أخذت الزيارات العائلية في الآونة الأخيرة طابعا مغايرا لما كانت عليه في السابق لدى بعض أفراد المجتمع، إذ إن الرسمية والتكلف باتت هي السائدة في هذا الشأن، خصوصا حينما يكون لدى الزوار أطفال صغار من الممكن أن يعبثون بأثاث ومقتنيات منزل مضيفهم، وبالتالي فإن هؤلاء قد يحاولون التملص من استقبالهم أو جعل هذه الزيارة خارج المنزل في إحدى الاستراحات أو المطاعم أو غيرها من الأماكن التي يشعرون أن أيدي الأطفال لن تصل فيها إلى أثاثهم ومقتنياتهم الفاخرة التي ربما كلف شراءهم لها مبلغا كبيرا من المال، وقد يتحرج هؤلاء من التصريح لضيوفهم بهذه المشاعر، خوفا من أن يكون لها وقع سيء في أنفسهم، وبالتالي فإن تغيير مكان الاستقبال في هذه الحالة ربما كان في صورة تلميح لا تصريح.يوشك موسم الزيارات العائلية والاجتماعية والمناسبات السعيدة على البدء، ولكن نالك عائق يمنع الأطفال من بالقيام بتلك الزيارات اجتماعية ، حيث يقوم المضيفون بالعديد من التلميحات التي تنص على انزعاجهم من إحضار الأطفال خلال الزيارة كعبارة "جنة الأطفال منازلهم"أو لو كان لدي أطفال لما أحضرتهم معي"، أو "أنا لا آخذ أطفالي إلى منازل الناس"، وهي إشارة تؤكد على أن حضور الأطفال لزيارة الأقارب لم يعد مرغوبا به من قبل أصحاب البيت، وهو ما قد يؤثر على "نفسيات" الصغار من خلال بقائهم بمفردهم بالمنزل، و يجعل الطفل يعتقد أنه ضمن قائمة الممنوعات، وبات يشكل عائقا أمام الكثير من الآباء الذين لا يجدون مكان آمنا يؤوي فلذات أكبادهم أثناء قيامهم بزيارة الأهل والأقارب. تلميحات مزعجة وزيارات لا مفر منها بين نار ترك أطفالهم في المنزل مع ما قد ينتج عن ذلك من أمور سلبية، وإحضارهم معهم خلال الزيارة بالرغم من وجودهم الغير مرغوب فيهم، وبين تذمر العديد من الناس من أطفال أقاربهم الذين ما إن يفتح لهم باب منزل المضيف حتى تتحول إل ساحة وغى استطلعت الاتحاد آراء الطرفين وكذا الأطفال حيث قالت مريم أم لولدين "بات من الضروري ملاحظة مدى أهمية اصطحاب أطفالنا في الزيارات العائلية، حيث الزيارات العائلية أو الذهاب لبيوت الأصدقاء أمر لا مفر منه من حين إلى آخر لإبقاء علاقات المودة والرحمة بين الناس ولتقديم المجاملات الواجبة في المناسبات المختلفة، ولكن قد يتحول الأمر إلى كارثة إذا اصطحبت ولدي معي عند زيارة منزل أحد الأقارب أو الأصدقاء، لأنه بالتأكيد سيتسبب لي في مواقف محرجة أمام الآخرين، وقد يصل إزعاجه لأصحاب المنزل لدرجة تجعلهم يضعونني على القائمة السوداء التي تشمل كل من لا يرحبون به في منزلهم، والأمر المزعج أنه ما من مكان أترك فيه أطفالي لذلك أجد نفسي مضطرة إما على تجاهل تلميحاتهم بعدم إحضار أطفالي معي أو مقاطعة الذهاب إليهم وهو الأمر الذي يجعلني أقطع صلة الرحم. .. أين أترك طفلي؟ "أين أترك طفلي" عبارة ترددت على لسان العديد من الأمهات اللواتي وجدن صعوبة كبيرة في التأقلم مع هذا الوضع الذي فرضته الدعوات التي تشترط حضور الأطفال من مناسبات أو زيارات عادية ، وما يزيدها تعقيدا إذ تعلق الأمر بأفراح العائلات والأهل المقربين التي يجدون صعوبة في التغيب عنها. وفي هذا الشأن، قالت السيدة فريال: "يتحتم علي، في بعض الأحيان، حضور بعض الأعراس التي ترفض حضور الأطفال، وفي هذه الحالات أجد نفسي بين نارين، إما الاعتذار عن الذهاب أو ترك أطفالي بمفردهم، والخيار الأخير مستحيل طبعا". وفي بعض الحالات، يتحتم على الأب البقاء مع أطفاله بعد رحلة طويلة من البحث عن مكان يمكن ترك الأطفال فيه. أثاثنا جديد..أبعدوا أطفالكم عنه! وفي الموضوع قالت نرجس "أصبح العديد من الأطفال لا يعرفون أقاربهم وذلك نتيجة عدم اصطحاب آباءهم لهم عند زيارتهم لهم أو في حال حضور مناسباتهم أو حفلاتهم"، مضيفة أن تصرف بعض الآباء بهذه الطريقة قد يكون نابع في كثير من الأحيان من كونهم تلقوا من أقاربهم تصريحا أو تلميحا تعليمات تقضي بعدم اصطحابهم معهم، وذلك لخشيتهم من عبث الأطفال بمحتويات منازلهم، خصوصا من كان منزله ملئ بالتحف والأثاث الراقي، ولكن في معظم الأحيان قد نفضل أن نترك صغارنا على سجيتهم لينطلقوا ويمرحوا دون قيود، لكن يجب التأكيد عليهم بأن لكل مقام مقالا، وأنه ليس مسموحا لهم بالانطلاق داخل بيوت الأقارب والأصدقاء وتحطيم مقتنياتهم أو فتح الأبواب المغلقة أو القفز على المقاعد والأرائك أو إلقاء اللبان على السجاد. دعوات مشروطة! ولكن رأي وردية كان عكس سالفاتها إذ قالت لنا أنها بعد مغادرة أقاربها و أطفالهم بيتها تشعر وكأن إعصارا هب به لذلك ترى أنه من الأفضل والأجدى نفعا تخفيف الزيارات، خصوصا إلى تلك الأسر التي يكون الهدف من زيارتها التهنئة بالمنزل الجديد، وأن تكون الزيارة مقتصرة على الآباء دون اصطحاب الأطفال، وقالت :" منزلي مليء بالتحف الفاخرة والزجاجيات الثمينة،و استغرقت وقتا لتجهيزه، وخلال زيارة مباركة أطول بدأ الأطفال في الجري، حتى كسر أحدهم إحدى التحف الثمينة أثناء لهوه ، ما جعلني أتهرب من زيارة أولئك الذين لديهم أطفال مشاغبون، وحتى أصبحت أنه من الأجدى اقتصار الزيارة على الآباء دون اصطحاب أطفالهم معهم أو أن يتم اختصار وقت الزيارة. الأربعيني حياة، تبدي انزعاجها من الولائم والزيارات لكثرة ما يقوم به أطفال أقاربها من ضجة، مشيرة إلى أنهم لا يتركون شيئا على حاله، سواء في اللعب بأدوات المنزل، وتقليب المحطات التلفزيونية، وإصدار الأصوات بشكل مزعج، ما يجعلها تعمل على القيام بخطوات ما قبل الوليمة تفاديا لإلحاق الضرر ببعض أدوات المنزل. ضجيج الأطفال حلاوة اللمة أما ساعد فيعمد في كل عزيمة إلى إصدار تعليمات لأبنائه قبل الذهاب عند الأقارب بالتزام الهدوء، إلا أن الأطفال الثلاثة سرعان ما ينسون التعليمات، وما إن يجتمعوا بأولاد عمهم أو أبناء أقاربهم حتى ينشأ ضجيج بشكل يثير توتر وضيق الأهل. اللمة بالنسبة لساعد، شهر يجعل الأطفال يشعرون بلذة التعبير عن فرحهم باللمة، ما يجعله أحيانا يتغاضى عن تهدئتهم، الأمر الذي يزعج زوجته. أما دليلة، فتقيم سفرة للأطفال بإشراف شخص بالغ، خصوصا في العزائم الكبيرة، معتبرة أن ذلك يعد حلا مناسبا لعدم انشغال الأهل كثيرا بضجيج الأطفال، إضافة إلى أنها تقوم باختيار غرفة واحدة من المنزل ليلعب بها الأطفال، كما تنصح بأن يتخذ الأهالي تلك الفكرة التي ساعدتها منذ عامين على ضبط هدوء الأطفال أكثر، وعدم تأثيرهم على اهتمامات وجلسات الآباء، خصوصا عند إصدار الأصوات المستمر من قبل الأبناء أثناء اللعب. وتضيف قائلة "اللمات العائلية، تضم في الغالب عددا كبيرا من الأطفال، وهو أمر طبيعي، فوجودهم يحلي القعدة خاصة مشاغباتهم التي تثير الضحك أحيانا" للطفل مكانة ووجود بين الأهل والأقارب من جهته قال عبد اللاوي بشير أستاذ علم الاجتماع "إن الأطفال أحباب الله، ولا بد أن يكون لهم قبول عند سائر أفراد المجتمع، وبأي مناسبة. سواء في حفلات الأعراس أو غيرها، فقد يكون هناك ناتج لأي تصرف سلبي يصدر من أي شخص تجاه الطفل، وقد تولد لدى الطفل ردة فعل تسيء لتصرفاته، فقد يصاب بالخوف أو الاكتئاب النفسي، وعدم الرغبة في الاختلاط بالناس على وجه العموم، وبالأطفال واللعب معهم على وجه الخصوص.وأضاف أن النواقص الاجتماعية قد تنمي داخل الطفل حاجات لا يستطيع إشباعها. مما يؤدي إلى التوتر والضيق، وقد يقوم بإشباعها عن طريق غير سوي لا يعترف به المجتمع، فالحاجة الأساسية التي تدور عليها دوافع السلوك عند الأطفال هي الحاجة أن يكون مقبولا اجتماعيا، فالطفل مخلوق اجتماعي يسعى جاهدا لكي يكون له مكان في البيت والمدرسة، وفي العالم الذي يعيش فيه.ويشير المتحدث إلى أنه من المفترض أن يكون للطفل مكانته وأهميته في الوجود، حتى لا يفقد الثقة بنفسه، مما يتسبب في وقوعه بالفشل والإحباط، أما من ناحية كون بعض الأطفال أشقياء وهناك تخوف من وجودهم في إفساد الحفل، فهناك أساليب تربوية تنمي سلوك الطفل إلى الأفضل، فالطفل بطبيعته مخلوق حساس يسعى في جميع تصرفاته حتى ينال رضا من يعيشون حوله، وهذا الأمر لن يتحقق إلا بالتشجيع والتعزيز وعدم الكبت وقمع الذات وتقييد الحرية.ويعمل تنبيه الأطفال مرة بعد أخرى، كما يشير عبد اللاوي، إلى تعويد الأطفال بأن يكون إزعاجهم أقل، مشددة على ضرورة تلبية العزيمة بانضمام أفراد العائلة ككل وعدم حرمان الأطفال من مشاركة أقاربهم وأقرانهم بهجة اللمات الرمضانية.