في إطار إحياء السهرة الأولى من الطبعة الثالثة للمهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة التي انطلقت مساء أمس بقاعة ابن زيدون في ديوان رياض الفتح، قدمت الفرقة الوطنية الجزائرية للموسيقى الأندلسية حفلا فنيا ساهرا استمتع خلاله الحضور وعلى مدار ساعات عبر رحلة موسيقية بالإيقاعات الأصيلة التي امتزجت ببعض النغمات العصرية باعثة في القاعة أجواء بهجة فرحة. وللإشارة، فإن الفرقة الوطنية الجزائرية للموسيقى الاندلسية التي تتضمن عددا من الموسيقيين المتخرجين من الفرق الجهوية الثلاث قسنطينة وتلمسان والعاصمة تميزت منذ نشأتها بمحاولة الابتعاد عن مذهبية الاستيعاب المتشدد لنموذج مرجعي وحيد، وهكذا فلم يقتصر أسلوب الفرقة على طابع جهوي بذاته بل إنها اعادت ربط أواصر جسور طبيعية بين المدارس الثلاث ولا يتعلق الأمر بتجربة سطحية يؤديها الموسيقيون وإنما هي امتداد لبحث فريد من نوعه قام به السيد '' قرباص '' وفرقة '' البياسين ''، يتناول الايقاعات والأنغام ويتسامى على مختلف المدارس بغية تحرير هذه الموسيقى من العادات والتشنجات والانطواءات على الذات التي تحول دون استعادتها مكانتها ضمن التراث الموسيقي العالمي، وقد أدرك موسيقيو الفرقة الوطنية الجزائرية للموسيقى الاندلسية دورهم كمربين وناقلين للمعرفة حرصوا كل الحرص على التكفل بشباب من ذوي المواهب قصد ضمان استخلاف مشرف للسلف.كما أن الفرقة الوطنية للموسيقى الاندلسية ليست فضاء معرفة وتراث وتبادل فحسب بل إنها تندرج ضمن مسعى حرية التعبير الفني، حيث يمكن التعبير عن اية فكرة من اجل تقديم فن عميق وحقيقي. وبعد أن قدمت البرهان على علاقات الانسجام التي تنسجها المدارس الثلاث فيما بينها هاهي مع احترامها الأمين للنوبة التقليدية من حيث ترابطاتها الإيقاعية والنغمية تفتح النقاش بشأن الإبداع وتقترح في كل مرة على جمهورها العريض مجموعة تلاحين معاصرة. وللتذكير فإنه وإلى جانب المشاركة المتميزة للفرق الوطنية الجزائرية للموسيقى الأندلسية ستشهد سهرات المهرجان مشاركة عدد كبير من الفرق الفنية العالمية، حيث سطرت المحافظة الوصية برنامجا فنيا ثريا يتواصل إلى غاية 25 من الشهر الجاري، سيكون جمهور قاعة ابن زيدون على موعد مع موشحات حلبية ونغمات المالوف من اقتراح الفرقة السورية وجمعية ''عباس ريفي'' القسنطينية. فيما ستكون السهرتان الثالثة والرابعة برتغاليتين بمشاركة فرقة ''بيدروخويا قيتار'' و''فرقة ميشال رانديا''وذلك إلى جانب جمعية دار الغرناطية التابعة لمدينة القليعة وجمعية ''اوتار تلمسان''. كما سيكون الجمهور على موعد مع كوكتال اندلسي عربي إسباني مع فرقتي ''جينافي ارمينيا'' وجمعية ''الفن الأصيل'' سهرة الجمعة 19 من الشهر الجاري. أما يوم 20 فستقدم جمعية مفتاح من قسنطينة حفلها الفني بمشاركة الفرقة الاسبانية ''دي مينيستريس'' فيما سيحيي الجوق الجهوي لتلمسان السهرة السادسة من التظاهرة وذلك بقيادة حسين حماس وبمشاركة فرقة ''فاراشان'' الايرانية، ليأتي دور الفرق التونسية والمغربية والليبية لإحياء السهرات الأخيرة للمهرجان.