يشهد التعليم الديني للأطفال وحفظهم آيات كتاب الله الكريم إقبالا خلال العطل المدرسية بولاية غرداية، واقتناعا منهم بأن حفظ القران الكريم وكذا تعلم المبادئ الإسلامية تشكل العوامل القاعدية والأساسية للتعليم الديني وتنمية هوية وشخصية أطفالهم يلح الأولياء على أطفالهم من أجل حضور أقسام التعليم القرآني. ويعتبر المرور عبر أقسام التعليم القرآني المعروف محليا بالمحاضرة أو أكربيش أو أعزام بالنسبة للأطفال لاسيما خلال فترات العطل المدرسية بمثابة تحصينهم وحمايتهم من الآفات الاجتماعية كما أكده عمي بكير أحد أعيان منطقة غرداية، "مهما طال سننا لا نزال إلى اليوم نحتفظ في ركن من ذاكرتنا ذكريات حول أول دخول لنا في الأقسام القرآنية، كما يوضحه عمي بكير. وتحصي الولاية ما يفوق 600 قسم للتعليم القرآني و33 زاوية و222 مدرسة قرآنية (تابعة للمساجد) موزعة عبر تراب الولاية وذلك من أجل استقبال الأطفال خلال موسم الصيف الجاري، وتوفر هذه الأقسام التعليمية المعتمدة أغلبها من طرف مديرية الشؤون الدينية بإشراف من معلم أو طالب مسجد دروسا في التعليم وتلاوة سور القرآن من خلال بيداغوجية مبنية أساسا على قدرة استيعاب ذاكرة الطفل. ويقوم هؤلاء الأطفال جالسين على الأرض في حلقة نصف دائرية حاملين ألواحا خشبية مستطيلة بمقبض مثلث الشكل في إحدى حوافه مصقولة ومملسة تسمى "اللوحة", وكذا أقلام مصنوعة من القصب ومحبرة بنقل وكتابة آيات من القران الكريم على ألواحهم يمليها عليهم مدرسهم، وقد عرف هذا النوع التقليدي من التعليم خلال السنوات الأخيرة بعضا من التحديث من خلال إدخال ألواح بيضاء سحرية تسمح للطفل من الكتابة عن طريق قلم لباد آيات من القران الكريم وفور حفظها يقوم الطفل بمحيها بممسحة لكتابة مرة ثانية آيات أخرى. إنها عملية تساعد في تفادي توسيخ ملابسنا "الملابس", كما أشار إليه طفل أتم ترديد آيات من كتاب الله. ويتابع بالرغم من الأيام الشديدة الحرارة التي تجتاح منطقة غرداية حاليا أزيد من 50 ألف طفل -حسب إحصائيات مديرية الشؤون الدينية- دروس في التعليم وحفظ آيات كتاب الله بإمكانيات بسيطة في حصتين يوميا واحدة بعد صلاة الصبح والتي تمتد إلى غاية التسعة صباحا وأخرى بين صلاتي العصر والمغرب، وتعرف هذه الأعداد من الأطفال الذين يتابعون التعليم القرآني في هذه الأقسام ارتفاعا لاسيما مع عودة سكان المنطقة خلال فترة العطلة إلى الولاية, استنادا لمدير الشؤون الدينية الحاج محمد أمير عبد القادر. ويرى العديد من أرباب العائلات بأن هذه الأقسام الخاصة بالتعليم القرآني تشكل إطارا مثاليا ومكانا آمنا لوضع الأطفال وملئ أوقاتهم خلال فترة العطلة من أجل إبعادهم عن المخاطر التي يحملها الشارع، وتعرف هذه الدروس "المفيدة" خلال العطل والتي تسمح للأطفال بمعرفة سور القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وكذا القواعد السلوكية في الدين الإسلامي إقبالا لدى أولياء الأطفال الذين يواصلون إرسال أبنائهم والمشاركة في بناء المدارس القرآنية بجميع وسائل الراحة بما فيها الداخليات، ويعتبر العديد منهم هذه الأقسام كفضاءات تساعد الأطفال في مسارهم الدراسي من خلال إنعاش ذاكراتهم وتمكينهم من إتقان اللغة العربية أيضا. وتحصي ولاية غرداية 267 مسجد من بينها 127 مسجد كبير تقام بها صلاة الجمعة بالإضافة إلى 33 زاوية وحوالي 600 قسم للتعليم القرآني تمكن من استقبال أزيد من 70 ألف تلميذ.