بعد التعليمات الصارمة في مجال تطبيق واحترام قانون المرور للتقليل من الحوادث التي عرفت ارتفاعا كبيرا في السنتين الأخيرتين، أصبح أعوان الشرطة المكلفون بتنظيم السير ملزمين بالتقيد بالقوانين، ما رفع معدل سحب الرخص بطريقة واضحة دون تساهل حتى مع السائقين الجدد، رافعا معه ظاهرة أخرى هي استخدام المعارف والنفوذ في استردادها، ما يعتبره عناصر الشرطة عائقا في تأدية مهامهم ويتسبب لهم في خلافات مع المقربين. عبر العديد من أعوان الشرطة المكلفين بتنظيم المرور في تصريحات متفرقة ل ''الحوار'' عن الصعوبات الجمة التي باتت تواجههم في تأدية مهامهم في الآونة الأخيرة لتضاف إلى تلك التي تعترضهم يوميا، حيث أوضح لنا غالبيتهم أنهم يتعرضون لشتى أنواع المشاكل ولأسباب بسيطة خارجة عن نطاق سيطرتهم أولى مسبباتها المحسوبية وتدخل أصحاب النفوذ المدفوعة بمشاعر الخوف من عرض الحالات على المحاكم. ضربني وبكى ..سبقني واشتكى يسجل يوميا أعوان الأمن عبر شوارع العاصمة مخالفات مرورية تتعلق غالبيتها بعدم احترام تعليمة وضع حزام الأمن، حيث يهمل العديد من المواطنين هذا الإجراء البسيط ليعودوا بعدها نادمين في حال قمنا بتحرير المخالفات ضدهم أو جردناهم من رخص السياقة، قال عبد الكريم عون أمن شرطة من ساحة أول ماي، وأضاف ''منذ أن التحقت بالسلك في 2002 وأنا أقوم بواجبي على أحسن وجه، أحاول فرض تطبيق القانون على الجميع دون تمييز بين الناس سواء أكانوا مسؤولين أو مواطنين بسطاء، وحتى أفراد عائلتي وإخوتي فالكل سواسية أمام قانون المرور، ولا أسمح لنفسي بتمضية مخالفة دون أن يلقى مرتكبها جزاءه حسب ما ينص عليه القانون ولم تواجهني يوما أية مشكلة في القيام بواجبي ، ولكن وبعد صدور منذ سنتين تعليمة تلزمنا بالانضباط أكثر ظهرت على الساحة جملة من المشاكل على رأسها المحسوبية وتدخل أصحاب النفوذ أو ما يطلق بالعامية '' المعريفة'' أصبحت حياتي لا تطاق، وخاصة بعدما تم تحويلي إلى الطريق السريع لبرج البحري ، حيث تكثر التجاوزات و الإفراط في السرعة وكذا خرق الخط الأصفر المخصص للاستعجالات. صرت أحرر شخصيا حوالي 20 مخالفة يوميا متبوعة في معظم الأحيان بسحب رخصة السياقة عندما تقتضي الضرورة ذلك، لكن المشكل الحقيقي لا يتوقف في عددها أو في أسبابها وإنما فيما يترتب عليها، لأن الرخص التي نقوم بسحبها لا يتم تقديمها إلى أمن الدائرة المعنية إلا في نهاية اليوم، ما يسهل على أصحاب ''المعريفة'' إعمال معارفهم في الإفلات من دفع قيمة المخالفة أو حتى من عرض ملفاتهم على لجنة تحيلها بدورها إلى محكمة الجنح، فأجد نفسي مجبرا في مرات عدة على إعادة الرخص إلى أصحابها ساعة على أكثر تقدير بعد سحبها، مع تحمل فضاضة الأشخاص الذين ترون أنهم على حق وأننا ظلمناهم بتأديتنا لواجبنا، على نحو ضربني وبكى وسبقني واشتكى، فأصبحت أتساهل أحيانا مع بعض المخالفات المرورية. الندم في وقت متأخر من جانبهم أكد لنا بعض المواطنين ممن تعرضوا لتحرير مخالفات مرورية ضدهم أو سحب رخص سياقاتهم ، أن الندم يأتي متأخرا خاصة إذا لم تكن لديك ''المعريفة'' لتدارك الخطأ قبل فوات الأوان. سمير أحد الأشخاص الذين مازالوا إلى حد الآن نادمين على تهورهم في لحظة ما وهو الذي يعتمد على سيارته في كسب قوته اليومي حيث يعمل ''كلونديستان''، سحبت منه وثائق ورخصة السياقة في مدينة البليدة منذ 3 أشهر عند قيامه بتوصيل أحد زبائنه في ساعة متأخرة من النهار كان الزبون متوجها على جناح السرعة إلى المستشفى فطلب من سمير أن يستعمل الرواق الأصفر المخصص للاستعجالات فسايره ليكون مصيره بين أيدي أعوان الشرطة حيث تم منعه من السياقة لمدة 3 أشهر ستنقضي في 16 فيفري الجاري، وكل هذا لأنه لا يتمتع بالمعريفة كما قال لنا.