رد ابو جرة سلطاني على بعض المهاجمين لشخصه لكونه كان وزيرا في النظام السابق قائلا في منشور له: يقول الله (جل جلاله) عن المروجين للإشاعة والدّعاية والإفك والأراجيف: " إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم" النور: 15. من أبسط القواعد التي حفظناها في بداية تعلّمنا أصول الفقه قول فقهائنا الكبار: " إذا كنت ناقلا فالصّحة. وإذا كنت مدّعيا فالدّليل". لكن كثيرا من أبناء الإسلام – لاسيما الشباب – لا ينقلون صحيحا ولا يقدّمون دليلا على ما يكتبون، وحجّتهم في منازلات " الضرب تحت الحزام" أنّ فلانا شخصيّة عمومية !! تجوز غيبته وتشويه سمعته والطّعن في عرضه..!! لأنه كان مع النظام..!! وهو حقّ أريد به باطل كما قال الإمام علي (رضي الله عنه) عن الخوارج الذين فسّروا القرآن بأهوائهم. من حيث المبدأ ، ليس كل من كان مع النظام مذنبا ولا سارقا ولا مختلسا ولا شريكا للفاسدين في الجرائم التي ارتكبوها ضدّ الوطن والشعب والدين واللغة والتاريخ.. فكل إنسان مسؤول عند أعماله، وربنا (جل جلاله) يقول: " ولا تزر وازرة وزر أخرى" فاطر: 18. هذا في الدنيا. وفي الآخرة: " كلّ نفس بما كسبت رهينة" المدّثر: 38 . أما القول بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، فحدّث عن "الفضاء الأزرق" ولا حرج، وللتذكير فقط فقد قال الناس كلاما غير لائق في الكتب وفي الرسل والملائكة والصالحين والعلماء.. وقالوا حتى في الله (جل جلاله). قالوا: يده مقبوضة..!! وجعلوا له صاحبة وولدا..!! و قالوا هو واحد من ثلاثة..!! وسمع الله أقوالهم وكتبها عنده: " لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا" آل عمران: 181.. فهي عنده مكتوبة ومسطورة:" وكل شيء فعلوه في الزبر. وكل صغير وكبير مستطر" القمر: 53/52. من حيث الموقف الأخلاقي، أرى كثيرا من شباب "العملاق الأزرق" يتسلّون بتغريدات مجحفة ويتلذذون بسب الناس واقتحام حرماتهم والنشر بغير علم ولا وعي ولا تثبت ولا تقدير للعواقب.. ويحسبون التغريد في الفايس بوك هينا: " وهو عند الله عظيم" النور: 15. ربما لجهلهم بالمآل..!! في الحكم الشّرعي، كل ما يصدر عن أغلب روّاد التواصل الاجتماعي من إساءة لأعراض الناس و تدنيس لشرف الأفراد والأسر وترويج لأراجيف ونشر لإشاعات لا أساس لها من الصحّة. ولا سند لها سوى ما يفتريه عليهم خصومهم الذين عجزوا عن مواجهة الرجال بالحجُة والدليل فاخترعوا ما أشاعوه من إفك ظنّا أنهم سيضرّوهم به. فإذا بهم يكتشفون أنهم خدموهم من حيث لا يشعرون. رابعا: هذا بلاغ للناس، في رحلة الإسراء والمعراج مرّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على قوم لهم أظافر من نحاس يخمشون بها وجوههم. فسأل: "من هؤلاء يا جبريل؟". فقال: "هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم". فالخوض في أعراض الناس عامة خطأ أخلاقي لا يقع فيه من يحترم نفسه. ويصير خطيئة شرعية لا تصدر عن مسلم إذا رمى بها بريئا . فإذا نشرها وقرأها الناس فقد شهد على نفسه بين يدي الله ودوّن شهادته بتوثيقها – في العالم كله – أنه سعى في تشويه عرض مسلم. فارتكب في حق نفسه كبيرة من أشد الكبائر ضررا عليه قبل أن يمس ضررها الضّحية (الذي قد لا يقرأها ولا يخبره بها أحد). ولكن الملائكة تكتبها في صحيفة من دوّنها "تغريدة" ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي فقرأها آلاف المتصفّحين وأعاد بعضهم نشرها فسرى إثمها على من كتبها ومن نشرها وعلى من أعاد توزيعها. فلا ينجو سوى من تصدى لها بنيّة الدّفاع عن عرض أخيه بظهر الغيب فيكتب الله له ثلاث حسنات. أما المستهتر بما يكتب من تغريدات. والمستخف بما ينشر من تعاليق و"هاشتاغات". والساعي في تشويه سمعة مسلم، والقول في أعراض الغائبين عنه بغير علم ولا سابق معرفة ولا تبيّن.. سوى مرجع " راهم يقولوا"..!! أو " سمعت الناس يقولون..". فسوف يبتليه الله في حياته بأمرين توعّد هاتكي أعراض الناس بتعجيلهما لهم في الدنيا. ويوم القيامة يجدون أنفسهم من المفلسين. ففي "حديث المفلس" شفاء لصدور من يتسلّى الفارغون بنشر أخباره بمناسبة وبغير مناسبة. فقد سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صحابته يوما:" أتدرون من المفلس؟". قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع. قال:" المفلس من أمتي من يأتي بوم القيّامة بصلاة وزكاة وصوم.. ويأتي وقد ضرب هذا. وشتم هذا. وأكل مال هذا. وسفك دم هذا.. فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته. فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه رُُدّت عليه سيئاتهم فطُرحت عليه ثم طُرح في النار". وأخيرا نصيحة لوجه الله: من مساوئ وسائل التّواصل الاجتماعي أنها تسجّل كل ما ينشر فيها. وتعيد التّذكير به بعد عام ثم تذكّر به بعد مرور خمس سنوات.. وهكذا.. فإذا نسيّها "المغردون" ذكّرهم محرّك البحث بما كانوا يصنعون حتى تقوم الساعة. وتلك من الآثار التي يكتبها الله في سجلاّت المغرّدين لقوله تعالى: " إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين" يس: 12.