دعا وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السيد عمار تو أمس بالجزائر البلدان الإفريقية إلى الإقتداء بتجربة الجزائر في مجال البحث العلمي في ميدان الصحة. وأشار السيد تو في كلمة ألقاها خلال الندوة الوزارية حول البحث في مجال الصحة بالمنطقة الإفريقية، التي تقام من 23 إلى 26 جوان 2008 المنعقدة بقصر الامم بنادي الصنوبر، إلى أن الجزائر صادقت مؤخرا على قانون توجيهي جديد مخصص للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي للفترة 2008- 2012، مشيرا إلى أن الميزانية الإجمالية المخصصة في إطار هذا القانون لكافة مجالات البحث تقدر ب3ر1 مليار دولار. وأردف يقول أنه "سيتم تعميم هذه المبادرات على باقي البلدان الإفريقية"، مضيفا أن "التقارير حول الصحة في القارة الإفريقية تبين فوارق صارخة بين الدول الإفريقية" . ودعا الوزير بهذا الصدد إلى "بذل جهود أكبر لاسيما على مستوى الأنظمة الإعلامية والسياسات القائمة في مجال البحث حول الصحة"، مشيرا إلى ضرورة وضع "هياكل متخصصة" لتطبيق آليات "تحفيزية" من شأنها "وضع حد لظاهرة هجرة الأدمغة" من إفريقيا نحو دول أخرى أكثر تطورا. وقال في هذا الصدد أن المجتمع الدولي "مدعو إلى تحمل مسؤولياته" معتبرا أن "التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي تعيشه إفريقيا ليس نتاجا لأي حتمية وإنما هو وليد التاريخ المعاصر" . واعتبر أن إفريقيا "المثقلة بالديون" والتي تضم العديد من الدول هي الأفقر في العالم "ليس بوسعها أن تتحمل لوحدها تحدي البحث في مجال الصحة" . وحسب الوزير فإن أشغال الندوة تكتسي "أهمية بالغة" إذ أنها ستتمحور حول مناقشة الحلول الكفيلة ب"وقاية الشعوب من الأمراض والآفات مثل السيدا والسل والملاريا والأمراض الأخرى النادرة والمتعددة". ومن جهته أكد المدير الجهوي للمنظمة العالمية للصحة بمنطقة إفريقيا الدكتور لويز غوماز سامبو في كلمته أن منظمته ستساهم بشكل "ملموس" في الجهود التي تبذلها الحكومات والفاعلين الآخرين قصد "تحسين الوضع الصحي للشعوب الإفريقية" . وأشار في السياق إلى غياب الحلول "الأساسية" حول كيفية "تحسين" الوضع الصحي لشعوب المنطقة الإفريقية، معتبرا أن "المعلومات غير متقاسمة بشكل فعال" . وأكد أن "الحل الكفيل بالحفاظ على المكتسبات في مجالي الصحة والتنمية يتوقف على التزام على المدى الطويل لصالح البحث في مجال الصحة"، مضيفا أنه على الدول الإفريقية أن "تعمل سويا من أجل تعزيز أنظمة البحث في مجال الصحة والإعلام والمعارف". ودعا السيد سامبو من جهة أخرى إلى "تعزيز أنظمة البحث في مجال الصحة" على مستوى البلدان الإفريقية، معتبرا أنه على الدول الأعضاء إنشاء آليات لتجسيد نتائج البحث. من جهته، أكد الدكتور لويس غوميس صامبو مدير المنظمة العالمية للصحة لمنطقة افريقيا انه على المنوال الحالي لا تستطيع القارة الإفريقية تحقيق أهداف الألفية في القطاع الصحي. وقال الدكتور صامبو في حديث خص به واج على هامش الندوة الوزارية الافريقية للبحث في المجال الصحي "لا أظن ان تكون افريقيا في الموعد مع آفاق 2015 ما عدا إذا تم بذل مجهودات خارقة للعادة واستثمارات هامة حسب احتياجات المنطقة" . إلا انه أكد أن تحقيق أهداف الألفية للتنمية بالنسبة للقارة الإفريقية ممكن تقنيا إذا تم استدراك التأخر وتكثيف سيرورة تسيير الموارد لضمان نتائج حقيقية. وذكر أن تحقيق أهداف الألفية من بين الرهانات التي وافقت عليها حكومات القارة في إطار الأممالمتحدة وساهمت في تحديد هذه الأهداف والتزمت ببذل مجهودات ذاتية أولا ثم طلب المساعدات والدعم الدولي من اجل تحقيق هذه الغاية. وفيما يتعلق بالبحث العلمي في المجال الصحي قال الدكتور صامبو أن هذا الجانب هام جدا ومحدد لتنمية القطاع الصحي مشيرا مع ذلك إلى أن الاستثمارات بالقارة السمراء في هذا الميدان "محدودة جدا"، مؤكدا بأنه من أهداف ندوة الجزائر هي تحليل وضعية الأنظمة الوطنية لدول القارة في مجال القطاع الصحي. ورافع الممثل الاممي من أجل تشخيص العراقيل الكبرى لوضع استراتيجية حديثة تساهم في تعزيز نشاطات البحث مؤكدا بأن "تدعيم البحث يتطلب توفير موارد هامة" . واعترف الدكتور صامبو أن القارة الإفريقية من أكثر القارات تضررا من الامراض المتنقلة وحتى الأمراض المزمنة، موضحا بأن هذه الوضعية "لا تساعد على تنمية القارة وتطويرها" . كما أشار إلى عوامل وآفات أخرى تفتك بالقارة ولا تقل أهمية عن الأولى مثل وفيات الأمهات الحوامل والأطفال والتي اعتبرها من أعلى النسب في العالم مما يعيق تطبيق وفعالية البرامج الصحية بالمنطقة. ولاحظ المتحدت أن هذه الوضعية "لا تساهم في تحقيق التغيرات المستهدفة في مجال السياسات الصحية بالقارة، داعيا إلى "ضرورة الاستثمار أكثر في القطاع الصحي" . وذكر الدكتور صامبو بالمناسبة أن منظمة الصحة العالمية هي وكالة متخصصة في المجال الصحي تقدم دعما علميا بصفة دائمة لتحسين الكفاءات المهنية والخدمات الصحية وتقوم بتطوير نشاطات والمساعدة على تطبيقها في الميدان بالإضافة إلى تحديد الأولويات. يذكر أن أشغال الندوة الوزارية الإفريقية للبحث في الصحة التي تدوم أربعة أيام تنعقد تحت موضوع "تقليص العجز المعرفي من اجل الصحة بالقارة الإفريقية ويشارك فيها 500 مندوب إفريقي من بينهم وزراء أفارقة للصحة والتربية وخبراء في العلوم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى ممثلين عن المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الإفريقية والدولية. وتهدف ندوة الجزائر على الخصوص إلى تجديد التزامات الدول التي لها القدرة الكافية لتعزيز الإنتاج المعرفي وتقليص العجز المسجل في هذا المجال مع تحسين التنمية الصحية والعدالة في توفير العلاج بالقارة السمراء. ويتمثل الهدف الثاني لهذه الندوة في الاعتماد على المقاربات الحديثة وبعض التجارب الناجحة في مجال تعزيز قدرات البحث والإعلام وتسيير معارف المنظمة العالمية للصحة الموجهة للقارة السمراء. في حين يبرز الهدف الثالث في تدعيم استعمال المعطيات الحديثة لإعداد السياسات واتخاذ القرارات في المجال الصحي. ويتنظر من ندوة الجزائر أن تتوج بإعلان يسمى "إعلان الجزائر" الذي يتم تقديمه خلال المنتدى العالمي الثالث حول البحث في المجال الصحي المزمع عقده بالعاصمة المالية باماكوفي نوفمبر المقبل.