رابطة حقوق الإنسان ترسم واقعا سوداويا للمدرسة الجزائرية دقت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أمس، ناقوس الخطر حول ما آل إليه وضع التعليم في الجزائر، داعية الحكومة لتغيير نظرتها للقطاع، منددة بتفشي ظاهرة العنف بالمدارس الجزائرية، محذرة من الضغط على الأبناء والتهديد بالعقاب الذي يؤدي إلى الهروب من المنازل أو الانتحار، كاشفة أن 40 % من التلاميذ عدائيون، منتقدة عمل اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية. المنظومة التعليمية حقل للتجارب قالت رابطة حقوق الانسان إنها ارتأت إجراء التحقيق المعمق لأول مرة في الجزائر مقارنة بين الضغط النفسي للتلاميذ خلال الفترة التي تسبق الامتحانات و ظاهرة العنف المدرسي وما ينتج عنه من الغش الجماعي في الامتحانات والتسرب المدرسي. وأضافت" أجمع معظم الأساتذة وحتى المختصين الذين تقاعدوا من التعليم الذين استقت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان رأيهم حول الموضوع أكدوا أن المنظومة التعليمية عندنا لازالت تعتمد الحفظ والدروس النظرية ولا تعير اهتماما للفهم والتطبيق، بل أكثر من هذا فقد أصبحت المنظومة التعليمية في الجزائر لا تنتج مناهج و لا برامج بل أصبحت حقلا للتجارب". 40 % من التلاميذ عدائيون عرجت الرابطة لظاهرة التسرب المدرسي، مفيدة بهذا الخصوص".. سجلت وزارة التربية في دراسة لها أنه من ضمن 1000 تلميذ بلغ نهاية المرحلة الابتدائية،397 تلميذا منهم فقط تمكنوا اجتياز إلى السنة الأولى ثانوي، و 4٪ من أصل 1000 تلميذ منهم فقط تمكنوا من الحصول على " الباك"، يعني 41 تلميذ من أصل 1000 ينجحون في شهادة البكالوريا، وأضافت" استنادا لتحقيقات حول الأطفال غير المتمدرسين أنجز من قبل وزارة التربية الوطنية واليونيسيف بأن حوالي 500.000 طفل يتراوح سنهم ما بين 6 و 16 سنة غير متمدرسين في الطورين الابتدائي و المتوسط"، مشيرة للدراسة التي قامت بها نقابة مجلس ثانويات الجزائر في سنة 2011، والتي أقرت وجود أكثر من 3500 حالة عنف حصلت بين تلاميذ الابتدائي و13 ألف حالة في أوساط تلاميذ المتوسط، و3 آلاف في الثانوي، فيما اعتدى ما يقارب 5 آلاف تلميذ على أساتذتهم، والأخطر في القضية أن تلاميذ الابتدائي اعتدوا على 201 أستاذ، فيما اعتدى تلاميذ المتوسط على 2899 أستاذ، و1455 اعتداء حصلت من طرف الثانويين. كما سجلت الدراسة اعتداءات فيما بين الأساتذة لفظيا و جسديا 501 اعتداء، فيما وصلت حالات اعتداء الأساتذة على التلاميذ وفي مختلف الأطوار 1942 حالة. وحسب نفس النقابة فإنه تم تسجيل 40 بالمائة من التلاميذ لهم سلوكات عدائية، في حين أن 60 بالمائة من مجمل 8 ملايين تلميذ لهم تصرفات وأفعال عنف. المقبلون على " الباك" في مواجهة الإغماء والإسهال و البكاء أفادت رابطة حقوق الإنسان أن شهادة البكالوريا لا تزال تصنع الحدث في كل سنة، إذ تصاحب التلاميذ المقبلين على اجتياز هذا الامتحان المصيري، مخاوف عديدة تهز ثقتهم بأنفسهم وتصعّب عليهم مهمة المراجعة حيث يعيش تلاميذ المقبلون على امتحان البكالوريا على أعصابهم في انتظار امتحان الحسم، وأصافت" حسب حديثنا إلى بعض التلاميذ تبين أنهم يعيشون لحظات حرجة في هذه الأيام تتفاوت أعراضها من شخص إلى آخر"، منوهة بغياب الأخصائيين النفسانيين في المؤسسات التربوية من اجل التكفل بالتلاميذ المعرضين للمؤثرات. ودعت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان القائمين وزارة التربية، لتسخير أخصائيين نفسانيين من أجل التحضير النفسي للتلاميذ قبل أسبوع من إجراء الامتحانات، مطالبة الأولياء بالاهتمام بالجانب النفسي لأبنائهم بهدف مساعدتهم على التركيز وإكسابهم الثقة التي تمكنهم من إجراء الامتحان بدون خوف وإبعادهم عن كل ما يمكن أن يشتت تفكيرهم، محذرة بهذا الخصوص من الضغط العائلي الذي تمارسه العائلة على المترشح. "الانتحار"..شبح ينخر الأسر.. كشفت رابطة حقوق الإنسان عن تسجيل 10 حالات انتحار سنويا خلال الثلاث سنوات الأخيرة وسط التلاميذ، مرجعة أسبابه للرسوب المدرسي والتخوف من ردة فعل الأولياء الذين عادة ما ينتهجون أسلوب التهديد والوعيد مع أبناءهم حتى قبل نشر نتائج الامتحانات أو التحصل على كشوف النقاط وهو ما يجعل التلاميذ يقدمون على الانتحار، أو توليده لطاقة العنف المتفجر كنتيجة للإحساس بالغضب، موضحة" أكد باحثون في علم الاجتماع بأن أزيد من ثلاثة ملايين عائلة جزائرية تعتمد في تأديبها للطفل على العقاب الجسدي على غرار الضرب". الغش الجماعي في تفاقم مستمر رصدت الرابطة تنامي ظاهرة الغش في الامتحانات وتطوير أساليبها وارتفاع وتيرتها بنسبة وصلت الى 35 في المائة في السنوات الماضية، مشيرة إلى تصريح وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط في 2015 التي أكدت أنه تم تسجيل 456 حالة غش في امتحانات الباكالوريا، منتقدة عدم لجوء الوصاية إلى اجراء التحقيقات اللازمة حول الجهات التي تقوم بتسريب الامتحانات، واصفة الأمر ب" التسويق الإعلامي الرامي لذر الرماد على العيون"، داعية بهذا الخصوص للقيام بالإجراءات اللازمة وكشف المستور حول ظاهرة تسريب أوراق الامتحانات. ..من يسرب أسئلة الامتحانات؟ طرحت رابطة حقوق الإنسان عدة تساؤلات حول عمل اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة الوطنية بالقول"..هل فعلا السياسة التربوية الجديدة جاءت لتستجيب لطموحات الأمة ؟..هل فعلا إصلاحات "الجيل الثاني" التي تقوم به وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط تخدم الهوية الوطنية وفقا مبادئ إعلان أول نوفمبر 1954 ؟"، مستطردة"..أين هي خلايا الإصغاء والمتابعة النفسية والتربوية المنصبة على مستوى الثانويات والمتوسطات التي جاءت بها تعليمة تحت الرقم 300\0.0.3\15 موجهة إلى مدير التربية ومفتشي التربية والتكوين ومديري الثانويات والمتوسطات ؟..ومن هي الجهة التي تسرب الامتحانات بعد بدء الامتحان في أقل من نصف ساعة و ينشر في الموقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الالكترونية ؟.