إفريقيا قارة مرادف اسمها في تقارير وسائل الإعلام العالمية للفقر.. الاضطراب والتخلف، ويقترن ذكرها بالجهل والأمية وغياب التنمية، وزادت الأمراض التي انتشرت مؤخرا بمعدلات قياسية أكثر من أي منطقة أخرى في العالم، في تعتيم الصورة أكثر وأكثر، وساهمت في تشكيل مشهد أكثر سوداوية. إفريقيا أيضا هي '' البقرة الحلوب '' و '' قفة غذاء '' المستعمر القديم الذي كان أوروبيا خالصا، فرنسيا وبريطانيا حظي بحصة الأسد في تقسيم '' الطرطة الافريقية '' واحتل أغلب أراضيها. أما اليوم فقد برز صراع جديد وظهر عدد من المنافسين للمستعمر القديم، من خلال تسجيل التواجد الروسي والصيني دخلا في مواجهة محتدمة مع السيطرة الأوروبية، غير أن تفجر حركات التحرر وبزوغ أنوار الاستقلال على أغلب بلدان القارة السمراء، خاصة في الستينيات، وانتهاء الحرب الباردة لصالح أمريكا، جعل أبناء العم سام، يلتفون إلى القارة لوراثة النفوذ الاستعماري الأوروبي ومواجهة النفوذ الروسي والصيني. وبينما كان المسعى الأمريكي في إطار إستراتيجيتها الكونية، أما التمسك الفرنسي والبريطاني بامتيازاتهما في القارة جزء من أجندتهما في القارة السمراء، القريبة جغرافيا من شواطئها الجنوبية، رغم أن النفوذ البريطاني سجل نوعا من التراجع مع تمدد النفوذ الأمريكي. قارة إفريقيا التي قال عنها داروين مؤسس نظرية '' النشوء والتطور '' إنها مهد الإنسان الأول لها حضارة باهرة منذ فجر التاريخ، لكنها تخلفت بسبب الحكم الاستعمارى الطويل والحروب المستمرة، التي قلت حدتها منذ تسعينيات القرن الماضي. أخيرا.. أبناء إفريقيا، أدركوا في السنوات القليلة الماضية، أهمية الوحدة والسعي المشترك نحو النهضة والتنمية في ظل الروح السياسية الجديدة لاستعادة الذات التي تسود القارة، وأطلقوا مشروع '' النيباد '' الذي كانت الجزائر من المبادرين الأوائل لإقامته. وفي قمة الاتحاد الإفريقي الجارية هذه الأيام، في منتجع شرم الشيخ المصري جدد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة دعوته لاستكمال مسار '' النيباد '' في الاتحاد الإفريقي وأكد أنه '' بات أمرا مستعجلا '' ، مضيفا بأن هذا الاستكمال '' يبدو كأولوية من الأولويات بالنظر إلى ضرورة ضمان التناسق والانسجام في العمل القاري في مجال تنمية القارة اجتماعيا واقتصاديا '' ، كخطوة تمكن من مواجهة القوى العالمية المتنافسة للهيمنة والنفوذ السياسي والاقتصادي على الثروات الكامنة في افريقيا. أهمية إفريقيا ملخصها، ما جاء في كلام الرئيس الفرنسي السابق شيراك في آخر قمة دولية أفريقية فرنسية يحضرها بأنه في ظل النهضة النامية للاتحاد الأفريقي فإن على العالم من الآن فصاعدا أن يحسب حسابا لأفريقيا، وقال إن إفريقيا غنية لكن الأفارقة ليسوا أغنياء، والثروة التي تملكها من المعادن والخامات والغابات موارد طبيعية تعزز التنمية لكنها تثير المطامع، ومع ذلك فإن العالم الجديد الذي يرتبط فيه مصير الشعوب لا يمكن أن ينعزل مستقبله عن مستقبل أفريقيا.