عبر تاريخ حروب الصهيونية مع سكان فلسطين والدول المجاورة للأرض الفلسطينية المغتصبة؛ اعتدنا على رؤية المجازر البشعة بين صفوف المدنيين، فقد قامت دولة الاحتلال على دماء الأطفال والنساء والشيوخ، وما رأيناه من قصف لمدرسة الأونروا بغزة التي لاذ إليها من ساورته آمال النجاة من وحشية آلة الحرب الإسرائيلية فباغتتهم وسلبت منهم آخر الآمال يأتي مكملا لهذه السلسلة المتصلة مما اعتادت عليه إسرائيل من مجازر إبادة، فعندما تخوض إسرائيل حربا لا شيء في مأمن من آلتها العسكرية، لا بشر ولا حجر ولا دار عبادة ولا جامعات ولا مدارس؛ فهي تملأ البر والبحر والجوبالسلاح والذخيرة، هذا عدا عما تمارسه تجاه الأسرى في السجون الإسرائيلية ضمن نهجها في كسر إرادة المقاومة والبقاء لدى كل من يعترض كيانها الغاصب، وفي هذا السياق كانت حصيلة الهجوم الحربي الإسرائيلي على قطاع غزة أزيد من 780 قتيلا وآلاف الجرحى .. أردوغان ..حفيد العثمانين الذي أنصف أهل غزة وصفع الصهاينة وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان العدوان الصهيوني على سكان قطاع غزة بأنه ''نقطة سوداء في تاريخ الإنسانية''، وتساءل عن مبررات ''هذه الوحشية'' التي قال إن المسؤولين الإسرائيليين يتعاملون بها، وجدد أردوغان اتهامه للاحتلال الصهيوني بالمسؤولية عن التوتر الذي تشهده المنطقة، وقال إن ما تقترفه من ''مذابح ضد الفلسطينيين يفتح جروحا يصعب شفاؤها في ضمير الإنسانية''.، وجدد المسؤول التركي - في كلمة ألقاها أمام برلمانيي حزب العدالة والتنمية الحاكم- دعوته لسلطات الاحتلال الصهيوني إلى وقف هجومها على قطاع غزة فورا، ووصف الأطراف التي لم تدن الهجوم بأن لها ''معايير متعددة''. وتساءل أردوغان ''لماذا الذين هرولوا سريعا لمساعدة جورجيا هادئون الآن''، وذلك في إشارة واضحة إلى الولاياتالمتحدة الأميركية التي سارعت إلى إرسال مساعدات إلى جورجيا عقب الهجوم الروسي عليها في أوت الماضي. نتوقف عند الموقف الشجاع الذي عبر عنه حفيد العثمانيين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وإدانته الشديدة للحرب الهمجية التي تشنها إسرائيل على شعب أعزل، والواقع أن موقف أردوغان الذي أكده مرات عديدة منذ بدء العدوان وكان أكثر وضوحا وشجاعة في كلمته أمام البرلمان التركي، في يشبه ''لانحياز التركي'' الى جانب الشعب الفلسطيني وتحميل إسرائيل مسؤولية ما يجري واصفا الجرائم التي ترتكبها بأنها وصمة عار، ودحضه للأكاذيب الإسرائيلية التي تبرر عدوانها بإطلاق الصواريخ، حيث أشار أردوغان إلى أن إصرار إسرائيل على فرض الحصار على قطاع غزة كان السبب الأساسي لاستفزاز حركة حماس. وذهب أردوغان الى أبعد من ذلك بالكشف عما واجهه من صلف وغطرسة إسرائيلية، عندما قام بزيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية، حيث كشف أن قوات الاحتلال أوقفته وهورئيس وزراء على أحد الحواجز في الضفة الغربيةالمحتلة لمدة نصف ساعة!. وهوبذلك يؤكد شكوى الفلسطينيين الدائمة من المعاناة والإذلال والتنكيل اليومي على أيدي قوات الاحتلال من خلال مئات الحواجز التي تقطع أوصال الضفة الغربية حيث يشكل التنقل بين بلدة أومدينة الى أخرى وكأنه سفر الى بلد آخر!. ربما جازف أردوغان وحكومته في فضح الموقف الإسرائيلي، خاصة وأن تركيا ترتبط تاريخيا بعلاقات قوية سياسية وعسكرية مع إسرائيل أهلها لرعاية مفاوضات بين سوريا وإسرائيل جاء العدوان المتواصل على غزة لينسف هذه الوساطة، وبعد موقف حكومة أردوغان هذا، على الأرجح أن علاقات أنقرة مع تل أبيب بعد العدوان على غزة لن تعود الى ما كانت عليه قبل العدوان، وليس مستبعدا حسب بعض الخبراء ان تحرك تل أبيب وواشنطن التي توفر الغطاء للعدوان للإطاحة بحكومة أردوغان، تحت عنوان الحفاظ على العلمانية وإرث أتاتورك! وجدد أردوغان اتهامه في تصريحاته أمس لوسائل الإعلام، لإسرائيل بالمسؤولية عن التوتر الذي تشهده المنطقة، وقال: إن ما تقترفه من ''مذابح ضد الفلسطينيين يفتح جروحا يصعب شفاؤها في ضمير الإنسانية''. شجاعة أردوغان .. وتشكيك بعض الأطراف العربية فيها هدد أردوغان إسرائيل من عواقب العدوان على غزة، وقال:'' إسرائيل لم تحترم تركيا بشنها عدوانا على غزة، عندما أقول إن إسرائيل وجهت إهانة لتركيا فإنني أعني الكثير الذي يجب أن تقرأه إسرائيل بين السطور'' . تلك العبارة أكدت أن أنقرة بدأت تضيق ذرعا من تصرفات تل أبيب وأنها قد تعيد النظر في تعاونها العسكري والاقتصادي معها إذا واصلت عدوانها البربري الذي يهدد كافة دول منطقة الشرق الأوسط بما فيها تركيا، وهذا ما أشار إليه أردوغان بالفعل، قائلا إن على إسرائيل أن تنتبه لأنها تسير في الطريق الخاطئ وتعمل على إضعاف علاقاتها مع دولة صديقة مثل تركيا. التهديد السابق كان الأقوى الذي يصدر من دول العالم بل إنه أحرج بعض العرب الذين التزموا الصمت تجاه ما يحدث وكأن غزة من عالم آخر، بل والمثير للانتباه أن هناك أصوات ظهرت في العالم العربي تشكك في نوايا تركيا الحقيقية من وراء تلك التصريحات النارية، مدعية أن زيارة أردوغان لعدد من الدول العربية فور وقوع العدوان والتصريحات التي أدلى بها على هامش الزيارة تأتي في إطار محاولة تركيا لعب دور إقليمي أكبر في العالم العربي وعدم ترك الساحة لإيران وإسرائيل فقط، خاصة بعد تلكؤ الاتحاد الأوروبي في قبول عضويتها به. شافيز يطرد سفير إسرائيل .. خطوة عجزت عنها 3 دول عربية ما يزيد الشعور بالعار من مواقف بعض العرب، قرار الرئيس الفنزويلي هوغوشافيز بطرد السفير الإسرائيلي لدى بلاده احتجاجا على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة والتي كان أكثرها إهانة للأمم المتحدة وما يسمى المجتمع الدولي، المذبحة التي ارتكبتها قوات الاحتلال أمس الأول بقصفها مدارس وكالة غوث اللاجئين الأنروا ! فنزويلا بلد يبعد آلاف الكيلومترات عن فلسطين وتتعرض لاستفزازات وضغوط أمريكية، لكنها أقدمت على خطوة شجاعة انتصارا للدم الفلسطيني الذي يفيض أنهارا في القطاع، يفترض أن تسبقها دول عربية في قرارات مشابهة، لكننا نفاجأ بأنه حتى أطباء عرب متطوعون يمنعون من الدخول الى القطاع للمساعدة في معالجة آلاف الجرحى، فأي زمن عربي نعيش في ظلاله؟!. فقد أعلنت فنزويلا أنها قررت طرد السفير الإسرائيلي شلوموكوهين مع ستة موظفين آخرين من السفارة الإسرائيلية في كراكاس، احتجاجا على الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة، وهوما ردت إسرائيل عليه بطرد القائم بالأعمال الفنزويلي لدى تل أبيب، ووصف الرئيس الفنزويلي هوغوشافيز الجيش الإسرائيلي ب''الجبان'' وما يحدث في غزة ب''المحرقة''، مطالبا بمحاكمة قادة إسرائيل والولاياتالمتحدة. وقال وزير الخارجية الفنزويلي نيكولاس مادورا: ''إن السفير الإسرائيلي شخص غير مرغوب بوجوده على الأراضي الفنزويلية''، وأعلن أنه خفض مستوى التمثيل مع تل أبيب إلى حده الأدنى. وجاء في بيان للخارجية الفنزويلية أن ''ما تقوم به إسرائيل في غزة يتناقض مع القانون الدولي''، ويعتبر بمثابة ''إرهاب دولة''، وأضاف البيان: ''وللأسباب السابق ذكرها، قررت حكومة فنزويلا طرد سفير إسرائيل وجزء من موظفي سفارة إسرائيل''.، وقد قامت وزارة الخارجية الإسرائيلية أعلنت عن طرد القائم بالأعمال الفنزويلي في تل أبيب ردا على خطوة كراكاس. ولا يوجد سفير لفنزويلا في تل أبيب، منذ العام ,2006 عندما سحب كلا البلدين سفيريهما من البلد الآخر بعد حرب كلامية بين الجانبين على خلفية الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف ذلك العام، وقد أعادت إسرائيل سفيرها إلى فنزويلا، بينما لم تقم الأخيرة بذات الخطوة منذ ذلك الحين. واستبق الرئيس الفنزويلي قرار طرد السفير بتصريحات صحفية وصف فيها الجيش الإسرائيلي ب''الجبان'' بسبب العدوان على قطاع غزة، وقال: ''كم هوجبان الجيش الإسرائيلي، فهويهاجم أناسا وهم نيام وأبرياء، ويتفاخر بأنه يدافع عن بلاده، وأنا أدعوالشعب الإسرائيلي بأن يثور ضد حكومته''.، كما دعا شافيز إلى محاكمة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز والرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جورج بوش الابن أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ''الإبادة الجماعية''.، وقال: ''ينبغي جر الرئيس الإسرائيلي إلى محكمة دولية ومعه الرئيس الأمريكي، لوكان لهذا العالم ضمير حي، يقولون إن الرئيس الإسرائيلي شخص نبيل يدافع عن شعبه، أي عالم عبثي هذا الذي نعيش فيه؟''. وطالب شافيز المجتمع الدولي بوضع نهاية لما وصفه ب''الجنون'' في غزة، وقال إن بلاده تعمل على إيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، وطالب الرئيس الفنزويلي اليهود في بلاده بمعارضة ''هذا العمل الوحشي''، وقال: ''على يهود فنزويلا أن يدينوا هذه البربرية''. وقد عرف عن شافيز مواقفه المناهضة للسياسات الأمريكية والإسرائيلية، والداعمة للمواقف العربية، وذاع صيته إعلاميا وشعبيا على الصعيد العربي بعد مواقفه القوية، حتى أن البعض أطلق عليه ''شافيز العربي''، بحسب مراقبين خلال حرب لبنان في صيف .2006 وعندما قام شافيز بسحب سفير بلاده من إسرائيل خلال حرب 2006؛ لقي ترحيبا شعبيا عربيا واسعا، وصل إلى حد إطلاق بعض الشعارات في مدونات الإنترنت، منها ''عاشت فنزويلا حرة عربية''، في إشارة إلى تحقيق فنزويلا مطالب شعبية عجز الحكام العرب عن الإيفاء بها. وجاء موقف هوغوشافيز وأردوغان وهناك ثلاثة بلدان عربية تتبادل السفراء مع إسرائيل، ولم تقم أي منها بذات الخطوة التي قامت بها فنزويلا، وكان الإجراء الأهم في هذا الإطار، قيام السلطات الموريتانية الإثنين الماضي باستدعاء سفيرها لدى تل أبيب أحمد ولد تكدي؛ للتشاور بشأن الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة. بينما اكتفت الدولتان الأخريان، وهما مصر والأردن، باستدعاء السفير الإسرائيلي لديهما للتشاور، فيما لم تقدم دول عربية أخرى لها علاقات دبلوماسية أقل مستوى مع إسرائيل على أي قرار تصعيدي بشأن علاقاتها مع تل أبيب. وامتلأت الصحف ووسائل الإعلام العربية بمقالات لكتاب ومحللين عرب انتقدوا بشدة '' عجز'' هذه الدول الثلاث عن اتخاذ خطوات دبلوماسية تصعيدية بحق إسرائيل ردا على مجازر غزة. دروس من مواقف شافيز وأردوغان القرار الذي اتخذه الرئيس الفنزويلي هوغوشافيز بطرد السفير الإسرائيلي من بلاده احتجاجا على مجازر غزة يشكل درسا بليغا للعرب في التعامل مع هذه الأزمة التي وجدوا أنفسهم في مواجهتها وفشلوا حتى في إثبات وجودهم الجماعي بشكل رسمي في كيفية التعاطي معها عربيا ودوليا. لقد كشفت مجازر غزة مدى الهوان فقد فشل العرب حتى في عقد قمة عربية تصدر ولوبيان جماعي وتركوا المهمة للرئيس الفرنسي الذي قام بجولة عربية واستطاع من خلالها أن يقنع بعض القادة بتقدم مبادرات لإيقاف الغارات الإسرائيلية مقرونة بشروط إسرائيلية. ويقول الخبراء أن هذه المبادرات تؤكد الفشل حيث ان البعض سعوا لمكاسب خاصة بهم من خلال لعب دور منفرد لإيقاف الغارات بعيدا عن الإجماع العربي وهذا يعني تحييد العرب بمنع انعقاد القمة الطارئة وحصر الأزمة في إطار أحادي من خلال استغلال الدور الفرنسي الذي يسعى لإيقاف الغارات ومنح ضمانات لإسرائيل تستغلها مستقبلا في لجم المقاومة الفلسطينية ليس بقطاع غزة فحسب وإنما في كل الأراضي الفلسطينية. من المؤسف حقا أن يتراجع الدور العربي لمواجهة استحقاقات المرحلة ليكون خلف الدورين التركي- الذي بدا واضحا في إدانة المجازر الإسرائيلية وسعي اردوغان شخصيا للأمم المتحدة- والدور الفنزويلي الذي توج بطرد السفير الإسرائيلي من كراكاس، فالموقفان التركي والفنزويلي كشفا المستور عن العرب الذين لعب بعضهم دور المحرض لإسرائيل للقضاء على حماس بسبب خلافات معها. من المؤكد أن دول الطوق اوجوار غزة، قد فشلت فشلا ذريعا في التعامل مع أزمة غزةالجديدة وأوضحوا للعالم مدى فشلهم ومدى ضعفهم في مواجهة الأزمات، إن بوادر الفشل واضحة تجاه مهمة اللجنة الوزارية العربية التي تقوم بتسويق موقف عربي غير مجمع عليه رئاسيا لمجلس الأمن، فإذا كانت هناك مساع حقيقية يجب ان تكون تجاه تسريع قمة عربية طارئة للخروج بموقف جماعي يضع إطارا للتعامل مع إسرائيل في الأمور المتعلقة بالقضية الفلسطينية وليس قطاع غزة وحده، من المؤكد ان قرار شافيز وتصريحات أردوغان يحملان عدد من الدروس يجب إدراكها.