هل تثير طموحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للحصول على صلاحيات دستورية حالة إنقسام داخل أوروبا ومع تركيا. يرى المعلق سايمون تيسدال أن الاندفاع القوي لأردوغان لتوسيع صلاحياته لا تعرف الحدود وطالت حتى البقر.وقال في مقال نشرته صحيفة «أوبزيرفر» إنه في ذروة الحرب الكلامية بين تركياوهولندا حول منع الأخيرة مسؤولين أتراكاً من المشاركة في تجمعات لحث أتراك الشتات الأوروبي على التصويت بنعم في الاستفتاء المزمع عقده في 16 نيسان/إبريل قالت جمعية اللحوم الحمراء التركية إنها ستطرد 40 بقرة من نوع «هولستين فريسيان» المعروف في هولندا.ومثل الدبلوماسيين الهولنديين لم تعد تركيا ترحب بالبقر ولا اللحم الهولندي الأصل. مشيرًا إلى أن الخطوة تدعو إلى الضحك لو لم يكن السياق السياسي جديًا. فقد أخذ أردوغان حملته للاستفتاء إلى أبواب أوروبا الغربية التي يعيش فيها أربعة ملايين تركي.وخلق بهذا أزمة في العلاقات التركية الأوروبية التي تتخمر منذ سنوات. ومن هنا جاء منع هولندا للأتراك تنظيم مناسبات لدعم الاستفتاء ولم تسمح لوزير الخارجية ووزيرة شؤون الأسرة بالتواجد ورد أردوغان بحدة واصفاً الخطوة بأنها تعبير عن النازية الحديثة.عندما اتبعت ألمانيا الخطوة نفسها اتهم أردوغان المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بمعاداة الإسلام ومنح الإرهابيين الملجأ. والأمر نفسه مع الدنمارك وسويسرا التي تعيش فيهما مجتمعات تركية كبيرة.يعتقد الكاتب أن المواجهة الكلامية القبيحة ليست مفاجئة وهي تغلي تحت السطح منذ فترة طويلة خاصة بعد انتخابات عام 2015 عندما خسر حزب العدالة والتنمية الحاكم الأغلبية المطلقة في البرلمان وهي التي حقق فيها حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد نتائج جيدة رحبت بها الدول الأوروبية. الحامي وينتقد الكاتب أردوغان بقوله إنه يحاول توسيع سلطاته الديكتاتورية وإقناع الأتراك بأنه وحده القادر على حماية الجمهورية التركية.ومع أن الكثيرين يجمعون على نجاح أردوغان في المرحلة الأولى من حكمه إلا أن الكاتب هنا يرى ان الرئيس التركي ومنذ عام 2003 حيث تولى السلطة كرئيس للوزراء وقدم نموذجه «القومية الإسلامية المحدثة» أصبح وبشكل متدرج متطرفاً و»اقتصارياً».ويقوم أردوغان باللعب على الخوف التركي التاريخي من التدخل الخارجي. ويرفع والحالة هذه «ورقة الدين» واضعاً المسلمين الأتراك في مواجهة مع أوروبا المسيحية. وبعد خروج الرئيس باراك أوباما من البيت الأبيض تحولت أوروبا إلى منطقة يمارس فيها أردوغان هجماته.وهاجم يوم الخميس أوروبا المسيحية في حملته الانتخابية في سكرايا حيث هاجم قرار محكمة العدالة الأوروبية السماح لأرباب العمل بمنع النساء من إظهار «الرموز الدينية» مثل الحجاب. وتساءل «أين الحرية الدينية؟» مشيراً إلى أن أوروبا بدأت حرباً بين الهلال والصليب «أقول بوضوح إن أوروبا تتجه نحو الأيام التي سبقت الحرب العالمية الثانية». وسخر من انتصار مارك روتا، رئيس الوزراء الهولندي ضد منافسه المعادي للإسلام غيرت ويلدرز مؤكداً أن انتصاره جاء على حساب خسارته لتركيا كدولة صديقة. مبررة ورغم انتقاد الكاتب لأردوغان إلا انه يرى أنه وبعيداً عن الحرب الكلامية والتشفي فالغضب التركي عميق وليس بدون أسباب، فقد اشتكى أردوغان كثيراً من تأخير الاتحاد الأوروبي طلب بلاده الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وهو طلب الآن غارق في الماء والذي عرقلته ولمدة طويلة كل من فرنساوألمانيا. ويقول الرئيس التركي الآن إن بلاده ليست في حاجة لأوروبا. كما عبر أردوغان عن غضبه من عدم وفاء أوروبا بتعهداتها منح مواطنيه حرية الحركة في أوروبا بدون تأشيرة بعد توقيعه مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل اتفاقاً عام 2015 للحد من تدفق المهاجرين السورين إلى أوروبا. وفي يوم الجمعة رفضت وزارة الداخلية ترتيبات محدودة للدخول وهددت بإلغاء الإتفاقية جملة وتفصيلاً.وتضم قائمة مظالم أردوغان انتقاد الأوروبيين له بانتهاك حقوق الإنسان ومعاملته للأكراد وهجماته الأخيرة على حرية الإعلام بما ذلك سجن صحافي يعمل لدى الصحيفة الألمانية «دي فيلت». ومع اقتراب موعد الاستفتاء فمن الواضح أن أردوغان يبحث عن أي ذخيرة يدعم بها رؤيته.وفي المقابل فإن نظرة أوروبا للوضع لا تسر فهي تعاني من آثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومن صعود دونالد ترامب وضعف محور اليورو وتشعر بالقلق من صعود الجماعات الشعبوية التي تهدد المؤسسة الحاكمة من يمين ويسار الوسط والإنتخابات المقبلة في فرنساوألمانيا، فدول الاتحاد الأوروبي ليست في وضع لمواجهة منافس قوي ولا يهتم مثل أردوغان. الماضي العثماني ونقلت صحيفة «صنداي تايمز» عن حفيدة السلطان عبد الحميد الثاني، نيهان عثمان أوغلو دعمها للرئيس رجب طيب أردوغان وخططته لتوسيع صلاحياته الدستورية. وقالت «من أجل تركيا قوية وتركيا تقرر اختيار مسارها، سأقول نعم في الاستفتاء». وعبرت الأميرة البالغة من العمر 30 عاماً عن دعمها للاستفتاء في فيديو نشر على «تويتر».وتعمل في مجال بيع العباءات العثمانية الحريرية والخناجر المزركشة وتقوم بجولات لدعم حملة «نعم»، وقد برزت بين أكبر المشجعين للرئيس أردوغان وحزبه «العدالة والتنمية». ونقلت الصحيفة عن ريان غينغيراس، المحاضر بالتاريخ العثماني والتركي في الكلية البحرية للدراسات العليا في كاليفورنيا «إن الحصول على الدعم العائلة الملكية يؤكد رواية حزب العدالة والتنمية بأنه وارث للعثمانيين».مشيراً إلى أن الحكومة راغبة جداً «بتأكيد هذه الهوية». وترى عثمان أوغلو أن النقد الذي يوجهه الغرب لأردوغان وحكمة الأتوقراطي أمر مهين. فمثل أجدادها الذين شكوا بنوايا الغرب ومحاولته تقسيم الإمبراطورية العثمانية هناك الكثير من الاتراك يعتقدون أن بلدهم يتعرض للهجوم من قبل القوى الخارجية لتدمير الروح الوطنية للبلد. وقالت «نحن الأتراك نحب بلدنا ونقدره فوق كل شيء ونظهر له الولاء حتى العبادة» و«أنت في حاجة لأن تكون تركيا حتى تفهم هذا الولاء». أهداف طويلة وفيما يتعلق بالأزمة التركية الأوروبية الوضع في سوريا حيث لم تعد أوروبا ولا أمريكا لديهما النفوذ أو السيطرة على مسار الأزمة. ومن هنا يرى ان نيكولاس بلانفورد في تقرير نشرته «كريستيان ساينس مونيتور» حلل فيه تحديداً الطموحات الإيرانية في سوريا، ذلك أن طهران ساعدت على دعم نظام بشار الأسد معتمدة على وكلائها، تخطط لبقاء طويل في هذا البلد الذي دخلت فيه الحرب عامها السابع. ويقول بلانفورد إن إيران أنفقت ملايين الدولار لدفع الاقتصاد السوري وأرسلت آلافاً من المتطوعين الشيعة جمعتهم من دول مختلفة تمتد من باكستان وأفغانستان إلى العراق ولبنان. ويقول محللون إن نجاح إيران حول سوريا لساحة رئيسية إن أرادت الولاياتالمتحدة مواجهة النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.