يعتقد كولام لينتش المراسل الدبلوماسي لمجلة «فورين بوليسي» في الأممالمتحدة أن الخلافات بين روسياوتركيا حول الملف السوري لا تزال قائمة ولكنها خلف الأضواء.وفي تقرير نشرته المجلة جاء فيه أن عودة الأجواء الطبيعية في العلاقات بين البلدين بين فترة من التوتر سادت بسبب إسقاط الطيران التركي مقاتلة روسية دخلت لفترة قصيرة إلى الأجواء التركية في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 لا يعني طي صفحة من الخلافات القائمة بين البلدين.فرغم زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لسانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي واجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتحول في مسار العلاقات التي جاءت على خلفية الإنقلاب العسكري الفاشل في 15 تموز/يوليو وما نتج عن اللقاء من مبادرات جديدة وتوجه نحو بناء العلاقات من جديد إلا أن بوادر انفراج بين البلدين في الأممالمتحدة ليست واضحة في مجلس الأمن الدولي حيث انتهز السفير الروسي فيتالي تشيركن في نيويورك لقاء مغلقاً في الأسبوع الماضي وانتقد تركيا لسماحها بتدفق ما زعم أنها اسلحة وإرهابيين عبر الحدود التركية إلى سوريا وذلك نقلاً عن عن دبلوماسيين في مجلس الأمن.وقال لينتش إن معظم النقد الروسي الخاص لتركيا لم يتم التطرق إليه. ويعلق قائلاً إن النقد يؤكد التوتر المستمر والذي طبع علاقات البلدين منذ العام الماضي.كما تعكس تصريحاته كما يقول الخلاف العميق بين البلدين حول مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد الذي تدعمه روسيا مباشرة في مواجهته مع المعارضة السورية التي تدعمها تركيا. لهجة قاسية وبحسب دبلوماسي بارز فقد تحدث الروس في اللقاء بلهجة «قاسية» عن تركيا. وقال دبلوماسي آخر إن تصريحات تشيركن عكست «النقاش الروسي القديم» وهو أن تركيا هي المساعد الرئيسي للقوى الإرهابية التي ترغب في نقل المقاتلين والسلاح إلى داخل سوريا. وقال إن «تشيركن كان يتحدث عن كل هذه الأشياء التي تأتي عبر الحدود التركية ولا أحد يفعل شيئاً».ودعا تشيركن داعمي المعارضة السورية بمن فيهم الولاياتالمتحدةوتركيا لقطع علاقاتها مع بعض الجماعات المعادية للأسد. وقال الدبلوماسي الثاني إن ما كان يقوله تشيركن ببساطة «نحن لا نحب المعارضة فهل يمكن تغييرها؟».وبعد اللقاء المغلق حث السفير الروسي في مجلس الأمن أنقرة على إعادة النظر في موقفها المعارض من أي دور للأكراد السوريين في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية ودعاها للسماح لهم بالمشاركة في محادثات جنيف للسلام التي ترعاها الأممالمتحدة.وتتعامل تركيا مع حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي الذي تدعمه روسيا كجماعة إرهابية مرتبطة بحزب العمال الكردستاني (بي كي كي) ومع ذلك سمحت الخارجية الروسية له في شباط (فبراير) بفتح مكتب تمثيلي له في العاصمة موسكو. وفي الوقت نفسه أقامت الولاياتالمتحدة علاقات مع حزب الإتحاد الديمقراطي وفرعه العسكري قوات حماية الشعب لمواجهة تنظيم «الدولة».وكان تشيركن قد تحدث في 9 آب/أغسطس الحالي للصحافيين مخاطباً تركيا وضرورة ضم الأكراد لمحادثات السلام لأنه يخدم السيادة ووحدة الأراضي السورية. ومع اعترافه بوجود عوامل معقدة في تفكير تركيا إلا أنه يرى حاجة لحل المشكلة بشكل سريع، أي السماح للأكراد بالمشاركة بالمفاوضات.والمشكلة أن تركيا لا تعترف بالأكراد كجزء من المعارضة السورية الرسمية وإن كانوا سيلعبون دوراً فيجب أن يكون ضمن وفد النظام السوري. تجاوزنا العقبات ولكن اللقاء بين الرئيسين عبد الطريق أمام عودة العلاقات رغم الخلاف في الملف السوري. وينقل الكاتب عن سفير تركيا في الأممالمتحدة يسار خليل شفيق قوله «نقوم بتجاوز عقبة كبيرة في المرحلة الأخيرة من علاقاتنا». مضيفاً أن البلدين يحتفظان بتقاليد للعمل معاً حتى في ظل خلافها حول ملفات أخرى «حتى لو لم نكن نتفق على كل شيء» وأن حكومتي البلدين لديهما «رغبة متبادلة» في عودة العلاقات من جديد.ويعلق أندرو تابلر الخبير في السياسة الأمريكية تجاه سوريا قي معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ان تصريحات تشيركن تعكس إمكانية عدم رأب الخلافات بين بوتين وأردوغان حول الكيفية التي يجب التوصل فيها لحل الأزمة السورية القاتلة. تعاون أمريكي- روسي وفي هذا السياق أشارت تقارير إلى تعاون أمريكي- روسي لمواجهة الجماعات الإرهابية بما فيها جبهة النصرة (غيرت اسمها جبهة فتح الشام) وتنسيق أفضل في مجال المعلومات الأمنية. وبحسب دبلوماسيين في مجلس الأمن فالمحادثات بين البلدين لم تثمر بعد.وكان ثاني أبرز دبلوماسي روسي في الأممالمتحدة، فلاديمير صفرنوكوف قد هاجم الولاياتالمتحدة في جلسة غير رسمية عقدت الإثنين الماضي واتهمها بأنها لم تف بوعودها وتحديد الجماعات السورية المعتدلة التي يجب استثناؤها من الهجمات الجوية.وقال في 8 آب/أغسطس أن لا تقدم حدث «فلا زلنا لا نعرف أين هي المعارضة المعتدلة». وفي المقابل يخشى الأمريكيون من استخدام الطيران الروسي المعلومات ويستخدمها لضرب المعارضة الشرعية.وبعيداً عن الخلافات الأمريكية – الروسية إلا أن لتركياوروسيا نفوذاً في المسألة السورية، فيمكن لأنقرة الحد من تدفق السلاح والمقاتلين للمعارضة من جهة وتستطيع روسيا الحد من قدرة أكراد سوريا على توسيع نفوذهم وقوتهم في سوريا من جهة أخرى.وهذه مقايضة صعبة وحتى تتحقق يجب على الروس وقف دعمهم للأكراد السوريين الذين ترى فيهم واشنطن القوة الأكثر فعالية في الحرب ضد تنظيم «الدولة».وعلى أردوغان القبول ضمن هذه الصيغة ببقاء الأسد أو شخص آخر من النظام تقبله روسيا، وهي «برشامة» من الصعب عليه بلعها في ضوء دعواته المستمرة لخروج الأسد من السلطة. وينقل عن ريتشارد غوان، الخبير في شؤون الأممالمتحدة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قوله إن بعض النقد الروسي لتركيا صحيح خاصة أن الأخيرة لم تعبر عن رغبة في السنوات الماضية بضبط حدودها. وقال إن تشيركن «مصيب» و»الحقيقة هي أن تركيا لن تقوم بإغلاق كل الطرق التي يستخدمها المتطرفون لنقل الرجال والسلاح إلى سوريا». وأشار لينتش إلى أن الرئيس التركي هو الذي بادر في اتجاه إعادة العلاقات مع روسيا عندما كتب فيها رسالة إلى بوتين عبر فيها عن أسفه لإسقاط الطائرة الروسية العام الماضي.ويقول دبلوماسيون إن روسيا ردت بتخفيف الهجمات ضد تركيا في ملفات غير سوريا. ففي كانون الثاني/يناير وفي ذروة الأزمة بين البلدين انتهز الروس فرصة تجديد مهمة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في قبرص وشجبت انتهاك تركيا للمجال الجوي للجزيرة الصغيرة، لكن الدبلوماسيين الروس لم يقولوا شيئاً عندما تم تمديد مهمة الوحدات في تموز/يوليو بعد رسالة أردوغان لبوتين. لا يريدون تحمل المسؤولية وفي سياق متصل اعترفت روسيا بالأزمة الإنسانية التي تعاني منها مدينة حلب المحاصرة والتي يعيش فيها مليونا نسمة على طرفي النزاع وأن وقف إطلاق النار لمدة ثلاث ساعات يومياً لا يكفي، مما يفتح الباب أمام مدة أطول.واقترحت تصريحات روسية بقرب اتفاق مع الأمريكيين لتنسيق الحرب ضد تنظيم الدولة في حلب. وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» أن جهداً من هذا القبيل سينقل التعاون إلى مستوى جديد بين البلدين اللذين يطمحان للخروج من هذه الحرب التي مضى عليها أكثر من خمسة أعوام والتي يدعم فيها الروس والأمريكيون أطرافاً متنازعة.وتضيف الصحيفة أن التطورات الاخيرة تقترح رغبة روسية بتجنب تحمل المسؤولية عن معاناة مدينة حلب التي تحولت من مركز للتجارة والنشاط الصناعي في سوريا إلى ساحة حرب استراتيجية لكل الاطراف.وكانت المعارضة السورية قد نجحت في الأسبوع الماضي بفك الحصار الذي فرضته القوات التابعة لحكومة دمشق والمدعومة من ميليشيات إيرانية والطيران الروسي ومنعتها من عزل المقاتلين في شرقي المدينة.وفي الوقت نفسه واصل الطيران الروسي غاراته والنظام قصفه المدفعي مخلفاً وراءه قتلى وجرحى. وعبر محللون في الِشأن السوري عن شكهم في إمكانية تعاون بين البلدين. ونقلت عن جوشوا لانديز، الخبير في سوريا بجامعة أوكلاهوما قوله «لا يمكنني رؤية كيف سيجد الروس والأمريكيون أرضية مشتركة في حلب». وأضاف أن «الروس ربما حاولوا اللعب في الوقت وحرف الانتباه عن تداعيات غربية وإقليمية محتملة».وتعلق الصحيفة أن الروس والأمريكيين يدعمون جماعات مختلفة إلا أن الطرفين يتفقان في قضية هزيمة تنظيم الدولة. وتتعاون واشنطنوموسكو في المجموعة الدولية لدعم سوريا والتي تعمل منذ ثلاثة أشهر على خلق الظروف لبدء المحادثات السلمية.وفي هذا السياق قدم أرون ديفيد ميللر مقابلة مع روبرت مالي ، مستشار الرئيس الأمريكي باراك أوباما في «فورين بوليسي» قيم فيها سياسة الرئيس الأمريكي في الشرق الأوسط وما هو شكل المنطقة حيث لم يتبق سوى ستة أشهر على نهاية ولاية أوباما الثانية.وأجاب على عدد من المحاور أهمها النقد الموجه للإدارة حول سياستها تجاه الحرب السورية حيث تم توجيه النقد الحاد للرئيس الذي كان عليه التدخل عسكريا، فيما اتهم اعداء الإدارة بأنها تثق بطريقة عمياء بالروس.ويرد مالي أن لا أحد لديه معرفة بالطريقة التي تطورت فيها هذه المأساة ولن يرضى أحد عن أي جهد فالحقيقة هي «أننا لم نكن متأكدين إن كان العمل العسكري في سوريا سيؤدي لنتائج جيدة أو سيئة أو فيما إن كان سياعد أو يعيق الحرب ضد الإرهاب».ويرى مالي أن أهداف الإدارة الرئيسية كانت في هذه المرحلة هي تخفيف مستوى العنف بين النظام والمعارضة وتحديداً ضد المدنيين وهزيمة تنظيم «الدولة» و»جبهة النصرة» والتقدم نحو عملية انتقال سياسي من نظام الأسد. ويرى أن هذه الأهداف متداخلة، فطالما استمر عنف النظام/ المعارضة وطالما ظل يقوم بعمليات قصف لا ترحم ولا تحيّد المدنيين فمن الصعب تعبئة القدرات المحلية أو التركيز على قتال تنظيم «الدولة».وبدون عملية سياسية تحظى بمصداقية فمن الصعب تخفيف مستوى العنف أو مواجهة جاذبية الجماعات الجهادية. ومن هنا فقد تركزت جهودنا الدبلوماسية مع الروس على تحقيق هذه الأهداف. الروس ودورهم وعندما سأله ميللر إن كان الأمريكيون يعولون على الروس. أجاب «لا، نحن لا نعول عليهم، بل نحن نمتحنهم عبر دبلوماسية شديدة وفيما إن استطعنا التقدم نحو تسوية تنهي العنف ضد الشعب السوري وتحقيق الإنتقال الذي يحفظ المؤسسات ويمنع الفوضى وهزيمة الجماعات الإرهابية».وأضاف «كما تعرف فقد توصلت الإدارة إلى تفاهم مع الروس في شباط/فبراير من أجل وقف الأعمال العدائية مما أدى لفترة لوقف العنف في مناطق عدة من البلاد وقاد لزيادة توزيع مواد الإغاثة الإنسانية للسوريين المحتاجين» ولكن الأمور عادت الى ما كانت عليه بعد انهيار الإتفاق خاصة في حلب واللاذقية.والسبب كما يقول هو استمرار النظام السيطرة على مناطق وضرب المدنيين بالبراميل المتفجرة. فيما استمرت جبهة النصرة في محاولات تقويض الإتفاق.وقال مالي إن تفاهما مع الروس يتم النقاش حوله ويقوم على إعادة اتفاق وقف الأعمال العدائية للعمل من جديد، ولكن على قاعدة أكثر تشدداً وبقيود واضحة حول استخدام القوة الجوية بالإضافة لزيادة الجهود لضرب تنظيم «الدولة» و»جبهة النصرة» وتشكيل صيغة سياسة للحل تقوم على أفكار نتوقع سماعها من ستيفان دي ميستورا مبعوث الأممالمتحدة. لا يريدون انهيار البلاد وأضاف أن الروس عبروا عن عدم معارضتهم عملية الإنتقال السياسي في سوريا ولكنهم يريدون تجنب وضع لا تنهار فيه مؤسسات الدولة أو تتمزق بشكل يسمح للجهاديين السيطرة عليها.وأكدوا على أهمية احترام وقف الأعمال العدائية دون السماح للنصرة الإستفادة منه. ويقول مالي إن الولاياتالمتحدة توافق على الرأي الروسي وأن ما تقوم بعمله هو في مصلحتها من ناحية نهاية الغارات الجوية ضد المدنيين والمعارضة وزيادة الهجمات ضد تنظيم الدولة والنصرة. ورغم وجود شكوك حول النوايا الروسية إلا أنه قال «لو لم يعن الروس ما يقولون أو لم يقوموا بدفع النظام ليعمل ما يجب عليه عمله فإننا لم نضح بأي شيء، فالدعم للمعارضة سيتواصل ولن ينتصر النظام»، وهذه نتيجة ليست في مصلحة الشعب السوري لأن الحرب ستظل مستعرة.كما أنها ليست في مصلحة الروس الذين سيتورطون في حرب طويلة، فكلما طال أمد الحرب زادت روسيا من استثمارها فيها بشكل يصعب عليها الخروج منها.وعن تقديم الأسلحة النوعية والكمية للمعارضة السورية، يعلق مالي «صحيح أن سوريا في حال أحسن بدون الأسد لكنها لن تكون أحسن حالاً لو قامت جماعات راديكالية بتوسيع سلطتها».وعن مصير الأسد سأل ميللر مالي عن جدوى خطاب الإدارة الداعي لخروجه وخطوطها الحمر. رد المسؤول الأمريكي مدافعاً عن موقف الإدارة وعن كيفية تحقيق أهداف الخط الأحمر وهو تفكيك الترسانة الكيماوية دونما عمل عسكري. الدفاع عن أوباما وجاءت المقابلة محاولة من ميللر لعرض معضلة أوباما وأن الدفاع عن سياساته في الشرق الأوسط مهمة ليست سهلة هذه الأيام. فهناك منظور لترك الشرق الأوسط في وضع أسوأ مما كان عليه، عندما تولى مكتب الرئاسة قبل سبعة أعوام ونصف.ويقول ميللر إن إدارة أوباما في النهاية ليست مسؤولة عن الفوضى في الشرق الأوسط رغم التردد الذي شاب مواقفها.فما يجري هو صورة عن منطقة محطمة وغاضبة وعاجزة تمر في مرحلة من الإضطرابات وتتسم بدول فاشلة أو في طريقها إلى الفشل وقادة ومؤسسات غير قادرين على توفير الإصلاحات الضرورية لإصلاحها مثل الحكم الشامل الرشيد والمحاسبة والشفافية واحترام حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين.وبالنسبة لنقاد الإدارة فما يرونه ما هو سوى غياب القيادة والتخلي عن المسؤولية وسياسة خارجية تحاول استرضاء الأعداء، فمن الإتفاق النووي مع إيران إلى العلاقات مع إسرائيل والسعودية إلى تحديات تنظيم الدولة إلى سياسة أوباما التي تحاول تجنب المخاطر في سوريا جعلت الكثير من الناس في الولاياتالمتحدة والمنطقة غير راضين. الدفاع عن مصالح أمريكا وأكد مالي أن سياسة أمريكا في الشرق الأوسط مرتبطة بأولوية الرئيس وهي حماية أمريكا وأمنها وأمن مواطنيها. فعندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط فهذا يعني منع انتشار سلاح الدمار بين الدول واللاعبين غير الدول ومواجهة الجماعات الإرهابية التي تهدد الولاياتالمتحدة وتجنب الأفعال التي تعرض الأمريكيين للخطر.وعليه يجب الحكم على أداء الإدارة ضمن هذا المعيار. وذكر أنه عندما تولى أوباما السلطة كانت القوات الأمريكية في العراقوإيران تواصل تطوير برنامجها النووي. وبناء على الخيارات التي اتخذها الرئيس والتي عكست المصالح القومية الأمريكية فالمنطقة يبدو انه مسيطر عليها.وقال إن الولاياتالمتحدة لا يمكنها تقرير مصير المنطقة رغم مسؤولياتها تجاهها والدور المركزي الذي تلعبه فيها. فرغم محاولة القوى الخارجية تشكيل الشرق الأوسط والتأثير عليه إلا أن السياسة المحلية لديها القول الفصل في تحديد مصيره.ومن هنا يرى أن الولاياتالمتحدة كما يشير التاريخ يمكنها تحقيق أهداف واضحة مثل دفع العملية السلمية في المنطقة وإخراج القوات العراقية من الكويت عام 1991 والتوصل لاتفاق مع إيران يمنعها من الحصول على السلاح النووي، إلا أن التاريخ يعلمنا أيضا دروساً مهمة حول محدودية القوة عندما يتعلق الأمر بتحديد مسار ومصير دول الشرق الأوسط ومجتمعاته.وقال إن أهم دافع للإنتفاضات العربية هو الطموح الشعبي لحكم الذات والكرامة والأصالة. وعليه فمن الصعوبة بمكان كيف يمكن للتدخل الأجنبي أن يؤثر على هذا. وأي تدخل عسكري يجب أن يكون متجذراً في واقع المنطقة وإلا فسيترك تداعيات سلبية وهناك سوابق عدة عن محاولات فاشلة من التدخل الغربي في المنطقة. واقع المنطقة والمصالح الأمريكية وعن الكيفية التي يمكن للولايات المتحدة حماية مصالحها في المنطقة. يرى أنه يجب النظر بشكل موسع لواقع المنطقة التي تعيش نزاعات بين شعوب غاضبة على الحكام وجماعات اثنية وطائفية وحروباً إقليمية بين قوى ترغب بالتأثير على المنطقة كما في النزاع الإيراني السعودي. وأدت هذه النزاعات لفوضى ومناطق خارجة عن السيطرة والى استقطاب طائفي وحروب بالوكالة. وزاد من وقودها ظهور الجماعات الإرهابية مثل تنظيم «الدولة». كما أن النزاعات الطائفية والإثنية قادت بعض الدول تجاهل القضية الأولى وهي هزيمة الإرهاب من أجل تحقيق أجندات أخرى.ومن هنا فالولاياتالمتحدة بحاجة لتحديد الأهداف الصحيحة بدون أن تقود الأمريكيين إلى حرب ذات آثار غير واضحة وتؤدي لترددات سلبية بين اللاعبين المحليين بشكل تزيد الأمر سوءًا.ومن هنا تحتاج الولاياتالمتحدة في محاولاتها منع انتشار السلاح النووي ومكافحة الإرهاب ومعالجة النزاعات والإستقطاب الطائفي وغياب الحكم الصالح إلى فعل موازنة. ويشير للإتفاق النووي مع إيران والأسلحة الكيميائية السورية حيث تم تحقيق هذين الأمرين عبر دبلوماسية متعددة الوجوه. إيران وعندما سأل ميللر مالي عن التوتر الذي خلقه الإتفاق النووي مع حلفاء أمريكا التقليديين: إسرائيل والسعودية وبقية دول الخليج، رد بأنه لا يجب التقليل مع المخاوف السعودية أو الإسرائيلية، ولكن يجب النظر للسيناريو البديل وهي إيران نووية. فمن الصعب رؤية خليج وإسرائيل آمنين في ظل هذه الظروف. وأضاف مالي تحدياً آخر وهو العثور على طرق لمعالجة المصادر التي تخلق التهديدات التي نواجهها وهذا يعني التصدي للمناخ الذي تنتعش فيه الجماعات الإرهابية: حروب سوريا واليمن وليبيا والمناطق الخارجة عن السيطرة والعسكرة والطائفية وحروب الوكالة السعودية/ الإيرانية وقضايا الحكم وغياب المحاسبة وانتهاكات حقوق الإنسان. وفي كل هذا هناك مدى معين تستطيع أمريكا القيام به ولهذا السبب استثمرت في تحقيق السلام في سوريا واليمن وليبيا. ولهذا السبب تحاول خلق ظروف تستأنف فيه المحادثات بين العرب والإسرائيليين والفلسطينيين وتخفيف التوتر بين إيران وجيرانها العرب.