بعد تنحي رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، عن رئاسة الحزب الحاكم عقب صراع مع الرئيس رجب طيب أردوغان، بات الاتفاق الأوروبي بشأن المهاجرين الذي تم توقيعه مع الاتحاد الأوروبي في مهب الريح. فداود أوغلو نجح خلال الفترة الماضية في توقيع اتفاق مع المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، إلا أن رحيله يمهد لتنامي سلطوية نفوذ أردوغان في البلاد، إضافة إلى تعرض ميركل لردة فعل سياسية قوية في الداخل. ويقضى الاتفاق بإعادة المهاجرين الذين وصلوا إلى اليونان بعد 20 مارس قادمين من تركيا ما لم يكونوا قد قدموا طلبات لجوء في اليونان أو إذا تم رفض طلباتهم. وفي المقابل، يستقبل الاتحاد الأوروبي آلاف المهاجرين السوريين من تركيا مباشرة ويقدم لأنقرة المزيد من الأموال ويعجل النظر في السماح بدخول مواطنيها لدول الاتحاد دون تأشيرة، كما يتم تسريع المفاوضات المتعلقة بانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. ففي بداية الاتفاق، استجاب أردوغان بهدوء للاتفاق، إلا أنه لا يزال يعارض إدخال تعديلات وإصلاحات على قانون مكافحة الإرهاب وقوانين مكافحة الفساد في تركيا، والتي يطالب بها الاتحاد الأوروبي في الاتفاق. وقالت ميركل، في وقت سابق في العاصمة الإيطالية روما، إن "أنقرة يجب أن تفي بالمعايير المحددة التي تم الاتفاق عليها، بما في ذلك إدخال تعديلات جوهرية على قانون مكافحة الإرهاب لضمان الحريات المدنية وللحفاظ على المسار الصحيح للاتفاق". وأوضح مسؤول في الاتحاد الاوروبي:"أردوغان سيكون جدا حكيما لرمي هذا من النافذة وأعتقد أن هذا هو الآن مسألة المساومات. وقال إنه يعتقد أنها 50 غرفة تملص في المائة، والباقي هو كل ذراع المصارعة ". ويرى سنان أولغن، وهو دبلوماسي تركي سابق في مركز كارنيغي أوروبا للأبحاث، أنه "يجب تمرير الإصلاحات في الوقت المناسب وهو قبل يونيو القادم وإلا سيكون تطبيق الاتفاق بعيد المنال". من جانبه، يرى أردوغان أن علاقة داود أوغلو الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي تعد تهديدا له على الصعيد الداخلي. ويقول مسؤولون أتراك إن الرئيس التركي غضب من صور داود أوغلو أثناء مرافقته لميركل وزعماء الاتحاد الأوروبي أثناء زيارة مخيمات اللاجئين في مدينة غازي عنتاب قبل أسبوعين، معتبرا إياها محاولة لتقليص صورته على الساحة الدولية . وفي الأثناء، عبر سياسيون من الائتلاف الحاكم في ألمانيا، عن قلقهم بعد تنحي داود أوغلو، معتبرين أن قراره يمهد الطريق أمام أردوغان ليحكم بشكل مطلق. وقال مسؤول بالحزب الديمقراطي الاشتراكي، إن أردوغان سيتمكن الآن من المضي قدما في خططه لتعديل الدستور دون أي معارضة من رجال حزبه. كما عبر مسؤول بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي تتزعمه ميركل عن قلقه من تنحي داود أوغلو، قائلا إن تركيا ستقرر بنفسها ما إذا كان مسارها المستقبلي سيقود إلى أوروبا أو إلى مزيد من العزلة. سبب تنحي داود أوغلو ويعود سبب تنحي داود أوغلو إلى قرار اللجنة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية التي أقرت انتقال سلطة تعيين مسؤولي الحزب الحاكم في تركيا من رئيس الوزراء إلى الحزب نفسه، في خطوة تمثل تقليصا لسلطة الحكومة وتعزيزا لنفوذ الرئيس رجب طيب أردوغان. وتعد هذه الخطوة أحد أقوى الدلائل حتى الآن على التوتر بين أردوغان، الذي يريد رئاسة ذات صلاحيات تنفيذية في تركيا، وبين داود أوغلو الذي سيتم تهميشه في حال تغيير النظام البرلماني للبلاد. ويحكم حزب العدالة والتنمية تركيا منذ 14 عاما، وهو مؤسسة متجانسة أسسها أردوغان، ويتهم المنتقدون الرئيس بالتصرف بطريقة سلطوية على نحو متزايد، وهي تهمة ينفيها أردوغان. وبموجب الدستور تعين على أردوغان قطع علاقته بحزب العدالة والتنمية عندما أصبح رئيسا في أغسطس 2014، بعد أن ظل رئيسا للوزراء لأكثر من 10 سنوات، لكنه لا يزال يتمتع بولاء شديد في الحزب ويسعى للحفاظ على نفوذه.