تنفرد القنوات الفضائية المشفرة بباقة مميزة من البرامج التي تثير إعجاب وتتبع شريحة واسعة من المواطنين، ومن اجل ذلك يسعى الناس للحصول عليها بأي طريقة حتى ولو كان عن طريق فك شفراتها يوميا، لكن المشكلة أنها بدأت تساهم في بروز الكثير من الخلافات داخل العائلات نتيجة رغبة كل واحد في الاستئثار بجهاز التلفزيون مدة طويلة. تستحوذ القنوات الفضائية على اهتمام شريحة واسعة من المجتمع الجزائري فبالقدر الذي أحدثته هذه التكنولوجيا من ثورة في عالم الاتصال وتقصير للمسافات فتحت الباب أيضا لكثير من المشاكل الأسرية المختلفة خاصة القنوات المشفرة التي باتت مصدر إزعاج للكثير من العائلات بين زوج راغب في مشاهدة عروض ومقابلات كرة القدم التي لا يمكن مشاهدتها إلا في هذه القنوات، وبين زوجة تود متابعة برنامج تلفزيوني أو مسلسل تنفرد بعرضه إحدى هذه القنوات وبين أخ أو أخت تبدأ فصول معركة تشعل فتيلها كل يوم القنوات المشفرة. ''بين الهوت بورد والنايل سات ضاعت العائلات'' يبدأ بائع أجهزة الاستقبال الرقمية يومه بمجموعة كبيرة من الزبائن الذين لم يعد اغلبهم يستطيع التخلي عنه خاصة عندما يتعلق الأمر بمباراة مهمة في كرة القدم تجمع بين فرق عالمية مشهورة قامت باحتكار بثها إحدى القنوات الفضائية المشفرة، فيلجا إليه الشباب لفك شفرات تلك القناة بطريقة لا يتقنها إلا هو وتسمح لهم بالاستمتاع ومتابعة تامة وكاملة لتلك المباريات أو الأفلام أو غيرها من البرامج الأخرى التي لا يستطيعون مشاهدتها لان أجهزتهم الرقمية لا يمكنها فك شفرة تلك القنوات. أما الجزائريون فيعتبرون من أكثر الشعوب العربية قرصنة لتلك القنوات وتمكنهم بسهولة تامة من فتح أكثرها صعوبة بشهادة أصحاب وملاك تلك القنوات بأنفسهم، ويرى صاحب احد المحلات المتخصصة في فك شفرات القنوات الرقمية أن الإقبال على هذا النوع من العمل يتم عادة عند اقتراب موعد بطولة كروية عالمية مشهورة أو في شهر رمضان بالنسبة للنساء اللاتي يقبلن على متابعة البرامج التلفزيونية بكثرة، والملاحظ أن مشكلة القنوات المشفرة قد فتحت المحال لكثير من الخلافات المنزلية التي وصلت في أحيان كثيرة إلي حد افتعال شجارات كبيرة بين الزوجين أو الإخوة في من يمتلك الحق في متابعة برنامجه المفضل، حيث تشتكي الفتيات والنساء من تسلط الأزواج والإخوة والاستحواذ على جهاز التلفزيون لمدة طويلة خاصة مع ظهور القنوات الرياضية المتخصصة التي لا ينتهي بثها ولا ينقطع حيث تقدم هذه الأخيرة مباراة تلو الأخرى، وهو ما يثير غضب النساء. أما الرجال فيسارعون إلى اخذ الأجهزة إلى المحلات المختصة في فك الشفرات بمجرد انقطاع البث حيث تؤكد السيدة نادية أن زوجها لا يتردد في الخروج ليلا إذا ضمن انه سيجد من يحل له مشكلة انقطاع الصورة، وتضيف أنها تود أحيانا لو تقذف هذا الجهاز من النافذة نظرا للصراعات التي تنشب بشأنه يوميا بين أبنائها أو بينها وبين زوجها، والمشكلة أن الجميع يصر على مشاهدة برنامجه المفضل والأدهى من ذلك أن كل برنامج يقع بثه في قمر فالأول يود مشاهدة برنامج على العرب سات والثاني على الهوت برد والآخر لا ادري أين.. وأمام كثرة القنوات تؤكد السيدة نادية أنها تقف عاجزة عن فك النزاعات يوميا. ''مشاكل قوم عند قوم فوائد'' يرى الكثير من الشباب أن تعمد القنوات المشفرة تغيير أرقام تشفيرها ساهم في خلق مهنة جديدة لمحلات تصليح الأجهزة الرقمية حيث خلقت هذه الأخيرة مجال نشاط جديد لممتهنيها وساعد إقبال الشباب المتواصل على متابعة القنوات الرياضية المشفرة علي زيادة هامش الربح لدى هؤلاء حيث يقبل عليهم الشباب أكثر من مرة في الأسبوع لا يهمهم المبلغ الذي يفقدونه في كل مرة من اجل فك الشفرات المهم عندهم هو مشاهدة مقابلة كرة القدم التي يريدون . والمشكل الذي لا يخفى على احد هو أن بعض هذه القنوات المشفرة يمكنها تغيير أرقام شفراتها أكثر من مرة في اليوم الواحد وأحيانا في الساعة الواحدة لكن ورغم ذلك لم يستسلم الشباب للأمر وجعلوا من فك شفرات تلك القنوات شغلهم الشاغل، وحديثهم اليومي لا ينصب إلا في ذلك الاتجاه. وتبقى الأجهزة الرقمية رغم ما أحدثته من ثورة في عالم الاتصال مجرد وسيله للتسلية لا يجب أن تتعدى حدودها وتعكر صفو وحياة عائلات بأكملها.