عبّر الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن عدم تفاؤله «بما سيحدث في سوريا على المدى القصير»، معتبراً في تصريحات على هامش قمة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ «إيبك»، أن «الدعم الروسي والإيراني مكّن الرئيس السوري بشار الأسد من إضعاف المعارضين لنظامه خاصة في شرقي حلب». ولم تكن تصريحات أوباما الذي سيغادر البيت الأبيض بعد شهرين مشجعة للمعارضة المسلحة التي تعاني منذ أشهر من ضربات الطيران الروسي وطيران النظام، إذ لفت الرئيس الأميركي إلى عدم قدرة المقاتلين السوريين على الصمود لفترة طويلة. القوى الوكيلة وبحسب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» أعده هيو نيلور، فإن «المقاتلين الشيعة ساهموا وعلى مدى الحرب الأهلية التي مضى عليها أكثر من خمسة أعوام بدعم الجيش السوري الذي أضعف بسبب الانشقاقات وهروب الجنود ومقتلهم في ساحات المعركة. ويلعبون اليوم دوراً مهماً في تنسيق الهجمات الجوية على حلب الشرقية والتي يشنها طيران النظام أو تلك التي تقوم بها الطائرات الروسية الحليف الآخر لنظام دمشق». وطبقاً للمصدر ذاته، فإن «النظام شن هجوماً بدعم من الطيران الروسي على الجزء الجنوبي من حلب والذي زاد من جحم الدمار والرعب في المدينة التي كانت كبرى المدن السورية قبل الحرب». الميليشيات الشيعية تقوم بدور قوي بشكل عزز من تأثير إيران في سوريا، وهو ما أدى لقلق حتى الحكومة السورية، وفق فيليب سميث، الخبير في شؤون الميليشيات الشيعية بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى. وقال سميث : «إنهم يقومون بإنشاء قوة على الأرض لتظل بعد الحرب حتى تتمتع بقوة عسكرية وأيديولوجية نيابة عن إيران في سوريا». وأضاف: «الأسد لا يستطيع فعل أي شيء للحد من تأثير هذه الجماعات وحتى لو كان المسؤولون السوريون قلقين حول هذا لأن الميليشيات تساعد على منع نظامه من السقوط». وليست هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها إيران الجماعات الشيعية. وتمثل طهران معضلة للولايات المتحدة فمن جهة تقاتل ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق، وهو العدو المشترك، ومن جهة أخرى تقوم بضرب الجماعات المعارضة للأسد والتي تدعمها واشنطن عسكرياً وإن بشكل محدود. مواجهة وحذر محللون من إمكانية مواجهة بين إيران وروسيا على المدى البعيد. وأدى تأثير إيران في سوريا لحرب بالوكالة مع منافستها الإقليمية – السعودية. ومهما يكن فوجود الميليشيات مهم للتأثير الإيراني، ففي حالة سقوط ما تبقى من حلب فذلك سيحرف الميزان لصالح طهران. وستكون بمثابة ضربة للسعوديين الذين دعموا المقاتلين السوريين عندما اقتحموا مدينة حلب عام 2012. ويرى الباحث فواز جرجس، الباحث في مدرسة لندن للإقتصاد أن «هزيمة المقاتلين في حلب ستكون بمثابة نقطة تحول حيث سيطر الأسد على أهم المراكز الحضرية في سوريا. وستكون نكسة للجهود السعودية في منافستها لإيران حيث ستؤدي إلى زيادة تأثيرها في سوريا بدرجة كبيرة». ويبين نيلور، في تقريره أن «مهمة المقاتلين الشيعة لا تقتصر على محاصرة الجزء الشرقي وفرض أزمة نقص في الطعام والدواء ولكنهم يقومون بإرشاد الطيران الروسي وطيران حكومة دمشق على الأهداف والتي لم تترك مدرسة أو مستشفى ولا مؤسسة عامة». ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم مجموعة «فاستقم» زكريا المفلحجي، قوله عن المقاتلين المحاصرين بأنهم «يقاتلون بعاطفية ويشاركون في هجمات منسقة بشكل جيد».ولم يظهر النظام السوري أي إشارة لتخفيف حصاره عن المدينة رغم الجهود التي قام بها ستيفان دي ميستورا، المبعوث الدولي لسوريا والذي اجتمع مع وليد المعلم، وزير الخارجية السورية حيث رفض الأخير مقترحاً لانسحاب المعارضة من حلب الشرقية مقابل عودة الهدوء. مواقف متناقضة وينبع موقف النظام المتشدد من حلب من التطورات الأخيرة في أمريكا والتي أدت لفوز المرشح الجمهموري دونالد ترامب. وقدم هذا الأخير سلسلة من الإشارات المتناقضة حول الاستراتيجية السورية والتي أكد فيها على ضرورة قتال تنظيم «الدولة الإسلامية». وفي مقاربة أعدها مايكل ويس، بموقع «ديلي بيست» جاء فيها، إن «مواقف ترامب متناقضة بدرجة جعلت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الطامح لعلاقات جيدة مع الولاياتالمتحدة يتراجع». ويشير الكاتب، للمكالمة التي أجراها ترامب مع بوتين، وتباحثا فيها بعدد من القضايا، منها سوريا. وكيف تسلم رجل الأعمال الملياردير الذي أصبح رئيساً رسالة «جميلة» من بوتين المسؤول عن قتل مدنيين في السنة التي أرسل فيها طائراته إلى سوريا أكثر مما قتل من تنظيم «الدولة»، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وبين الكاتب أن «رؤية ترامب لمحاربة تنظيم الدولة تقوم على بعد دعائي. إذ إن التنظيم اهو المشكلة الوحيدة التي تعاني منها المنطقة العربية، وعليه فهي الاهتمام أمني. ومن هنا أخبر ترامب «وول ستريت جورنال» أنه لا يثق بالمعارضة الذين دربتها البنتاغون وال»سي آي إيه ويؤمن بدلاً من ذلك بالجيوش التي تقوم بقتلهم، لصالح تنظيم الدولة». وعلق الكاتب على طريقة كلام ترامب عن سوريا التي تقاتل تنظيم «الدولة»، بأنه (ترامب) ينسى أو بالضرورة لا يعرف أن هذه ال»سوريا» هي التي أمر ديكتاتورها المخابرات بإرسال المقاتلين من القاعدة إلى العراق لقتل الجنود الأمريكيين والتي لا تزال تشتري النفط من تنظيم الدولة. وأضاف أن «المخابرات الأمريكية لم تقم بإجراء موازنة بين سياسة الأرض المحروقة التي تتباها رروسيا وإيران والنظام وبين موجات المهاجرين السوريين إلى أوروبا، فهذه الموجة تعتبر من أكثر الهجرات تأثيراً على الاستقرار منذ الحرب العالمية الثانية والتي يعتقد ترامب مخطئاً أنها من صنع تنظيم الدولة وليس صديقه المستقبلي بشار الأسد الذي سارع بالترحيب بتصريحات الرئيس المنتخب». وتابع «بالتأكيد سيرحب بوتين والأسد بإعادة ترتيب وضع الدولى العظمى الأولى في العالم ودمجها بفلك دمشق – طهران – موسكو، وهو المحور الذي يلوم ترامب الرئيس باراك أوباما بتقويته، ويتعهد بالعمل معه في المجال الجيوسياسي كأمر واقع فيه بشكل يجعل من الولاياتالمتحدة الضامن الأخلاقي لجرائم الحرب التي ترتكبها الترويكا».