في الوقت الذي تجد فيه بعض الأطفال يتجولون رفقة أوليائهم في أضخم المحلات التجارية ،لاقتناء ملابس يجابهون بها برد الشتاء ،نجد أقرانهم الذين ينتمون إلى عائلات فقيرة محرومون من أدنى شروط العيش الكريم و توفير الاحتماء و الدفء،ليجدوا في محلات و أسواق الشيفون ملاذهم الوحيد.أضحى ما يعرف بسوق الملابس القديمة "البالة" و التي يطلق عليها بعاميتنا "الشيفون" ،هذه الأيام التي هي عزّ الشتاء قبلة العديد من المواطنين و ملاذ أغلب العائلات الجزائرية،بعدما لسع البرد أجسادهم خاصة منهم ذوي الدخل الضعيف الذين لم يستطيعوا توفير ألبسة تقيهم القرّ،و حتى ميسوري الحال حيث أصبحوا يرتادون هذه الأسواق على حد قولهم رغم خطورتها الصّحية. "الزوالية" الزبائن الأكثر وفاء لمحلات "الشيفون" ربات بيوت و طلاب مدارس و موظفين ذوي محدودي الدخل على وجه الخصوص هم الزبائن الأكثر وفاء لأسواق الملابس القديمة "البالة" أو "الشيفون"،حيث أصبحت ملاذهم الوحيد للتغلب على قرّ الشتاء و مجابهة البرد ، لعدم تمكّنهم من توفير احتياجات أبنائهم فراتب الزّوج محدود و لا يكفي إلا للمعيشة و لا يمكن شراء ملابس جديدة ،"منشروش لجديد غير فالمناسبات..شرينا فالدخلة تع لمسيد مي دوك لحوايج تع الشتا غاليين لازم نشرو من سطوك..ليفاست الرخيصة فيهوم ألفين دينار اللي عندو أولاد بزاف كيفاش إيدير.."،هي انطباعات و أخرى لبعض التلاميذ و أوليائهم أثناء تواجدهم بمحلات "الشيفون" ببئر خادم بالعاصمة،لتبقى ملابس "البالة" البديل المناسب ،فالمتجول في الأسواق و محلات الشيفون يلاحظ أنه حتى الأغنياء أصبحوا يقصدون هذه الأسواق ووجتهم المفضّلة "الشيفون" حجتهم في ذلك جودتها و ملائمة لأذواقهم و مسايرة للموضة. و لأن أسعار الملابس الجديدة ملتهبة .. أرجع معظم المواطنين الذين التقت معهم يومية "الاتحاد" خلال جولة قامت بها في بعض محلات بيع ملابس "الشيفون"،هذه الأخيرة التي زاد انتشارها في مختلف مناطق العاصمة إلى التهاب أسعار الملابس الجديدة و ارتفاع المستوى المعيشي في الآونة الأخيرة، محلات اصطفت بها الملابس الملائمة لبرد الشتاء و تنورات و قمصان نسوية و حتى رجالية و تنوعت سلعها و غطت احتياجات و متطلبات الجنسين معا،و كانت تعرض بمبالغ جدّ معقولة ،اقتربنا من بعض المواطنين المتواجدين هناك و قمنا بدردشة قصيرة معهم ،و من بين هؤلاء "جمال الدين" أب لأربعة أطفال متمدرسين الذي كان متواجدا بإحدى محلات بيع "الشيفون" ببئر خادم بالعاصمة،صرح لنا أنه معتاد على أن يرتاد مثل هذه المحلات خصوصا في فصل الشتاء لأن دخله الشهري لا يسمح له باقتناء الألبسة الجلدية و الشتوية الجديدة التي باتت تعرف التهابا في أسعارها و كذلك تغطية نفقات أبنائه المتمدرسين،"يا أختي لوكان ماشي هاذوا لحوانت نموتو بالبرد..الزوالي ميقدرش ياكل و يلبس لجديد.."،كما صرح "جمال الدين" أن سوق "البالة" غالبا ما يتوفر على ألبسة جيّدة الصنع و نظيفة تشبه الملابس الجديدة،حيث شاطره الرأي الكثير من الأولياء خاصة الذين يملكون أطفالا يدرسون في الأطوار الثلاثة التعليمية . أسواق "البالة تلقى إقبالا في فصل الشتاء يتضاعف إقبال المواطنين بمحلات بيع الملابس لمستعملة"الشيفون"في فصل الشتاء،الفصل الذي يشتد فيه القر و البرد،بالنظر إلى ضعف القدرة الشرائية و عدم القدرة الشرائية و عدم ملائمة أسعار الملابس الجديدة لقدراتهم المادية ،مما يجعلهم مكرهين و مجبرين إلى تلك المحلات التي تعرض ملابس مستعملة بأسعار زهيدة،و قد شرعت في عرض الملابس الملائمة لموسم القرّ و بغض النظر عن ملائمة أسعارها فإنها تعتبر أسهل طريق لنقل بعض الأمراض الجلدية كالالتهابات و التقرحات الجلدية. و رغم انعكاساتها الخطيرة.. فقراء و ميسوري الحال تجدهم غير مبالين على ما يشاع عما تحمله هذه الملابس من أمراض و الغريب في الأمر أن بعض الزبائن يقبلون حتى على اقتناء ملابس داخلية و جوارب و أحذية جلدية ،رغم تحذير أخصائي الأمراض الجلدية و خطورة اقتناء هذا النوع من الملابس لما يشكّل ارتداءه من نتائج سلبية تضرّ بالصحة العامة،لحمل تلك الملابس لجراثيم و ديدان لا تظهر بالعين المجردة بالنظر إلى حجمها المجهري إلا أن مخلفاتها تبرز على الجلد بصورة واضحة خاصة و أن لم تتخذ الإجراءات الضرورية في الوقاية قبل استعمالها مما يؤدي إلى نتائج وخيمة و مسببات ذلك هو تخزين تلك الملابس بحاويات و تكدسها لفترة قد تطول ما يسهل حملها لجراثيم بالنظر إلى كونها مستعملة و ليست جديدة. المواطن ضحية الوضع الراهن و يبقى المواطن البسيط ضحية الوضع الراهن،فأغلب التجار لا يهمّهم سوى الربح السّريع و لا تهمهم صحة الزبون،هذا الأخير الذي يبقى مجبرا على اقتناء ملابس مستعملة قد تؤدي إلى أمراض جلدية متنقلة في ظل الانتشار الواسع لأسواق "الشيفون" الذي بات ملاذ عائلات جزائرية عديدة،رغم النصائح التي يقدمها مختصون في الصحة كل مرة إلا أن المواطن يبدوا أنه غير مبال بهذه النصائح و الإرشادات في ظل الارتفاع المسجل في مستوى المعيشة . البطالة تنعش أسواق "البالا" و تبقى بعض مدن العاصمة تعيش على ملابس "البالا" بشكل عادي و بدون خجل، لأن الكثير منها لا يقدر حتى على ثمنها نظرا لغلاء المعيشة،و تدهور القدرة الشرائية لغالبية الأسر الجزائرية خاصة منها كثيرة العدد و التي يعاني أربابها من البطالة.