لم تمر سنة 2008 دون أن تعيد العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى الواجهة، بعد حادثة اعتقال سلطات باريس للدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني في 14 أوت الفارط، والتي كانت بإجماع كل المراقبين بمثابة قضية السنة في العلاقات الجزائرية الفرنسية وحصادا يابسا من باريس التي اختارت هذه المرة عنوانا آخر للغطرسة والعنجهية غير التطاول على التاريخ والتنكر للماضي الاستعماري الأسود، وانتقلت إلى الدوس على الأعراف الدبلوماسية بعد أن أقدمت على احتجاز دبلوماسي وإطار سامي في دولة مستقلة واتهامه في قضية جنائية. قضية السنة قرصنة دبلوماسية.. ووجه آخر للغطرسة الفرنسية قضية السنة التي أعادت العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى الواجهة لم تكن تاريخية هذه المرة بعدما ظلت الضجات الإعلامية والتصريحات النارية بين الجانبين ذات علاقة مباشرة بمطلب الاعتذار والتعويض عن الحقبة الاستعمارية، وبدأت فصول هذه القضية في 14 أوت الماضي عندما أوقفت الشرطة الفرنسية الديبلوماسي محمد زيان حسني في باريس ووجهت له تهمة الضلوع في اغتيال المحامي الجزائري على مسيلي، لتطلق سراحه في اليوم الموالي وتقرر إبقائه تحت الإقامة الجبرية التي لا يزال رهنها إلى حد الآن، ليقرر القضاء الفرنسي بعدها توجيه التهمة رسميا لهذا الدبلوماسي رغم حملة الاستغراب التي أبداها العديد من رجال القانون في فرنسا من هذه الخطوة، التي قالوا إن القضاء الفرنسي نادرا ما أقبل عليها حتى من الناحية الإجرائية، وهو ما جعل العديد يتكلم حول رائحة السياسة التي انبعثت من هذه القضية غير العادية. الجزائر من جهتها التزمت الصمت لمدة 10 أيام بعد الحادثة اتخذتها لتسوية الملف بعيدا عن الأضواء الإعلامية، ليطل وزير الاتصال السابق عبد الرشيد بوكرزازة في لقائه الأسبوعي مع الصحافة ويقول بأن الحكومة تفضل معالجة هذه القضية بعيدا عن الصخب والتصريحات النارية وأنها شكلت خلية أزمة لمتابعة الموضوع، بعدما طالبت من نظريتها الفرنسية وعبر قنواتها الخاصة ضرورة معالجة المشكل بأسرع ما يمكن وإطلاق سراح هذا الدبلوماسي، لكن سلطات باريس ظلت تتحجج بالقانون الذي استعملته كقميص عثمان لتمارس السياسة على طريقتها، رغم أن الطرف الجزائري فضل الهدوء والحكمة في التعاطي مع القضية إلى أن خرج وزير الخارجية مراد مدلسي عن صمته ووصف حالة حسني ب''الرهينة'' ليفهم الجميع أنه لا مجال للحديث عن تحريرها دون المرور على الفدية، وطالب نظيره الفرنسي بإنهاء هذا المسلسل وعبر مراسلة رسمية وذلك بالرجوع إلى الأعراف الدبلوماسية المعروفة في مثل هذه الحالات، لكن باريس أصرت على إطالة حلقات هذا المسلسل أطول ما يمكن وتحت ذريعة الإجراءات القانونية. قضية السنة كما وصفت في العلاقات الثنائية بين الجزائروفرنسا كانت مميزة بكل المقاييس ونقلة نوعية حسب الكثيرين في العنجهية الفرنسية والحنين إلى النزعة الاستعمارية وإلغاء الآخر، بعد كل أشكال التباهي وتمجيد الماضي الاستعماري الأسود التي ما فتئت فرنسا تطل علينا بها بين الحين والآخر، كما أكدت من جهة أخرى بأن حقوق الإنسان والحضارة التي يتغنى بها كل نزلاء قصر الإليزي مجرد مفاهيم وشعارات مطاطية تمدد وتقلص حسب الحاجة السياسية لها، وتطبق أيضا حسب الحاجة خصوصا كلما تعلق الأمر بشعوب الجنوب، والجزائر تحديدا وهو ما تم في هذه القضية لتكون بذلك سنة ,2008 سنة القرصنة الديبلوماسية وبامتياز مثلما كانت سنة 2005 سنة تمجيد الاستعمار وسنة 2007 سنة التطاول على المجاهدين وكلها حملت توقيع الحكومة الفرنسية.