يحظى التراث الثقافي لولاية تمنراست '' الاهقار '' بمكانة هامة بين سكان المنطقة وما تزال الثقافة المادية بمختلف ملامحها الصحراوية تواكب التغيرات الاقتصادية والثقافية رغم السلوكات العفوية للرجل التارقي الحريص على الحفاظ على هويته الامازيغية ضمن نمط حياته البسيطة التي تجعل من الثقل العدو الأول لكل تارڤي وهو ما تثبته العينات المادية التي نعرضها خلال هذه الورقة حول الثقافة المادية بالاهقار . الثقافة المادية بالاهقار نقصد بذلك كل ما يتعلق بالسلوك الشعبي الملموس وليس المسموع والذي يشمل التقنيات والمهارات المتوارثة خلفا عن سلف بما فيها الحرف اليدوية والصناعات التقليدية ونمط الملبس والمأكل والمسكن وما إلى ذلك من الأشياء التي تتم صناعتها يدويا وبطريقة متوارثة عبر الأجيال ولعل أهمها الخيمة، حيث ظهرت أولى معالم الحضارة بمنطقة الاهڤار في حدود سنة 1850 في عهد ''الامنوكال سيد احمد البكري'' باقتياده لعدد من المزارعين وحرفيين من منطقة توات والتيدكلت الى الاهقار من اجل تحقيق الاستقلال الغذائي بعد ان كان سكان الاهقار بدوا رحلا يعتمدون على تربية الماشية وكثرة التنقل بحثا عن المراعي ومرافقة القوافل التجارية العابرة للصحراء فكانت الخيمة مسكنهم المناسب والمفضل . صناعة الخيمة من مهام المرأة التارقية على عكس باقي المجتمعات فالمرأة التارقية هي التي تقوم بصناعة الخيمة وتركيبها باستعمال جلود الماعز والغنم وفي حالات نادرة جلود العجول، بحيث يدبغ الجلد ويجهز بصفة خاصة حيث يكون ناعم الملمس وذا لون مائل إلى الحمرة وبعد إعداده يقطع إلى قطع متلائمة ثم تخاط قطعة بأخرى بعناية بخيط من الجلد نفسه، ويتراوح عدد قطع الجلد الضرورية لصنع خيمة واحدة من 3 الى 15 قطعة وذلك حسب حجم الخيمة ويصل وزن الخيمة المتوسطة المنتهية الصنع عادة بين 25 و3 كلغ. وعند انتهاء الجانب الخاص بالمرأة يقوم الرجال بتحضير الأعمدة لنصب الخيمة ويكون ذلك على أعمدة عمودية وأفقية من الخشب التي يقوم الرجل بتحضيرها وتزيينها بأشكال هندسية خاصة مستوحاة من ثقافة التوارڤ. تركب الخيمة فوق ستة أعمدة خشبية عمودية تسمى ''اقتن '' بعلو يقدر بحوالي 50.1 متر تغرس في الأرض بحوالي 2 سنتيم ويعرف العمودان الموجودان في الوسط باسم ''تمنكيتن''، تربط الأعمدة فيما بينها بثلاثة أخشاب مستديرة الشكل أفقيا باستعمال حبال مصنوعة من جلد الماعز وتثبت في محيط الى أوتاد صغيرة تسمى '' تستوتاي ''. أما عن واجهة الخيمة فتكون مفتوحة من جهة الجنوب الشرقي لتجنب الشمس وتربط الاطراف في اعمدة عمودية تثبت في مقدمة الخيمة تعرف ب'' اركتن '' وبالداخل تكون الخيمة محاطة ب'' اسابر'' وهو عبارة عن حصير طويل مستطيل الشكل '' يتراوح حجمها ما بين 8 سم على 6 امتار '' وتستغرق صناعته عمل امراتين مدة عام تقريبا ويلزم ثلاثة الى اربعة حصائر لتاثيث الخيمة، اثنان بداخل الخيمة تغربل الريح واثنان في شكل دائري خارج الخيمة يشكلان فناء أو باحة لضمان الحياة الخاصة للأسرة. الجهة اليمنى من الخيمة خاصة بالرجال والجهة اليسرى خاصة بالنساء ويتألف المخيم عادة من 5الى 6 خيام بينما يتكون مخيم الامنوكال من حوالي 15 خيمة وهناك حكمة شائعة عند التوارق تقول ''باعدوا خيامكم قربوا قلوبكم''. 25 عاما.. السن الشرعية لوضع التقيلموس ''اللثام'' من التقاليد المشهورة لدى التوارق وضع اللثام المسمى ب '' تاقيلموس'' ولهم طريقة خاصة في التزين به خاصة طبقة النبلاء، حيث يغطون وجوههم من أسفل العينين وحتى الجبهة والانف ولا يترك اللثام إلا جزءا ضيقا جدا للعينين وقسما صغيرا للأنف وهي كل الأجزاء التي يمكن أن تظهر من وجه التارڤي . وهناك نوعية خاصة للقماش المستعمل في نسج اللثام ولا يحق للتارقي وضع اللثام إلا ببلوغ 25 عاما، وفي هذه المناسبة تقام احتفالية طقوسية لوضع اللثام أول مرة ويقال لا يصبح الرجل طاهرا وتقيا إلا إذا لبس اللثام. ولاينزع التارقي قديما اللثام ليلا ولا نهارا ولايسمح اطلاقا لأحد بالاطلاع على وجهه بتاتا ولا حتى أهله أو زوجته. الصناعة التقليدية تعد الصناعة التقليدية احدى اهم مكونات عنصر الثقافة المادية لدى الشعوب بمرورها بتجارب الاجيال المتعاقبة، ومنذ العصر الحجري شهدت منطقة الاهقار مرور الانسان البدائي بتجارب مكنته من مجابهة مصاعب الطبيعة والحيوانات من اجل البقاء واستمرار الحياة فخلف صناعات حجرية الى جانب صناعة الفخار. وبقي الإنسان في هذا المستوى الى غاية منتصف القرن التاسع عشر 1850 حيث كان سكان الاهقار يعتمدون على غيرهم من الشعوب لتلبية حاجياتهم الأساسية في الحياة كاقتناء السيوف ووسائل الدفاع عن النفس والقبيلة وجيرانهم في النيجر والمالي، وفي عهد ''سيد احمد البكري'' قام فرسان '' كل غلة النبيلة '' بغزو قبيلة '' كل ابففوغاس'' بشمالي المالي وخطفوا مجموعة من العبيد كان من ضمنهم السيد المين الى جانب 44 حرفيا، هذه الشخصية تفاوضت مع الامنوكال على أساس انه ليس عبدا بل حرفيا، ونظرا لحاجة مجتمع الاهقار لهذه الفئة وإمكانية مساهمتها في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتصنيع وسائل الحرب محليا اعتذر سيد احمد البكري وطلب من مفاوضه حرية البقاء او العودة الى أهله فأقام ''المين'' في مخيم الامنوكال وأصبح حرفيا بالمنطقة . ومنذ هذا التاريخ دخلت هذه الفئة الى التركيبة الاجتماعية لأهل الاهقار. الامزاد والتيندي قوام الموسيقى الشعبية بالأهقار على الرغم من التغيرات الاجتماعية التي طرأت على التركيبة الاجتماعية بالهقار ابتداء من دخول مورد الزراعة في الاقتصاد المحلي في عهد سيد احمد البكري من سنة 1850 وما نتج عن هذه العملية من انعكاسات ثقافية من ناحية المسكن واللباس والرقص والغناء، هناك عامل الاستعمار الفرنسي الذي ترك اثره الواضح في المسار الفولكلوري للاهقار ابتداء من 1902 بعد منع الغزوات التي كانت تنظم قبل هذا التاريخ مع تكبيل حركية فرسان توارق الاهقار بصفة عامة، وهذه الامور ساهمت في تغيير التوراڤ ثقافيا بمنطقة الاهقار بالصمت الكلي لبعض الآلات الموسيقية أو تراجع دورها في المجتمع، وخير مثال على ذلك آلة الامزاد هذه الآلة النبيلة التي كانت تعزف على شرف فرسان القبيلة. حقبات ظهور الطبوع الموسيقية المختلفة الخاصة بالمنطقة الموسيقى الخاصة بالنبلاء تعد آلة الامزاد الآلة الموسيقية النبيلة الوحيدة التي يمجدها توارق الاهقار وخاصة طبقة النبلاء، حيث تعزف من قبل المرأة التارقية ويحرم على الرجل لمس هذه الآلة كون الاعتقاد السائد قديما انه نتيجة هذا الفعل سيصاب الرجل اوقبيلته بمكروه خاصة اذا كانت تستعد لاطلاق احدى القوافل قصد التجارة أو الاستعداد للقيام بغارة على القبائل المجاورة. والمعروف ان هذه الآلة ماتزال تشد اليها المعجبين محليا وتمثل ولاية تمنراست في المحافل الوطنية والدولية . أما طبقة الآكلان فقد عرفت بطبوع موسيقية خاصة تمتاز بكونها موسيقى راقصة باستعمال الدف والتصفيق الى جانب النصوص الموظفة التي تختلف جوهريا عن موسيقى الطبقة النبيلة. إلى جانب هذا فالرقصات الفلكلورية سهلة التنفيذ حيث تكون فرصة مشاركة جميع اعضاء القبيلة في الرقصة مع بساطة الحركات، ومن هذه الرقصات رقصة تاهيقلت وهي رقصة مختلطة تشارك فيها المرأة الى جانب الرجل وتكون وظيفتها الغناء والرقص وتقام في مختلف المناسبات الاحتفالية فهي تعني العزوبية حيث تتحمس المرأة للغناء ومغازلة رجل المستقبل . أما رقصة التزنغاريت فهي رقصة يتغنى بها الرجال والنساء ويمكن وضعها في خانة الرقصات الليلية بحيث تؤدى عادة بعد منتصف الليل وتدوم حتى الفجر، وكثيرا ما يدخل الراقصون في غيبوبة تامة. موسيقى التيندي يعود تاريخ دخول موسيقى التندي الى الاهڤار الى حدود سنة 1930 من ادغال ايفوغاس، وابتداء من هذا التاريخ بدأت عادة توظيف المهراس '' التيندي'' في الموسيقى الى جانب استعماله في طحن القمح والبذور، حيث توضع على فم المهراس قطعة من الجلد تربط بإحكام بالحبل، كما يوضع قضيبان متوازيان من الخشب تجلس في كل جهة امرأة لضمان توازن هذه الآلة الخاصة بالنساء التي ترفق الإيقاعات التيندية بأغانٍ تحمل نفس التسمية .