إسرائيل هي المسؤولية عن وصول الوضع إلى ماهو عليه الآن، لأنها الطرف الذي لم يلتزم بالتهدئة، لم تفك الحصار عن شعب أعزل ورفضت عرضا تركيا للوساطة مع حماس في الأيام الأخيرة قبل المجزرة التي ترتكبها حاليا في غزة'' هكذا قالها بوضوح رجب طيب أوردغان. غزة عنوان العزة هكذا تحدث بعض الكتاب والمثقفين في الآونة الأخيرة تعبيرا عن الوضعية الصعبة التي أوصل إليها البلاء الذي امتحنت به غزة والاستبسال الذي أثبته الشعب الأبي في المواجهة وهكذا خاطب نشطاء فصائل الاستثبات والممانعة أنفسهم وعملوا على التنسيق والتوحد في مواجهة آلة الحرب الهمجية في خطوة ائتلافية غير متوقعة في الحالة الفلسطينية والعربية خاصة بعد انقسام حاد ومرير وفي ظل صراع طويل على الشرعية وأهلية قيادة المشروع الوطني الانعتاقي. غزة عصية على الغزاة المحتلين وهاهي تواصل أسطورة الصمود والتحدي وترفع لواء النصر والاستشهاد وتصنع الأشياء الكثيرة بالكلمات القليلة لتقول العجب العجاب للعالم عن أفانين العزيمة وصلابة الإرادة الذاتية وقوة المبادرة الشعبية ومعنى التعويل على الرأسمال البشري والإعداد الجيد للمعركة والتخطيط العلمي للمستقبل وتكذب مطامح الانهزاميين والمتربصين الساعية إلى تحويل الفلسطينيين إلى مجموعة من المحتاجين الذين يعيشون على التبرعات الدولية والمساعدات الخيرية. الأسبوع الثاني من الهجمة الاختراقية التدميرية حمل الموت إلى الأطفال والشيوخ والمرضى والتخريب للمساكن والمباني والتطهير العرقي للسكان والظلام إلى القطاع المنكوب وصحراء العدم إلى القلعة الغزاوية التائقة نحو الوقوف شامخة والمريدة للحياة ورغم ما يقارب ستة مائة شهيد وأكثر من ثلاثة آلاف جريح ومشرد ولاجئ خلى مسطح المحايثة هناك من الرايات البيضاء وارتفعت مكانها الرايات الخضراء التي ترمز إلى القابضين على الجمر الذين يضربون في الأرض وينقحون الأفق. عقدة الغرب من الشرق بدت واضحة للعيان والعقلية الاستشراقية الاستعمارية مازالت ترافق ما تبقى من أحلام التنوير والحداثة في مخيلة عرابي ''الشرق الأوسط الجديد'' والموقف الذي ينظر إلى الهجوم على أنه دفاع ويحمل الضحية مسؤولية المجازر التي يرتكبها الجلاد ولا يعتبر إلقاء 85 ألف طن من القنابل قصد إبادة العرب والمسلمين جريمة حرب تعاقب عليها القوانين الدولية هو موقف مخزي وغير إنساني.