· الرشتة و الشخشوخة.. تُزين مائدة الجزائريين تجارة ملابس "المختونين" التقليدية تنتعش.. شهر رمضان لدى أغلب العائلات الجزائرية له نكهة خاصة حينما تمتزج معه العادات و التقاليد لتجعل منه شهرا فريدا من نوعه عن بقية الأشهر.. و كلما حلت ليلة السابع و العشرين منه، تحضر الأسر الجزائرية نفسها لطبخ أشهر الأطباق التقليدية، و تخضيب الأيادي بالحناء، كما تضرب موعدا لاختتان أطفالها و غيرها من العادات التي تترسخ أكثر كلما حل الشهر الفضيل ابتهاجا بالمناسبة. رتيبة بلقايد يحتفل الجزائريون بليلة القدر، و التي تصادف يوم 27 من رمضان، يومية "الاتحاد" توقفت عند بعض العادات التي ورثتها العائلات الجزائرية أبا عن جد، و التي دأبت على الاحتفاء بها، كلما حلت هذه المناسبة العزيزة على قلوب الجزائريين، و تختلف طريقة استقبال هذه الليلة من منطقة لأخرى. الرشتة و الشخشوخة.. تُزين مائدة الجزائريين لا تفوت ربات البيوت الجزائريات فرصة التحضير لهذه المناسبة الدينية العظيمة، حيث يقمن بتحضير أشهى الأطباق التقليدية المرتبطة بالأفراح و الأعياد على غرار الشخشوخة و الكسكسي و الرشتة و غيرها كل حسب منطقته، كما يحضرن أيضا حلويات تقليدية خاصّة بالمناسبة كالرفيس و الطمينة التي لا تغيب عن موائد الجزائريين في سهرة هذا اليوم، و ما يضفي جوا خاصا لمظاهر الاحتفال "لمة الجيران و الأقارب على مائدة واحدة خاصة بليلة السابع و العشرين. البخور لطرد الشياطين و الترحيب بالضيوف كما لا تغفل الجزائريات عن تعطير بيوتهن بالبخور و العنبر، حيث يعد "البخور" من العادات و التقاليد المتأصلة بالمجتمع الجزائري فهو المرافق الدائم لكل الأفراح و المناسبات، خاصة بين النساء الكبيرات في السن و يستعمل في تبخير ملابس النساء و الأطفال و أجواء الغرف و المنازل، لمكانته الخاصة عندهم يستعملونه كعلاج شعبي معتقدين أنه طارد الشياطين و يدرأ العين الحاسدة و يتفاءلون برائحته الزكية التي تنعش الصدور، و في هذا الصدد تقول الحاجة وردية ذات العقد السابع من العمر أنها لا تفوت رش بيتها بالبخور في ليلة 27 رمضان منذ سنين بعيدة، و عن سر التمسك بهذه العادة تقول أنه يقال أن ذلك حماية من الجن التي يفك الله وثاقهم في هذه الليلة حسب المعتقدات، كما أن الجن –حسبها- لا يحبون رائحة القطران التي تبقي الأطفال و الكبار في مأمن. تخضيب الحناء.. عادة الأجداد التي تتحدى الزمن و من جهته تتهافت النساء على اقتناء الحناء لتخضيب أياديهن و أيادي أبنائهن بها في هذه الليلة المباركة، و ذلك من أجل ضمان استمرارية هذه العادة القديمة التي لم يتمكن لا الزمن و لا حتى العصرنة من محوها، و في هذا الصدد تقول السيدة رقية ربة بيت أنه لا يمكن الاستغناء عن هذه العادة الأصيلة في المناسبات و الأفراح، و الحناء تمثل إحدى الثقافات المرسخة بعمق في عادات العائلات الجزائرية"، وز تشاطرها الرأي جارتها "زينب" أم لبنتين تقول "قديما كنا نشعر بالسعادة عندما نخضب أيدينا و أرجلنا بالحناء بطريقة الأجداد دون الاكتراث كثيرا بالصنف و المظهر الخارجي، كل ما يهم هو اللون الأحمر الداكن في حين اليوم أضحت هذه العادة تتطلب معرفة و إتقان، و تبقى الحناء ذات الرائحة القوية جزءا من هذه العادات التي تضفي مسحة خاصة لليلة السابع و العشرين. برانيس و طرابيش "المختونين" تزين المحلات و تمتزج مظاهر الاحتفال أيضا بختان الأطفال، حيث تنتعش ملابس الختان عشية ليلة السابع و العشرين، ما دفع غالبية التجار تزيين المحلات و الأسواق ببرانيس بيضاء و طرابيش حمراء و غيرها من الأزياء التقليدية الخاصة بالمختونين و التنافس على عرضها للبيع و جلب أكبر عدد من الزبائن، يقابه إقبال كبير لمشترين خاصة النساء منهم، لأنهن الأنجح في اختيار الأزياء التقليدية لأبنائهن الصغار، دون الاستغناء عن الشموع و الحناء التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من مراسيم الختان. الختان.. عادة مرتبط بليلة السابع و العشرين و قد جرت العادة في ليلة 27 من رمضان أن تقوم ربات البيوت بدعوة الأقارب و الأحباب لإضفاء جو عائلي خلال ولائم ختان أبنائهن، فيرتدي الأطفال الطرابيش و البرانيس كأنهم عرسان بأيادي مخضبة بالحناء، فتتعالى الزغاريد و يقدم الحاضرين على إعطاء مبالغ مالية معتبرة للمختون توضع داخل طربوشه، و بعد وجبة الفطور و خلال السهرة يقومون بترديد المدائح الدينية و جلب الزرنة كل على حسب قدرته المادية، و هناك من يقوم بذبح خرفان و توزيعه على الفقراء و المعوزين على شكل صدقات. طريقة "الختان بالمقص" لا تزال حاضرة في الوقت الذي تفضل فيه بعض العائلات اصطحاب أبنائهم إلى المستشفيات لختانهم مع جمع من السيارات "الكورتاج"، نجد عائلات أخرى لا تزال تحافظ على عادة الأجداد، فتجتمع فيه عائلات المختونين بساحة الحي و يستدعون الطبيب ليقوم بعملية الختان التقليدية باستعماله المقص على أهازيج الزرنة و زغاريد النسوة و مدائح الجدات. الحاجة دفعتهم لطرق أبواب الجمعيات الخيرية و حتى أطفال العائلات المعوزة يحظون بختان جماعي من طرف الجمعيات الخيرية فلا يشعرون بغصة هذه الفرحة، و في هذا الصدد تقول "نصيرة.ت" ربة بيت في عقدها الخامس أن زوجها متوفي و ترك لها أربعة أبناء، و قد دفعتها الحاجة إلى طرق أبواب الجمعيات الخيرية لتسجيل أبنائها ضمن قائمة أطفال الختان الجماعي الذي اعتادت هذه الجمعيات تنظيمه في ليلة السابع و العشرين من رمضان من كل سنة، مضيفة أن كل أبنائها تم ختانهم في إطار هذه النشاطات، إلا أن "نصيرة" لم تستطع أن تخفي مشاعرها "جزاهم الله خير و لكن بالرغم من ذلك أشعر بحزن شديد لأنني لم أستطع أن أضمن لأبنائي حفل ختانهم"، و أضافت و عينيها مغرورقين بالدموع "أن ما سيؤلمهم أنهم يصنفون دائما ضمن قائمة الفقراء و المعوزين"، إلا أن هذه المناسبات الدينية جعلت من تقاليدها و عاداتها كل الناس سواسية و كرست لديهم روح الأخوة و بالتالي الانسجام فيما بينهم. تشجيع الأطفال على صيام ليلة القدر و لأن الأطفال هي عناوين البهجة و السرور، و يمثلون النكهة المميزة للمناسبات و الأفراح، نجد العائلات الجزائرية في هذه المناسبة الدينية المباركة تقوم بتعويد أبنائها الذين لم يتجاوزوا السبع سنوات على الصوم لأول مرة، تتبعها تحفيزات و احتفالات خاصة لتشجيعهم على الصيام، فيحضرون لهم أطباق رمضانية خاصة بهم، و يفطرونهم بالعسل و غيرها من العادات التي من شأنها أن ترغبهم بصوم رمضان في جو بهيج. و لعادة "المهيبة" نصيب و في نفس السياق تعتبر الأسر الجزائرية ليلة القدر بمثابة فأل خير لإتمام الخطبة، حيث يقوم أهل البنت بدعوة خطيب ابنتهم مع أهله لتناول وجبة الفطور في هذه الليلة على مائدة فاخرة بالمأكولات التقليدية الشهية، لتوطيد العلاقة أكثر بين العائلتين، و بعد الإفطار يقدم الخاطب لمخطوبته هدية تتمثل في الألبسة أو شيء من المجوهرات و التي يطلق عليها اسم "المهيبة"، و هناك من يؤجلها ليوم الثاني لعيد الفطر المبارك. أجواء روحانية تميز الليلة المباركة و لأن ليلة القدر خير من ألف شهر نجد المسلمين يحرصون على الإكثار من العبادات و الصلوات.. فنجدهم يقبلون على المساجد بأعداد محتشمة لعبادة الرحمن إلى ساعات متأخرة من الليل، كما يحرص أئمة المساجد أيضا على اختيار حلقات دينية خاصة بهذه المناسبة، و من جهته يتم توزيع الجوائز على حفظة القرآن و تكريم الفائزين من الأطفال في مسابقة تجويد آيات الذكر الحكيم.