محاولة الآباء الكذب على أطفالهم لأجل التأثير على سلوكهم يمكن أن تؤثر على العلاقات داخل العائلة وتساهم في انهيار القيم الأخلاقية. يعمد الكثير من الآباء إلى الكذب على أطفالهم في عديد المسائل عندما لا يجدون حلا لعناد أبنائهم أو ردا على تساؤلاتهم و أحيانا يكذبون عليهم لترهيبهم، ومن أكثر حالات الكذب شيوعا تهديد الأطفال بتركهم لوحدهم في أماكن عامة ما لم يتحلوا بسلوك جيد، وتتراوح وسائل الإقناع بين اللجوء إلى مساعدة "حورية الأسنان" وترهيب الأطفال بأنهم سيصابون بالعمى ما لم يأكلوا صنفا معينا من الخضر، أما الوسيلة الأخرى فهي الإطراء، مثل الثناء على عزف الطفل للبيانو. ومن الأمثلة الأخرى الشائعة أن يعد الوالدان الطفل بشراء ما طلبه في المرة القادمة. وهناك "الكذب الهادف" لإخراج الوالدين من مأزق، من قبيل "لم أحضر نقودا معي" إذا طلب الطفل شيئا لا يرغبان في شرائه. ومن أكثر أشكال الكذب شيوعا تظاهر الوالدين بأنهما سيتابعان طريقهما ويتركان الطفل لوحده، وهذه الكذبة تستخدم حين يكون على الوالدين مغادرة مكان ما بينما يرغب الطفل في البقاء. وقسم الباحثون أشكال الكذب المستخدمة إلى فئات، بعضها مرتبط بسلوك الطفل والرغبة في تغييره، من خلال تهديده باستدعاء الشرطة مثلا، أو أن شخصا ما سيخطفه. وتبين من دراسة أجريت على العديد من العائلات أن معظم الآباء والأمهات يكذبون على أطفالهم لمحاولة التأثير على سلوكهم. ووجد الباحثون أن الوالدين كثيرا ما يلجآن إلى الكذب الهادف للترغيب في سلوك معين مثل إقناع الطفل بأكل أنواع محددة من الخضر، كالبروكلي والسبانخ، وإخبار الطفل بأنه سيزداد طولا لو أكلها. ولم يجد الباحثون فروقا تذكر بين الكذب الذي يلجأ إليه الآباء والكذب الذي تلجأ إليه الأمهات. وترى الدراسة أن اللجوء إلى الكذب كما في الحالات السابقة قد يؤثر على العلاقات داخل العائلة حين يكبر الأطفال. وانتهت الدراسة إلى أن الموضوع يطرح إشكالية أخلاقية حول ما إذا كان كذب الوالدين مبررا، وفي أي الحالات يكون كذلك. وبينت دراسة أجراها خبراء التربية أن الكذب الأبيض على الأطفال يثير مشاكل أخلاقية عديدة لاحقاً، وذلك لأنه يعلم الأطفال بأن الكذب مسموح، وكشفت الدراسة التي حملت عنوان "الكذب بهدف التهذيب"، أن العديد من الآباء والأمهات يستخدمون الكذب لتغيير أو تعديل سلوك سيء عند الأطفال. تصنيفات الكذب وقام الباحثون بتصنيف الأكاذيب الشائعة ضمن فئات مختلفة؛ فمثلا تم تصنيف بعض الأكاذيب تحت عنوان "عبارات كاذبة مرتبطة بمشاعر إيجابية"، فعلى سبيل المثال، إخبار الطفل بأن حيوانه الأليف الذي مات لم يمت فعلاً ولكنه ذهب للعيش في مزرعة أقاربهم البعيدة. كذلك، هناك عبارات كاذبة مرتبطة بالسلوك السيئ، على سبيل المثال، إذا لم تبدأ بالتصرف بطريقة جيدة فسوف تأتي السيدة الشريرة التي تسكن في آخر الشارع لتأخذك. بينما وصفت الأكاذيب الأخرى بأنها "ظرفية"، فعلى سبيل المثال، عند عدم الرغبة في شراء لعبة للطفل، يقول الأب أو الأم "لم أحضر معي نقودا اليوم، سنأتي غدا ونشتري ما تريد !"، كما اعتبر الخبراء أن موسم الأعياد فرصة كبيرة لاستخدام الأكاذيب المرتبطة بالشخصيات الخيالية والوهمية لتشجيع السلوك الجيد. وحذر الباحثون الآباء من مغبة الكذب على أبنائهم مؤكدين أن هذا السلوك مهما كانت أهدافه يمكن أن يضر الأطفال أكثر مما ينفعهم، ويجعلهم غير جديرين بالثقة مستقبلا.