هاهي الخمس سنوات قد مرّت على انتخابات المجالس الشعبية البلدية والولائية، التي انطلقت في 10 أكتوبر2007، وبإعلان عن العهدة المقبلة التي سيتم تنظيمها قبل نهاية السنة الجارية، وتنصيب المجالس الجديدة، يكون حينها قد نزع ستار نهاية جمهورية "...الأميار الثالثة..." بعدما انتهت قبل ذلك جمهورية الأميار الأولى في 2002 والثانية في 2012 "...المنذوبيات التنفيذية..." المعنية من قبل الإدارة لاستخلاف مجالس الفيس المحل، إذن هي أيام فقط تفصلنا على نهاية عهدة الأميار، لكن الحصيلة مثلما عودتنا عليه العادة ديون بالملايير وعجز مالي ومقاييس التنمية غائبة رغم عديد المشاريع التي رصدتها الدولة لتنمية البلديات والأرياف والملايير المخصصة للنهوض بقطاع الشغل والاستثمار، ولعل المخيف بعد كل عهدة أن تعود مقولة "عفا الله عما سلف" لتميز عمليات تسليم المهام في المجالس المحلية.....ستنتهي العهدة المنتخبة بعد أقل من أشهر تقريبا وهوأمرمقضي منه ....ولكن... !...ماذا بعد...؟ ، ومع بداية العهدة الجديدة لابد من وقفة تأمل لما تحقق وما لا يتحقق في هذه العهدة، التي أعاب خلالها الشارع المحلي على "...الأميار..." عدم تطبيق برنامجهم الانتخابي المنبثق عن الخطابات الوعائية للمجلس رغم معرفتنا المسبقة لتلك البرامج الانتخابية والتي لا تقترب من الجنة، وهي حملات ما تغير قاموسها السياسي في المحلي، فكلما مرّت 5 سنوات كاملة غير منقوصة إلا وعاد السيناريو من جديد للطبقة السياسية التي تتداول نفس الأفكار والملفات، ولكن لاعشر ما يعدون به يطبق، وما تلك وعود الحملة الانتخابية سوى مكياج ضروري للمرور إلى كرسي المسؤولية، فسرعان ما توضع برامج الانتخابات جانبا، والتنصيب المنتخبين الجدد يجدون أنفسهم محصورين وجها لوجه أمام مشاكل يومية متفاقمة تبحث عن حلول عاجلة، فبلدية مغنية التي يمكن اتخاذها كعينة في التقسيم يعترف لها الجميع من أهلها بثقل مشاكلها اليومية المتراكمة، التي تورثت عن السنوات السابقة، والناجمة عن التوسع العمراني الهام الذي عرفته المدينة من جهاتها الأربعة، فهذه الربوة المنسية القابعة على الطريق الوطني رقم 35 الرابط بينها وبين تلمسان، عانت ما عانته خلال العشرية الأخيرة جراء تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، وهاهي اليوم تقاوم الحقرة والتهميش المنظم بقوانين معذبة.....إنها بلدية لازالت غارقة في أوحال الحسابات السياسية، مصالح تجري بمنطق العروشية، نسبة التحكم في الجماعات المحلية لا تتجاوز10 بالمائة أما نسبة التأطير لا تتجاوز في معظمها 20 بالمائة، هي بطبع حقائق لا تنكرها وزارة الداخلية والجماعات المحلية الساعية بكل قواها، فهي تعترف بضعف التحكم في البلديات وتشكو نقص التأطير، مما جعلها عاجزة عن إيجاد حل لمشكلة ذات معضلة لامثيل لها رئيسية تدعى "..الأميار.."، ولاغرابة في ذلك مادام نسبة 5% أو 6% من أميارنا درسوا بالجامعة، على حدّ القول أن العهدة هذه التي قضاها المنتخبون على رأس المجالس البلدية تميزت بتجاهل "...الأميار..." في التعاطي المنهجي مع أزمات الخلايا الأساسية إذ أظهرت دراسة المسؤولين عن أساليب تسيير العهدة التي حسبهم كانت فوق الوصف، وهو ما أضحى معروفا لدى العام والخاص، ولم يكن اعتراف الكل في وقت سابق بأن تسيير الجماعات المحلية كان كارثة على جميع الأصعدة دافعا معظم الأحزاب إلى محاولة اختيار رجال أكفاء ضمن قوائم الترشيحات، واختيار منتخبين جدد قصد معالجة الوضع القائم للتخلص من رواسب هذه العهدة التي تعدّ أيامها الأخيرة، رغم أنهم ورثوا بلدية مشلولة سنة 2007، خاصة أثناء إنجاز المشاريع الإنمائية بمختلف المناطق، ولعل ما يشدّ الأنظار إلى تلك المشاريع الضخمة التي استفادت منها البلدية بغية تخفيف المعاناة على أبدان "...الغلابة..."، وفي ظل أوضاع اجتماعية مزرية تعيشها أغلب عائلات المدينة، الشيء الذي غذى غضب الشارع وفتح المجال لعدة تأويلات خرج صداها إلى خارج حدود الولاية وفتح باب للصراعات داخل صفوف الأعضاء بين من يبارك ومن يعارض، أمام ما تشهده المنطقة من نهب واستنزاف متواصل للعقار وذلك على حساب الأراضي الفلاحية، حيث شيّدت بعض المباني من دون رخص للبناء أو احترام للمقاييس التعمير، والتي ثبتت بلجان مراقبة تابعة للمصالح المعنية، غير أن الوضعية التي دوّنت بمحاضر رسمية وصدرت بشأنها قرارات الهدم في كثير من الحالات، لم تر سبيل للتطبيق الميداني أمام عجز رؤساء البلديات عن إشهار سيف القانون في وجه المعتدين على الأملاك العمومية، في وقت غابت تماما مفاهيمها وقوانينها اتجاه الدولة، إذ أصبح واقعها يتضح بتناقضات عديدة تغذيها فوضى عارمة طرقت أبوابها، بعدما ركتها ميلشيات الريع، فأضحى المواطنون بهذه المدينة الحدودية بين سندان هؤلاء ومطرقة الغبن الاجتماعي و" المزرية " المهددة لتواجدهم وحاجياتهم، فكثيرا ما يطرقون في هذه الحالة أبواب البلديات طالبين تدخل كبار مسؤوليها من أجل إنقاذ الفضاء الأخضر من بين أياد لا تعير للقانون اهتماما، إلا أن مساعيهم قد تنتهي بخيبة أمل.....ومن هذا المنطلق، يأخذ الحديث عن الكثير من مظاهر " الاختلاس العلني " للمساحات الخضراء بالأحياء وتحويلها إما إلى بناءات فخمة أو نشاط تجاري الهدف منه تحقيق عوائد مالية، ورغم أن كل ولايات الوطن تعاني من مافيا العقار التي تلتف على الإجراءات القانونية، إلا أن الظاهر أن " مافيا المال والعقار " بهذه المنطقة لن يهدأ لها بال إلا إذا أفشلت كل مبادرة أومشروع جاد من شأنه تحريك التنمية في رحم الجزائر العميقة، وهي الأطروحة التي تنطبق على ما فعلته خفافيش العقار ومحترفي نهب المال........حيث وجدت نفسها محاصرة بعدما حشر العقار الفلاحي نفسه فيها وتصدر الأحداث لما تعرض له من تجاوزات واعتداءات وفضائح اشتهرت بها دون غيرها، فقد أصبحت مطمع القاصي والداني، وتكالب عليها الطامعون، كل واحد يحاول نهش ما استطاع، تارة باسم السلطة والجاه وتارة باسم المال، في غياب الضمائر الحية......فكم من أرض فلاحية نهبت وبيعت ووزعت قطعا أرضية وأقيم فوقها البناء، وكما يبدو من خلال التجاوزات المسجلة وباعتراف العديد من المصادر المطلعة من الفلاحين بالمنطقة أن أيادي " المافيا " ستظل تحاصر كل المجهودات الرسمية بغية إجهاضها في مهدها حتى تظل المنطقة أسيرة التخلف والتعفن، باعتبار أن الوضع المتعفن يمثل السبيل الأمثل والأضمن " لمافيا " المال والعقار لتدعيم إمبراطورياتها المالية حتى ولوكان على حساب الاقتصاد الوطني وعلى رقاب غالبية " الغلابى " من أبناء شعيب الخديم.....فباستثناء المعطيات التي تم جمعها من المصالح المعنية، فان هناك مئات هكتار من الأراضي الفلاحية قد التهمتها الاسمنت خلال العشرية الأخيرة بضواحي المدينة، كحي عمر، حي الحمري، الجرابعة، أولاد معيذر......أنجزت فيها آلاف البنايات الفوضوية منها ما بنيت ومنها على شكل أساسات، أمام غياب مخطط عمراني متجانس ومحكم يراعي خصوصيات قواعد البناء والعمران التي يشترط فيها أن تكون المساحات الأرضية التي المقامة عليها مثل هذه المشاريع ليست ذات طابع فلاحي.....الوضعية التي يبدو وأن لها أسباب أخرى منها، نظرا للاختلال الحاصل بين العرض والطلب في مجال السكن بمختلف صيغه وظهور أحياء جديدة على أطراف المدينة أقيمت على أراضي فلاحية، كانت بالأمس القريب تذر أنواع الحبوب والخضروات.....بيعت للغير بطريقة غير قانونية وبأثمان مسعرة تتراوح فيها كل قطعة حسب موقعها الاستراتيجي، مما يؤكد أن الأمور تسير في المنحنى العكسي لتطلعات السلطات المركزية في المنطقة، ومبادرة مافيا العقار والمال إلى إحباط المشاريع الفلاحية، خاصة وأن مغنية تملك من الخيرات والإمكانيات والموارد البشرية التي تؤهلها لتحقيق تنمية شاملة ومستديمة بولاية تلمسان. وهو الأمر الذي أكده " الاتحاد الولائي للفلاحين الأحرار في عدّة مناسباته " موجها بذلك عدة رسائل تنديدية وطالب تدخل من السلطات المركزية، لأجل قطع الطريق أمام مرتكبي جرائم العقار ومستغلي النفوذ والمناصب عن طريق تحويل الملف على التحقيق والعدالة، لإنهاء مهازل التلاعب بأملاك الدولة، متسائلين في الوقت ذاته عن ما يمكن أن تفعله السلطات في حالة استفادتها من مشاريع وهياكل عمومية. ولعل ظاهرة البنايات الفوضوية بمغنية لم تكن وليدة العهدة الانتخابية الحالية، وإنما هي موروث عن العهدات السابقة بحيث في الوقت الذي تتكتم فيه السلطات المحلية والمؤسسات الرسمية عن العدد الحقيقي للمنجزات الفوضوية، يبقى العدد ذاته مرشحا للزيادة بحكم عدم وجود إستراتيجية واضحة المعالم والأبعاد بإمكانها القضاء النهائي على هذه الظاهرة التي في حال استمرارها ستخرب النسيج العمراني لبلدية مغنية. تهيئة بدون مقاييس...ومساحات خضراء غائبة كما يبقى مشكل التهيئة على مستوى أحياء وقرى دائرة مغنية من المطالب الأساسية التي لازال المواطن المغناوي ينتظر من المسؤولين تحقيقها، فبالرغم من المشاريع التي أنجزت عبر هذه الأحياء والتجمعات السكنية، من طرف شركات ومقاولات، والتي صرفت عليها الدولة أموالا طائلة إلا أنها تعرف العديد من الاختلافات خاصة من ناحية الأشغال المنجزة، حيث اتضح بعد مدة زمنية قصيرة أن أشغال تبليط الأرصفة مغشوشة وأنجزت بطرق غير تقنية، مما ساهم في اقتلاعها بسهولة وعدم اكتمال البعض منها خاصة من ناحية جوانب الأرصفة ناهيك عن الأتربة وبقايا الأشغال المتراكمة التي تركها المقاولون، هذا وبدا للعيان أن تركيب الكرلاج على هذه الأرصفة بمغنية وخاصة بوسط المدينة، وحي د.ن.س، وبعض الأحياء الأخرى ممن وقفنا عليها، ما إن تتساقط قطرات المطر حتى تقلتع هذه الكرلاجات، وتصبح تعيق المارة بفعل تواجد المياه تحتها وعلى جوانبها، مما خلق هذا الأمر استياء كبيرا لدى سكان هذه الأحياء المتضررة، طالبين من السلطات المحلية بإيفاد لجنة تحقيق حول المشاريع المنجزة من طرف الشركات المقاولة، موجهين تساؤلاتهم للمعنيين، أين هي المصالح التقنية التي تؤشر على المشاريع بالإيجاب أو السلب...؟ وهل دفتر الشروط لا ينص حسبهم على إعادة الانجاز، إذ لم يكن الانجاز الأول حسب الشروط والقواعد المنصوص عليها في مثل هذه الحالات لمدة معينة.....؟ وفي نفس السياق يتحدث معظم سكان بلدية مغنية عن الحالة التي آلت إليها تهيئة المساحات الخضراء بأحياء مدينة مغنية، بعدما تحولت معظم هذه المساحات إلى أماكن لرمي القمامات وزجاجات الخمر، فيما اختفى البعض الآخر منها نتيجة زرع نباتات وورود لم تتأقلم مع طبيعة مناخ لم يأخذ في الحسبان. والغريب في الأمر، أنه بالرغم من توفير أمكنة خاصة لرمي النفايات، إلا أنها غالبا ما تمتلئ هذه المساحات الخضراء بالقاذورات، كما تفتقد أيضا أغلب قرى وأحيائها، إن لم نقل كلها إلى مرافق ترفيهية، كالحدائق والأماكن الترفيهية، باستثناء المكتبات العمومية والملاعب الجوارية التي تستقطب العديد من الشباب في المساء، رغم النداءات المتكررة للسكان، غير أن الحظ حالف سكان هذه المنطقة، الذين وجدوا في الحديقة العمومية المتواجدة بالقرب من مقر الدائرة وغابة سيدي أمحمد الواسيني وميدان سباق الخيل أماكن أو نقاط لتلاق واستراحة للعائلات بمختلف أفرادها، في وقت لا تزال آلاف العائلات بأمسّ الحاجة إلى فضاءات تتناسب مع مختلف الأعمار وتستجيب لمتطلبات الترفيه، وهو ما لم يتحقق لحدّ الساعة. وتتفق معظم العائلات المغناوية التي حاورناها في أن هذا المطلب أساسي ولا يعقل أن تنعدم مرافق للترفيه في منطقة يرتقب أن ترتقية إلى مصاف ولاية منتدبة، مضفين في نفس السياق أن هذه المرافق ستسمح لهم بقضاء عطل نهاية الأسبوع بدل اللجوء إلى قضائها خارج دائرة مغنية، كما أن هذه الأمكنة يمكن أن تتحول إلى مراكز سياحية للقادمين المنطقة، خصوصا وأن بعض المناطق من مدينة مغنية تحمل من المؤهلات لنجاح مثل هذه التجارب، مثل تلك التي تتوفر عليها غابة سيدي أمحمد الواسيني.