قطع الصالون الدولي للكتاب منذ سنوات أشواطا كبيرة، مكنته من أن يصبح واحدا من أهم الفعاليات الثقافية في الوطن والأكثر رواجا في العالم، بالنظر إلى عدد الزوار الذي يسجل في كل دورة، وقد بلغ العام الماضي حوالي مليون ونصف مليون زائر، وهو ما يعكس أهميته كغيره من معارض الكتاب المعروفة دوليا، مع تسجيل مشاركة عدد هائل من دور النشر ذات الشهرة الواسعة، إذ حضر الدورة ال17 للصالون حوالي 600 دار نشر، ومع تزامن الفعالية مع الاحتفالات بخمسينية الاستقلال، حملت طبعة 2012 شعار «كتابي حريتي» حتى تنسجم التظاهرة مع المناسبة، ويتميز جديد الدورة بعودة الصالون إلى مكانه الأول بقصر المعارض الصنوبر البحري بعد أن قبع مدة ثلاث سنوات بخيمة بالمركب الرياضي محمد بوضياف، كما شهد مشاركة دور نشر جديدة، بالإضافة إلى مشاركة أولى للعديد من الدول، والتي شكلت 43 بلدا فسيفساء ملونة ستتزين بها أجنحة قصر المعارض، أتت من القارات الخمس، ومن اجل جس نبض هذه الطبعة ومعرفة بعض من خبايها في الايام الاولى من انطلاقها. أختلفت الآراء حول تقييم المعرض الدولي للكتاب، بين ممثلي دور النشر المشاركة والمواطنين، حيث اعتبر أغلب ممثلي دور النشر الذين تحدثنا معهم "أن الطبعة ال 17 ناجحة بكل المقاييس، مع تسجيل تحسن في التنظيم" كما يقول خليفاتي كمال ممثل دار الشرقية اللبنانية، حيث حققت هذه الدورة هامش أرباح مهم فاق كل التوقعات عند افتتاح الصالون. الصالون من اهم المواعيد و الكتاب الجامعي شغف الجزائريين ويضيف "مشاركتنا في الصالون إيجابية جدا بالنظر إلى الإقبال الكبير للقارئ الجزائري، الذي فاجأنا بشغفه بالكتاب خاصة في الايم الولى من انطلاق فعاليات الصالون الدولي". كما أصبح الصالون بالنسبة إلى بعض دور النشر الموعد الأول على أساس أجندتها في العام. في هذا الإطار يكشف احسن بدريسي ممثل دار نشر "الحامد" الأردنية " معرض الجزائر أصبح من أهم المواعيد بالنسبة للدار، العام المقبل سنطلب مساحة أكبر 50 مترا" مضيفا "خاصة وأن الدار مختصة في الكتاب الجامعي والأكاديمي وهو مطلوب بقوة في الجزائر". نفس الموقف تبناه أحمد البازوري مدير دار البازوري الأردنية، حيث يقول ”كنا نقول أن لبنان تطبع والعراق تقرأ، اليوم الجزائر أصبحت أكبر سوق للكتاب العربي". كما يعبّر عن ارتياحه قائلا: "نحن مرتاحون لما سجلناه في الطبعات السابقة ولا ننظر للمعرض من ناحية الربح والخسارة بالأرقام، لكننا ربحنا قارئا جزائريا وفيا ومهما أغلبه من الشباب الجامعي المتلهف للكتاب". ويرد عن سؤال حول عدد المبيعات والأسعار "بعنا أكثر من 60 بالمائة من العناوين التي جلبناها والتي بلغت 1000عنوان وقمنا بتخفيضات من اليوم الثالث بلغت 50 بالمائة" مضيفا أن "الجمهور راض عن نوعية الكتب والأسعار مقبولة". الناشرون الجزائريون وكتاب الطفل ومن جهة اخرى يحتلُّ الكتاب الموجه للطفل أهمية بالغة في عالمنا المعاصر، حيث توليه مختلف الشعوب العناية البالغة سواء عندما يتعلق الأمر برصد الميزانيات لتطويره أو من خلال الاهتمام بالكتّاب والناشرين الذين يشتغلون على هذا النوع من الإصدارات. وإذا علمنا أن هذا النوع من الإصدارات موجه بشكل أساسي إلى الأطفال، وهم أجيال المستقبل، وكلّ الآمال معلقة عليهم، فإن المسؤولية في مثل هذه الإصدارات تصبح مضاعفة. وبالرغم من أن عملية إنتاج كتاب الطفل من الصعوبة بمكان، وتتردد دور النشر في خوض غماره، إلا أن بعض الدور الجزائرية اقتحمت هذا المجال، وحاولت تزويد الطفل بحاجته من هذه الإصدارات، وهي مبادرات تستحق التشجيع وتتطلب في الوقت نفسه أن تتسلّح بمضاعفة الجهود، وأن تنصبّ العملية خاصة في تكوين كتاب متخصصين في هذا المجال. يرى عامر زعيزع، المدير المسيّر لدار "الخلدونية " للنشر والتوزيع، أنّ خوض غمار كتاب الطفل ليس بالعملية السهلة، وأن "الخلدونية" مرّت بتجربة من هذا النوع عندما أصدرت كتبا موجّهة للطفل تمثلت في مجموعات قصصية متنوعة، مضيفا بأن "كتاب الطفل من الكتب التي تتصدر قائمة المبيعات، خاصة تلك التي تتعلق برياض الأطفال وكذا قصص الأطفال التي تلقى إقبالا كبيرا، يأتي بعدها الكتاب المدرسي المتعلق بمختلف المراحل التعليمية". ويري المدير المسير للخلدونية بأن صعوبة هذا النوع من الإصدارات "يكمن في أنه يتطلب الطباعة الجيدة واللغة السليمة، ومن يخاطب الطفل يجب أن تكون لغته متميزة. ونظرا لخطورة هذه الكتب من الناحية المعنوية، فإنها تمثل مسؤولية بالدرجة الأولى". أما عن إسهامات الدار في هذا المجال يقول "نحن في الخلدونية قدمنا سلسلة "أبناؤنا أكبادنا" لمحمد براح. وتتكون من 5 قصص، وسلسلة أخرى تحمل عنوان "سهرات ممتعة مع جدي المجاهد" وتتكون من عشر قصص، كما أصدرنا سلسلة أخرى وهي "أحباب المطالعة" لمحمد مزيان. وهي قصص هادفة. وبعد كل هذه التجارب وصلنا إلى قناعة أن إنتاج كتاب الطفل يجب أن يخوضه المتخصصون لأنه من المستحيل أن يبدع فيه أي كان نظرا لمتطلباته الدقيقة". في حين يرى الكاتب رابح خدوسي صاحب دار "الحضارة للنشر والتوزيع" أنه قام بإصدار عدد من الكتب والقصص الموجهة للأطفال، هي عبارة عن سلسلة حكايات شعبية، وسلسلة روائع القصص، إضافة إلى سلسلة أدب الفتوة، وتتكون كل سلسلة من 9 إلى 10 أجزاء. ويحظى كتاب الطفل لدينا بالأولوية خاصة، يقول خدوسي، لأنه كتاب حساس، ومن المفروض أن تعطيه الدولة اهتماما خاصا، لأن ما نلاحظه على كثير من الكتب التي تشارك في الصالون والموجهة إلى الأطفال هو أنها تجارية بحتة، وهناك دور نشر عربية تتعمّد إعادة نشر قصص الأطفال العالمية دون ذكر كتّابها وهذا بهدف الربح المادي، دون النظر إلى ما تتطلبه الحياة النفسية والشعورية لفئة الأطفال التي تستهلك هذا النوع من الإصدارات". في "دار الوعي للنشر والتوزيع" تجربة أخرى مع إنتاج كتاب الطفل، حيث أكد صاحب دار الوعي محمد مولودي أن مؤسسته تولي اهتماما بالغا لفئة الأطفال وللإصدارات المخصصة لهم من خلال تخصيص فرع في مؤسسة الوعي يحمل اسم "مواهب" أصدرنا عبره العشرات من العناوين القصصية التي تُعنى بفئة الأطفال ومن مختلف الأعمار والمستويات. ويؤكد محمد مولودي أنّ هذا النوع من الإصدارات يتطلب عناية فائقة على مستويات متعددة أهمها المضمون ونوعية الطباعة، لأن الطفل يتعامل مع الكتاب بطريقة مختلفة عن تلك التي يتعامل بها المراهقون والبالغون. ولهذا تصرّ الدار على أن يكون الإصدار الموجه للأطفال على مستوى معيّن من الجودة والقيمة التربوية والفنية". لكن السؤال الذي يظل مطروحا على المهتمين بصناعة الكتاب في الجزائر هو التالي: هل ستتكون في بلادنا يوما ما دور نشر متخصصة فقط في الكتاب الموجه للطفل وبالمقاييس العالمية؟ ربما سيتيح الصالون الدولي للكتاب الفرصة أمام الناشرين للإجابة عن هذا السؤال. تاريخ الثورة الجزائرية" في قلب اهتمام طلبة الجامعة أبدى عدد من الطلبة بالجامعة المركزية والمركز الثقافي الإسباني بالعاصمة اهتماما كبيرا ببرنامج الفعاليات الثقافية للصالون الدولي للكتاب في دورته ال17، لا سيما في جانبه المتعلق بالاحتفال بمرور خمسين سنة على استقلال الجزائر. كما عبر معظم الطلبة الذين التقيناهم ارتياحا لتنظيم الصالون بقصر المعارض بالصنوبر البحري. "كمال.ق" طالب جامعي سنة ثانية-أدب عربي: "أعتقد أن تنظيم الصالون الدولي للكتاب في قصر المعارض التفاتة جيدة، لما يتوفر هذا المكان عليه من مرافق وإمكانيات مادية وبشرية، أضف إلى ذلك التنظيم المحكم للمنشآت والهياكل، بحيث تسمح للعارض عرض الكتب دون عناء ومشقة، هذا بالإضافة إلى موقع المكان. فقصر المعارض يقع في قلب العاصمة، والمواصلات جد متوفرة، خاصة مع تشغيل الترامواي. وهذا يعني إمكانية استقطاب اكبر عدد ممكن من الجمهور. أما فيما يتعلق بتخصيص برنامج كبير خاص بالاحتفال بمرور خمسين سنة على استقلال الجزائر، فأرى أنها مبادرة رائعة تمكن الجمهور الزائر من الاطلاع على تاريخ الجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي، كما سيساهم البرنامج في التعريف بأمجاد هذا البلد، وهي فرصة للالتقاء بمجاهدين شاركوا في الثورة التحريرية، وأيضا بمؤرخين وباحثين جزائريين وأجانب". "آنسة.ل "طالبة جامعية، سنة ثالثة طب: "إن الصالون الدولي للكتاب في الجزائر هو بصفة عامة فرصة لنا نحن الطلبة لاقتناء الكتب في مجال الطب، وهي كتب تعتبر قليلة جدا في المكتبات. ففي الصالون نجد الكتب التي تهمنا في مجال تخصصنا، لكن المشكل أنها باهظة الثمن. أما فيما يتعلق بتنظيم الصالون في قصر المعارض بالصنوبر البحري، فهو أفضل من تنظيمه في المركب الرياضي محمد بوضياف، تحت تلك الخيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة إلى درجة يصعب على الزائر أن يبحث في أثنائها عما يريد من عناوين. أما بشان سؤلك حول مبادرة المنظمين تخصيص برنامج حول خمسينية استقلال الجزائر، فهذه فرصة ثمينة، علينا، نحن الشباب، عدم تفويت ذلك، بحضور الندوات والنقاشات التي ستثار خلالها حول موضوع الثورة الجزائرية. فنحن لا نطلع كثيرا على الكتب الخاصة بتاريخ الثورة الجزائرية. ومن هنا أرى أن الاحتكاك مع فاعلين ثوريين سيحفزنا للاهتمام بتاريخ الجزائر." "إدريس.ص"، طالب، سنة ثالثة ليسانس اسبانية "أتمنى أن أجد مراجع مهمة في مجال تخصصي بالاسبانية وإن كان ذلك مستبعدا، لان الكتب بالاسبانية نادرة في المعرض، لا يوجد سوى القواميس للأسف، ولكن رغم ذلك اذهب لاقتني كتبا في مجالات أخرى. وارى أن الاحتفال بمرور خمسين سنة على استقلال الجزائر في الصالون من خلال تنظيم ندوات ومشاركة مجاهدين ومؤرخين سيحفزنا على الاهتمام أكثر بتاريخ الجزائر". "راسم.و" طالب جامعي، سنة ثالثة ليسانس تاريخ: "انتظر دائما موعد تنظيم الصالون الدولي للكتاب بفارغ الصبر.. وبالنسبة لي هو الموعد الثقافي الذي يجب على الطالب أن يهتم به، وأن يحضر الندوات والنقاشات ويشتري ما يلزمه من كتب. وبالنسبة لتنظيمه في الصنوبر البحري، فهذا جيد لان الصالون نظم لأول مرة في الصنوبر البحري. وهو المكان المناسب لأنه يتوفر على كل المستلزمات، من نقل، ومساحة واسعة تستوعب كل العدد الهائل من الزوار. واعتقد أن إعداد برنامج خاص بالاحتفالات بخمسينية الثورة، سيساعدنا نحن طلبة التاريخ للقاء خبراء ومؤرخين جزائريين وأجانب لتوسيع معارفنا والتفكير في اختيار موضوع لتحضير شهادة الليسانس". "ليلي.ع" طالبة ليسانس فرنسية، سنة ثالثة: "بالنسبة لي فان الصالون الدولي للكتاب هو اكبر حدث ثقافي في الجزائر. لهذا فان إعادة تنظيمه في مكانه الأول فكرة نشكر المنظمين عليها. فقد اعتدت على زيارة أجنحة الصالون واقتناء كتب في مجال تخصصي بالإضافة لاهتمامي بشراء كتب في مجال الطبخ وشراء الروايات والقواميس، كما أن دور النشر المشاركة تعرض كتبا رائعة للأطفال. أما بخصوص سؤلك حول تخصيص ندوات ومحاضرات حول الثورة الجزائرية فهذا جيد أيضا لأنه يربط الأجيال فيما بينها؛ الشباب مع الذين شاركوا في الثورة. وهي فرصة لنعيد النظر في مسألة نفورنا من قراءة الكتب الخاصة بالثورة الجزائرية. تراجع عدد الكتب الممنوعة إلى 300 عنوان كشف ياسر عرفات قانة، نائب مدير الكتاب بوزارة الثقافية، أن عدد الكتب التي تم التحفظ عليها خلال الصالون الدولي للكتاب بلغت هذا العام ثلاثمائة عنوان، أضاف قانة، أن لجنة مراقبة قوائم الكتب التي تعمل بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية، ووزارة الداخلية، ومديرية الأمن الوطني مهمتها التحفظ على الكتب التي تدعو إلى الإرهاب، والحقد والتشويه والتحريف، والتي تتنافى مع المذهب المالكي، الوسطي، والمعتدل. وقال ذات المتحدث، إن الصالون الدولي للكتاب، هو تظاهرة ثقافية لعرض كتب الثقافة العامة، وليس للكتاب الديني فقط، معتبرا أن رواج كتب الثقافة العامة عرف خلال السنوات الأخيرة تزايدا ملموسا، مقارنة بالكتاب الديني.