احتفلت مختلف قرى ولاية تيزي وزو خلال نهار اول امس بمناسبة عاشوراء في أجواء دينية تميزها التآخي و التآزر هذه المناسبة العظيمة و المهمة عند سكان منطقة القبائل تعتبر من العادات والطقوس التي لا تزال متوارثة أبا عن جد و متجذرة رغم تعاقب السنوات عليها،وهي عادات وتقاليد تميزها عن باقي المناسبات الأخرى،سيما و أنها تتميز بإطلاق العنان لمشاعر التسامح والتآخي، لتتوطد صلة الرّحم ولمّ الشمل. فمهما كثرت النزاعات وتفاقمت الخلافات بين الأشخاص، فإن مناسبة عاشوراء تعيد المياه إلى مجاريها، حيث احتفل هؤلاء باليوم الذي نجّى فيه الله تعالى نبيه موسى من ظلم فرعون وجنوده بالعبادة وصيام يومي التاسع والعاشر من محرم. و يعمد الذين منّ الله عليهم بالمال إلى إخراج زكاتهم في هذه المناسبة الدينية، طامعين في تطهير أموالهم وتزكيتها، حيث ورثوا هذه العادة على الأجداد والآباء. و إلى جانب ذلك هناك عادات أخرى تتمثل في زيارة الأضرحة ومقامات الأولياء الصالحين للتبرك،وهي الوجهة الأولى لسكان تيزي وزو صبيحة عاشوراء. ففي منطقة إيلولة أومالو الواقعة على بعد 70 كلم عن عاصمة الولاية تيزي وزو شرقا توجهت العائلات إلى زاوية الشيخ العلامة "سيدي أحمد بن إدريس المتمركزة بأعالي قرية " آيت علي أومحند" للاحتفال بهذه المناسبة الدينية العظيمة وقد كانت فرصة لاجتماع النسوة من أجل الترويح عن النفس، و تم الاحتفال بيوم عاشوراء في هذه الزاوية التي يعود تاريخ إنشائها إلى منتصف القرن الثامن الهجري "الرابع عشر الميلادي"، علمنا ان التحضير لهذه المناسبة يكون غالبا قبل أسبوعين أو أكثر ويقوم أعيان القرية بالاجتماع الذي يكون عادة داخل المسجد لوضع مخطط حول كيفية الاحتفال و استقبال الزوار. و في اليوم الموعود يقومون بمجموعة من الأنشطة الدينية المتمثلة في المديح الديني وتلاوة القرآن الكريم وجمع المال من الزوار المتصدّقين،هذا إلى جانب إقامة ما يسمى ب "الوعدة" والتي تكون عبارة عن أطباق الكسكسي باللحم الذي يتصدّق به المحسنون من أهالي المنطقة ميسوري الحال أو الزوّار. وفي منطقة بني دوالة يقام كل سنة عادة ما يسمى محليا ب " إما عن "ثيمشرط" أو "الوزيعة" بمنطقة "أكال أبركان"، فهي عادة سنوية توارثها السكان عن أجدادهم منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة ولا يزال الأهالي يحافظون عليها لحد الآن وتتم في العديد من مناطق تيزي وزو خاصة في القرى و المداشر بهدف توحيد العائلات الفقيرة منها والغنية وزرع روح التآخي والتآزر بين الجميع،ويقصد المكان العديد من العائلات داخل وخارج الولاية سيما الجزائر العاصمة يعدّون بالمئات نظرا لقداسة المناسبة الدينية. هذا وتم عبر مختلف المناطق بالولاية تنظيم ما يسمى ب"الوزيعة " عبر عدد من المقامات في الولاية على غرار ما يقام في "آث ولحاج" في دائرة واضية أو "سيدي بالوى" بأعالي منطقة رجاونة، إذ يقوم أعيان القرى بالتحضير للعملية قبل "عاشوراء" بعدة أسابيع بجمع ما تيسر من المال من طرف السكان والمحسنين بشراء عدد من العجول والخرفان التي يتم نحرها ويتم تقسيم اللحم بالتساوي حسب عدد العائلات الموجودة في القرية، بعد عملية إحصاء دقيقة لتأخذ نصيبها، وتعم الفرحة بين الجميع ويكون الفقير والغني في مثل هذا اليوم متساويين، تعكسه العدالة الاجتماعية و يُوفَّر اللحم لكل سكان القرية مهما كان مستواهم الاجتماعي، فحتى الغني يأخذ قسمته، فعادة "ثيمشرط" في تيزي وزو يوم عاشوراء تكون بهدف تحقيق التكافؤ والتضامن بين العائلات و ينال فيها كل فرد أو عائلة نصيبه من اللحم. ولعل أهم ما ميز المنطقة عن غيرها من جهات الوطن في مناسبة عاشوراء هو طبق الكسكسي الذي تم تحضيره ليلة من قبل مع لحم "القديد" أو ما يسمى محليا ب "الخليع" أو "أشذلوح" في مناطق أخرى و الذي يتم الاحتفاظ به من أضحية العيد خصيصا لمناسبة عاشوراء بعدما يتم تمليحه وتجفيفه. و تم مع هذا الطبق الرئيسي إعداد مختلف المقبلات مثل "المسمن، الخفاف، "ثيغرفين " أي ما يسمى ب"البغرير"المدهون "و نذكر على سبيل المثال وغيرها من المقبلات التقليدية الأخرى و التي تحضر عادة بزيت الزيتون، وذلك حسبهم لزيادة الرزق و إبعاد النحس والأرواح الشريرة من المنزل. و قد كنت العاشوراء فرصة لسكان منطقة القبائل من اجل ممارسة مختلف الطقوس والعادات المختلفة مثل تنظيم عمليات الختان الجماعي وقص الشعر للطفل الذي بلغ سنة واحدة من عمره بالإضافة إلى وضع الحناء ومنع الخياطة ولمس الإبرة في ذلك اليوم المقدس تفاديا للإصابة من أي مرض.