بتقديم الموضوع لصاحب القاعة ويتكفل هذا الأخير باستخراجه وتقديمه للتلميذ الذي لا يسعى حتى لقراءته، والمهم بالنسبة إليه هو ألا يتعرض للعقوبة من قبل أستاذه. يقول السيد علي لي أربعة أبناء يحرصون على أن يقدموا كل البحوث التي تطلب منهم في وقتها المحدد، وكثيرا ما يطلبون مني منحهم النقود لاستخراج بحث معين، وعندما انصحهم بضرورة أن يبحثوا في مكتبة المدرسة يتحججون بضيق الوقت والأحسن عدم تضييعه في قراءة الكتب ما دامت هناك وسيلة أسرع هي الإنترنت، والمشكلة أن المبالغ التي ندفعها في بحث واحد تتجاوز 100دينار فما بالك إذا طلب من التلميذ الواحد أكثر من بحث في الأسبوع وكيف يمكن أن يتصرف الولي الذي يملك أكثر من طفل متمدرس. قاعات الأنترنت.. المستفيد الوحيد يستنجد الكثير من التلاميذ بقاعات الأنترنت لاستخراج البحوث المدرسية وقد وجدوا أن الأمر سهل جدا ولا يكلفهم إلا إحضار مبلغ من المال يدفعونه ليكون البحث جاهزا في ثوان معدودة، غير أن النقطة التي أثارت قلق الأولياء هي أن أغلب التلاميذ يتركون أمر تحضير البحث إلى الدقائق الأخيرة، وهم في أغلب الأحيان لا يملكون الوقت لقراءته. وإذا كان هذا حال التلاميذ فما الفائدة من البحث إذا كان يقدم ويحتفظ به في أدراج القسم، أما المستفيد الأول من البحث فيبقى أصحاب مقاهي الأنترنت الذين يكفيهم تحريك محركات البحث لاستخراج مئات المواضيع التي تهم التلاميذ وللظفر بدخل مادي إضافي، بل إن الكثير من أصحاب القاعات أصبحوا يعرفون مسبقا العناوين التي يطلب من التلاميذ البحث فيها فيقومون بالبحث عنها وطبعها وبيعها للتلاميذ، وقد زادت التسهيلات التي يقدمها أصحاب القاعات من كسل التلاميذ وأثرت كثيرا على جيوب أوليائهم. أما التلاميذ فقد أكدوا أن أمر إجراء البحث ضروري ولا يهمهم إن قرئ أم لا، المهم عندهم هو أن يتجنبوا غضب الأستاذ وعقوبته المتمثلة في حذف النقاط أو استدعاء ولي الأمر والكثير منهم يقومون بإعادة نسخ بحوث زملائهم أمام عدم قدرتهم على شراء البحث من قاعات الأنترنت أسبوعيا لتكلفته الكبيرة خاصة التلاميذ الفقراء الذي يقوم عدد منهم بكتابة البحث بعد استعارته من زملائهم تجنبا لعقوبة الأستاذ. وإن كان الغرض من تقديم البحث هو دفع التلميذ وتعويده علي المطالعة وكيفية استخراج الأفكار المهمة للاستفادة منها وتقوية مهاراته وتحسين مستواه الدراسي، إلا أن البحث في مدارسنا قد خرج عن أهدافه المرسومة له، وأصبح مجرد أوراق لا يملك التلميذ الوقت في أغلب الأحيان لتصفحها وقراءتها والاستفادة من محتواها بالشكل المطلوب، وهي حال أغلب التلاميذ للأسف، فهشام وعلي لسان زملائه أكد لنا أنهم لا يملكون الوقت لقراءة البحث المطلوب والسبب كثرتها، فكل أستاذ يطلب منك أن تحضر بحثا معينا وعدد البحوث التي نقدمها أسبوعيا قد يتجاوز الأربعة، وكل بحث يحتوي على عدة نقاط بالإضافة إلى التمارين والتطبيقات المختلفة الأمر الذي جعلنا نكتفي بإعداد البحث دون أن نملك الوقت حتى لقراءته. ويبقى الأولياء رغم كل ذلك مجبرين على دفع النقود مقابل حصول أبنائهم على بحوث لا يجدون الوقت الكافي للاستفادة منها ويبقى أصحاب قاعات الأنترنت المستفيد الوحيد من عائدات البحوث المالية إلى أن يجد الأساتذة طريقة أخرى في إعداد البحوث أو الرجوع إلى الطريقة القديمة التي تعتمد علي الكتب والمراجع فهي وان كانت أبطأ إلا أنها أكثر فائدة من أزرار الإنترنت ومحركات البحث.